دكتور أحمد فرحات يكتب : مشاعر إيناس الفولاذية

دكتور أحمد فرحات يكتب : مشاعر إيناس الفولاذية
دكتور أحمد فرحات يكتب : مشاعر إيناس الفولاذية
تفاجئنا إيناس رضا هلال بمشاعر فولاذية لتدخلنا في صراع ثنائية الرجل والمرأة من جديد، كنا ظننا أننا استوفينا حق هذه الثنائية لكن إيناس تفجر من جديد هذه الثنائية الفضفاضة . الرجل –الأب- يرغب في الزواج بعد موت زوجته، الابنة تعترض، ترفض، لكنها تقبل على مضض بشروط. 
يتسلل الصراع الأزلي بين الرغبة والواجب، بين مشاعر الأنوثة، والواجب المجتمعي، الابنة زوجة سجين سياسي، ربما يطول غيابه، أو لا يطول، لكنها أنثى ترى والدها لا يستطيع العيش بلا امرأة، وهي امرأة وقعت في شرك الغياب، فالموت والسجن والمرض والسفر كلها غيابات تؤرق المرأة، وتقلق حياتها. الرجل والمرأة قطبان يمثلان الإنسانية، فالكاتبة تتخذ من هذه الثنائية موضوعا قصصيا تلهب به المشاعر، وتؤجج العواطف، وتنسج على منواله قصة قصيرة مفجرة للطاقات الإيجابية، وتؤثر في المتلقي تأثيرا واضحا. 
ترمي إيناس رضا هلال من طرف خفي أن القطب الأضعف، المرأة، يمتلك أسلحة مدمرة، فهي تمتلك الأنوثة، ولا تخفى علينا ما تفعله الأنوثة الطاغية في المرأة والرجل على حد السواء، لكنها إذا تعرضت لشيء يتماس مع أنوثتها فإنها تتمالك، وتستند على حائط قوي، تتجمد الدموع في العين، وتكسر المرآة التي رأت فيها أنوثتها، في محاولة منها لوأد مشاعر خبيثة تتسلل إليها من هنا أو هناك. إنها تمتلك سلاح التحكم في هذه المشاعر الطاغية، وتسيطر عليها بشكل أو بآخر. والسلاح الأقوى التي تمتلكه المرأة غير كبت المشاعر هو سلاح الأمل، الأمل في الغد، فزوجها يساندها بعدم مجاراتها في مشاعر الحب، ويحاول أن يشغلها بالدراسة وتنمية الذات. 
تدرك إيناس أن ثنائية القطب الذكوري والقطب الأنثوي يجب أن يتكاملا، ولا يتعارضا، فإن اصطدما فإن النتائج سيئة وغير مرضية لكلا الطرفين، لذا تتأهب لامتلاك سلاح التكامل في مواجهة الصعاب خشية الاصطدام المباشر، أو غير المباشر. 
تبدو لنا إيناس رضا هلال أنها تميل إلى قطبها الأنثوي، في مقابل القطب الآخر، فرسمت صورة غير مثالية له، الأب يرغب في الزواج، الزوج يقتل المشاعر الجميلة. فالقطب الذكوري صورة مشوهة، وهي تحاول أن ترسم صورة شبه متكاملة للقطب الأنثوي. 
القصة جرئية، قوية، سريعة، ملغمة، فلا تقرأ بحيادية، وفقت الكاتبة في كتابتها إلى حد بعيد. لولا أن اللغة التي كتبت بها لغة رقمية، اعتمدت في كتابتها على طريقة لغة التواصل الاجتماعي(كلمة الفون-بانيو-ههههههه- آااااااااه- يا الله يا ااااااا رب) 
كان يمكنها الاتكاء على اللغة السردية الفصيحة، فاللغة تمتلك مقومات التعبير عن هذه الانفعالات، ولها في القدرة التعبيرية عند عظماء من كتب القصة القصيرة من المبدعين أسوة.  
هناك بعض الهنات اللغوية في القصة، كان يجب أن تنتبه إليها، فمرة قالت إخوانها، وأخرى رددت أخوتها في التعبير عن إخوانها أو أخواتها فوقع المتلقي في حيرة وتردد: هل هم ذكور أم إناث؟