محمد لواتي يكتب : الجزائر..التدحرج صوب الاصغاء

محمد لواتي يكتب : الجزائر..التدحرج صوب الاصغاء
محمد لواتي يكتب : الجزائر..التدحرج صوب الاصغاء
 
    دعني أقول لك، إن الأحداث غالبا لا تأتي متسرعة، وإن بدت غير ذلك، ذلك أنهاهي بدورها تخضع لعامل التكراروليس لعامل المصادفة،فانهيار مؤسسة ماهو نتاج خلل طارئ،وقد يكون موصولا بالتأسيس الأولي لها، أما أن يأتي هكذا فجأة ومن دون سابق إنذار فأظن أن ذلك لن يحدث إلا عند الكوارث الكبرى التي لا تنتظر حسابات ، ولا حسابات من أي مصدر يأتي في مصادرها الخاص والعام.وإذا تشكلت لديناهذه القناعة فإنه وقتها يمكننا فهم الواقع بمنظوره المستقبلي...إن تفعيل الواقع هو أيضا يحتاج إلى فكرفاعل يأخذبالمنطلقات الأقرب إلى الحقيقة في الاحتمالات ، طالما أن الواقع ذاته يخضع إلى هذه الاحتمالات ما لم تكن الحوادث فيه مؤكدة مسبقا،والذي يتولى التسييرمفترض فيه فهم هذا المنطق، والأخذ باستمرار بقاعدة افتراض الخطر تجنبا للوقوع فيه، أما أن يتحول المسير ذاته إلى احتمال مستمر لممارسة الخطأ وتركه مع ذلك في مكانه، فإن ذلك يعد ضربا من الممارسات المتجددة للوهم وسوء الإدراك للكوارث التي قد تأتي وتمس مصالح الأمة بالأساس في ظروف مثل ظروف الأزمة التي عاشتها البلاد في العشرية السوداء، كان من المفترض أن تلعب ثقافة الدولة بواسطة ممثليها دورا رائدا، دورا يضع الأمل ويعيد الثقة إلى الناس في بعضهم البعض، لا أن تلعب ثقافة الخطأ وربما الثقافة التحريفية في إعادة الإنسان الى نقطة السؤال من الظالم فيها ومن المخطئ..؟والسياقات التاريخية تؤكدعلى ذلك..وأظن أنك معي- إذا قلت لك بأن العالم كله ودون استثناء مر بأزمات حادة وأحيانا دموية وخرج منها بالبديل،في الغرب أخذ بالبديل الديمقراطي وفي بعض الدول الأخرى أخذت ببديل الانقلابات العسكرية.وفي البعض الآخربالبديل التصالحي في انتظار توفر الظروف لانتقال النظام مما هو عليه إلى بديل يلبي إماالتعددية، وإماالتوافقية بين الآراء،والقوى المكونة للمجتمع، فالبرتغال مثلا أخذت البديل مما عرف بثورة الورود،وفرنسا أخذت بما يعرف بالثلاثي "الحرية، المساواة،حقوق الإنسان"،وما تشهده موريتانيا مثلا حاليا هو ضد البديل الذي ينشده شعب موريتانيا، لكنه في النهاية لن يخلص إلا لبديل يضع الأحداث في سياقها التاريخي، حتى وإن ظلت نزعة الانقضاض على السلطة هو أحد الوجوه التي يتمسك بها دعاة الانقلاب..ولكن من المفيد تصور الأحداث بنتائجها لا بالمواقف المضادة لها، فالتضاد في الساسة لا يؤدي إلا إلى المزيد من الأزمات فضلا من التواري فيها لكل ماهو ممكن ومتاح،لحظتها،لتسويتها وفق معالجة تكون بدورها صانعة للحدث، ومعرضة للفرص الضائعة...حين نهضت الهند من غفوتها بما كانت تعيشه من تناقضات عقائدية معيقة للتحرك خارج مضمونها نهضت بفعل عامل التاريخ الذي أعاده زعيم الهند "نهرو" إلى جغرافية الإنسان ومساحة العقل فيه..لقدفهم لعبةالتاريخ ولعبة الجغرافيا أيضا فأحدث منهما البداية للثورة الملونة خارج منطق ما يحيط بالهند من تواطؤ غربي واستعماري هو بقايا عصورالسقوط العقلي ويمكن إسقاط هذا القول على دولة باكستان، أين خرج الزعيم الراحل محمد علي جناح من الإسراف في بقايا الماضي إلى الحاضر ثم المستقبل،،وباكستان الآن هي على مشارف معالم الحضارة بأبعادها التكنولوجية والفكرية... أليس هذاهومنطق التصورالجدي لمحتويات العصر،وفق طلبات العصرنةذاتها..وبالتأكيد نحن نريد هذا المنطق قصد الانطلاقة نحو أسس المستقبل، وقواعد التجديد فيه لاإلى الالتفاف حول أبواق منظمات سياسية أو مدنية هي بالأساس أسست لصناعة الكلام المتهافت وخدمة مصالحها على حساب خزينة الدولة. نعم هناك مؤسسات تحترق من أجل إظهار منطق قوة الدولة والفضيلة فيه ولا يهمها غير ذلك، وهي بالتالي موجودة على سطح الأحداث قصد تسخيرها نحو فهم العمق الداخلي للأمة، وما يتطلبه هذا العمق من وصفات علاجية تخلصه من نوائب الفعل غير الواعي و غير الأخلاقي.. منظمات ارتبطت بمفهوم ثقافة البناء، وبالرغم الهامش الذي هي فيه لأسباب مادية أو لاعتبارات سياسية لكن هل هذا يكفي لإعادة الواقع إلى ما هو مطلوب بتوافق ونظرتنا إلى المستقبل أم أن الأمر يحتاج إلى هزات داخلية تعيد الوعي الى طبيعة الفعل المؤثر في الأحداث هذا هو السؤال المهم في نظري، وأظنك تريد خلاصة رأي فيه وفيما يمكن أن ينتج عنه والمدى الذي يمكن أن يأكله من حيث البداية والنهاية ...؟ 
نحن إذن ، أمام هذه التحولات أخذنا مسلك الوئام ليس بين الجزائريين فحسب و لكن مع الشعوب المحيطة بنا ، و لكن ليس بمنطق الاسترخاء , بل بالعين المفتوحة على الأحداث والخفايا التي تجري هنا وهناك .. في هذا الصدد تقول برقية سرية تحت ( سري للغاية) أرسلتها وكالة المخابرات الأمريكية من ليببا إلى وزيرة خارجية أمريكا سابقا "هيرالي كلينتون" ''أن أعين المخابرات الجزائرية على دراية كاملة بالأحداث ، فيما يتصل بتحرك الإرهاب ، و المدعمين له ، و أنها تحصنت عبر حادثة عين اميناس ما يكفي لمعرفة الأحداث وكيفية مواجهتها، وهي تعمل بطريق سري للغاية ، و لا تتطلع عليها حتى بعض الأجهزة الغربية و العربية التي تتعامل معها ..'' هي إذن في مواجهة الأحداث استباقيا , و لكن بعيدا عن الضجيج السياسي , واعتقد أن ذلك كان كافيا لدرك الخطر الإرهابي ، سواء الممول من دول معادية ، أو من منظمات إسلامية تدعي الوصاية على الدين كالوهابية وحكام بني سعود وهي تجهل أصوله و مبادئه ، لذلك فاني أؤكد هنا أن الذين يتصدون بالإشاعة للانتخابات هم مجرد أناس ضاعت من بين أيديهم بوصلة التاريخ وترهلت ذاكرتهم أمام موجات الأحداث المتسرعة التي يعرفها العالم ، و ما تحمله هذه الأحداث من مخاطر إذ مروا على قراءتها قراءة استرخاء ، لا قراءة واعية.. أن من ابسط الأفكار أن تتهم الآخرين ممن لا يحملون نفس الرؤية التي تؤمن بها ، و لكن من الصعب أن تقر بالخطأ الذي أنت عليه ، و إن كان الإقرار هو بداية الفهم ،والمسبحة الحقيقية التي تعبد بها ربك ، يجب إن تكون متبوعة بما ترمز إليه و في الحديث الشريف "كلكم خطاؤون , و خير الخطاءين التوابون" .. نعم السياسة مصالح و لكن ليس بين أطراف داخلية ،لان الداخل مصالحه متكاملة ،و من الواجب أن يكون الكل متصالح معها لا متناقض معها ، هذا المنطق ليس بديلا عن المناصب السياسية ، بل هو جزء من شجرتها المتعددة الأفنان والثمار . ذلك أن أي رؤية لا تأخذ مصالح الواقع الذي نحن نرتكز عليه هي رؤية منافية لمفهوم الصالح العام , وقائمة على تشعبات سياسية تأخذ من المنصب السياسي جدولا خاصة محفوفا بالمخاطر على حامله ، و الذين يقع عليهم العبء أثناء التطبيق , من المهم أيضا , الأخذ بمعيار الواقع و ما يفرزه هذا الواقع خلال عمليات الفرز النهائي لصناديق الاختراع، لقد كان "جورج بوش" كما يقول "بيلر" أسوا رئيس للولايات المتحدة الأمريكية ، بل إن هناك الكثير من الباحثين و السياسيين الأمريكيين من شكك أصلا في صحة نجاحه في الانتخاب ،وإن المحكمة أحاطته بالنجاح لأسباب مشبوهة كما يؤكدون ، و مع ذلك نصب رئيسا ،وكانت الأخطاء القاتلة التي حصلت في عهده أسوا الأخطاء في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية... أن الانزلاق نحو الإشاعة ، إعلامية كانت ،أو غير إعلامية ، هو ليس مجرد انزلاق قابل للإصلاح ، انه بالتأكيد ، خطيئة لا يمكن صد توابعها إلا لسنوات عدة ، وأي مجتمع تصيبه هذه الإشاعة لن يكون بمنآي عن الانفجار، وهذا ما حدث للولايات المتحدة الأمريكية ،حيث جندت الإعلام لتزوير الحقيقة فيما يخص جزيرة "القرم" فأصابها الاغتيال السياسي ،هي قسمت السودان تحت التهديد العسكري ، والحصار الاقتصادي و حاولت تقسيم سوريا و جهزت لذلك ترسانة إعلامية من الأكاذيب ، لكنها ترفض اليوم استقلال جزيرة "القرم" رغم إدارة الشعوب فيها والانتخابات التي تمت بها بإرادة حرة .. هذه الأخطاء تعاني منها اليوم ، و التي فضحت سياستها ليس على المستوى الخارجي ، بل و على المستوى الداخلي ،ادعت حقوق الإنسان و حاربت بها دولا , إلى أن جاء "سنودن" العميل السابق لوكالة الأمن الأمريكي , فكشف المستور وأضحت أمريكا عارية أمام العالم كله.