د. شاهيناز المؤانس تكتب : اللغة العربية من اللغات الخالدة

د. شاهيناز المؤانس تكتب : اللغة العربية من اللغات الخالدة
د. شاهيناز المؤانس تكتب : اللغة العربية من اللغات الخالدة
اللغة العربية من اللغات الخالدة التي لا تنتهي مع مرور الزمان، وذلك حسب بعض الدراسات التي قامت بها جامعة برمنجهام، الانجليزية فقد قامت بأجراء بعض الأبحاث على بعض اللغات الأساسية التي توجد في العالم، وهل تلك اللغات ستظل موجودة الى الابد؟ ام انها ستختفي كما اختفت الكثير من اللغات في الماضي .
مما لا شك فيه أن القوي المسيطرة في العالم من حولنا تتعدد من قوي مادية تتمثل في القوة العسكرية والإحتلال وبسط السيطرة والنفوذ على البلدان وجعل لغة البلد هي لغة المنتصر ,بل وإجبار السكان الأصليين على التخاطب بلغة المحتل، كما حدث في أمريكا مع الهنود الحمر -وهم  السكان الأصليين للبلاد،- وأيضا كماحدث مع الإمبراطورية الرومانية،,وكذلك المستعمرات البريطانية في إفريقيا واسيا، 
وأما القوة المعنوية فهي تتمثل في قوة اللغة نفسها وبلاغتها وجزالتها وجمال ألفاظها وتفوقها أدبيًا أو علميًا أو دينيًا، أو كلها مجتمعة...فمثلًا اللغة الفرنسية تفوقت على غيرها من لغات أهل الغرب في أدبها حتى كادت أن تصبح لغة الغرب الأدبية لغزارة مفكريها وأدبائها,واللغة الإنجليزية قد تفوقت على أقرانها علميًا فأصبحت لغة العالم العلمية,واللغة اللاتينية والتي أصبحت أشبة ما تكون اللغة الدينية للمسيحيين...
وأما اللغة التي أجتمعت فيها كل هذه الأمور هي اللغة العربية فقد تفوقت على غيرها من اللغات في البلاغة والأدب وإذا ذهبنا نتتبع تاريخ اللغة العربية ونحوها وصرفها وقواعدها وكلماتها وتراكيبها فسوف نكتشف أن نحوها وصرفها وقواعدها وأساليب التراكيب والاشتقاق فيها ثابتة لم تتغير على مدى ما نعلم منذ آلاف السنين، وكل ما حدث أن نهرها كان يتسع من حيث المحصول  اللغوي والكلمات والمفردات كلما اتسعت المناسبات، ولكنها ظلت حافظة لكيانها وهيكلها وقوانينها ولم تجرِ عليها عوامل الفناء والانحلال أو التشويه والتحريف، وهو ما لم يحدث في اللغات الأخرى التي دخلها التحريف والإضافة والحذف والإدماج والاختصار، 
  وكانت اللغة العربية  حتى زمن -ليس ببيعد - لغة العالم العلمية وكانت وما زالت لغة الدين لكل العرب والمسلمين على إختلاف جنسياتهم وتباين لغاتهم الأصلية،فتجد العربي القح الضارب في البداوة يتكلم العربية ويستعملها في القيام بالفرائض والواجبات الإسلاميةووكذلك تجد المسلم الأدونيسي والإيراني والباكستاني والهندي والإفريقي,والدين كونه يمس شفاف القلوب ويسمو بصاحبه روحيًا جعل منه الدافع والوازع في تعلم اللغة العربية والإقبال عليها بل والإبداع فيها,وتاريخ الأمة العربية يحفل بعلماء اللغة العربية من أصل غير عربي ,وجعل من العرب على إختلاف لهجاتهم يتألقون في دراسة اللغة العربية الفصحي وبلاغتها والتفاني في صونها وحمايتها وحمل لوائها في كل الأمصار. من أهم ميزات اللغة العربية ظاهرة الاشتقاق حيث يمكن اشتقاق نحو ثلاثين كلمة ترجع إلى أصل واحد ،و أن مايكتب موافق لما ينطق الا استثناءات لاتذكر كألف التفريق وألف هذا.
 والحق أن أهم مايميز العربية أنها لغة القرآن الكريم حيث خاطب الله البشرية بها،ولا  تصح العبادات إلا بها
ويغفل الكثير عن إدراك جمالها وحسن بلاغتها وتذوق نكهتها ، ليس بسبب ضعفها وقلة فضلها وتخلفها عن سائر اللغات بل بسبب رغبة أهلها عنها وتنكرهم لها لأنهم لا يجيدونها - إلا من رحم الله - وأصبحت اللغات الأخرى محببة إليهم أكثر وأصبحنا نرى في أسواق العرب الأسماء الغربية والأعجمية على واجهات المحلات وأبواب الشركات التي فقدت هويتها العربية ولم تحسن اختيار اسم يناسبها من هذه اللغة الثريةو الغنية بالأسماء والمعاني والدلالات.
يمكننا أن نقسم مكانة اللغة العربية الى قسمين:
1.مكانتها في العصر الجاهلي وما قبل الإسلام
2.مكانتها في العصر الإسلامي,وفي شقي العالم(الشرق والغرب(الأندلس).
مكانة اللغة العربية في العصر الجاهلي:
لم تكن للغة العربية قبل الإسلام أي مكانة عالمية أو أثرا ملحوظاً؛ إلا أنها كانت بين أهلها أوسع وأكبر وسيلة إتصال وكانت لها مكانة في نفوسهم حتى أنهم أقاموا أسواقًا للشعر يتفاخرون ويتبارون فيها ويتبادلون فيها الخبرات وكل ما هو جديد من شعر او نثر او خطابة، وأشهر أسواق العرب في الجاهلية حتى ظهور الإسلام سوق عكاظ، وسوق ذي المجاز، وكان لهم حكام يفصلون بين المتنافسين، من أشهرهم (النابغة الذبياني) محكم الشعراء وقاضيها  أشعر الشعراء   كانت تدق له قبة حمراء من أدَم فيحكم بين الشعراء. والشاعر(  أكثم بن صيفي) ( وحاجب بن زرارة ) (والأقرع بن حابس) ( وعامر بن الظَّرِب) ( وعبد المطلب وأبو طالب ) (وصفوان بن أمية )وغيرهم
و.مكانة اللغة العربية في العصر الإسلامي:
بعد أن انتشر الإسلام وجاءت الفتوحات الإسلامية تترى ودخل غير العرب في الإسلام إتسع إستعمال اللغة العربية بين أفراد الأمة الواحدة,وأصبحت هي اللغة الوحيدة آداة للتواصل  والمفضلة للتخاطب وبفعل العقيدة الإسلامية والأحكام الشرعية تربعت اللغة العربية على عرش اللغات وتوجّت عليها ملكًا ثم أصبحت لها مكانتها في نفوس الأمة وتقلدت الصدر في العلم والأدب والسياسة وكل مرافق الحياة أكثر من عشرة قرون من الزمن دون منازع ,وهذا ما لم يحصل للغة من قبل.
اللغة العربية لها مميزات لا توجد في باقي اللغات فإستأثرها الله سبحانه وتعالى في تنزيل القرآن فأنزل القرآن بلسان عربي مبين,يقول الله تعالى:" بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ"
 وتشعرك اللغات في معظم ألفاظها وكأن أصلها  اللغة العربية  فكلمة  "كهف" فأجدها:
في الإنجليزية (cave)
وفي الفرنسية (cave)
وفي الإيطالية (cava)
وفي اللاتينية (cavus)
 
هناك دراسة أكاديمية وفتح جديد في علم اللغويات تستحق صاحبته القاء الضوء والاشادة الدراسة تحت عنوان   
  "اللغة العربية أصل اللغات".. والكتاب باللغة  الانجليزية وصاحبة الدراسة الأستاذة الدكتورة  ( تحية عبد العزيز إسماعيل)  متخصصة في علم اللغويات
قضت قرابة  عشر سنوات تنقّب وتبحث في الوثائق والمخطوطات والمراجع والقواميس؛ لتصل إلى هذا الحكم القاطع..والكتاب- يعد -ثروة أكاديمية وفتح جديد في علم اللغويات يستحق أن يلقى عليه الضوء، وأن يقيّم وأن يأخذ مكانه بين المراجع العلمية المهمة.
وأول ما يلفت انتباه القارئ ؛ الجداول الملحقة بالمقال ويلاحظ الألفاظ المشتركة بين اللغة العربية والإنجليزية، وبين العربية واللاتينية، وبين العربية والأنجلوساكسونية، وبين العربية والفرنسية، وبين العربية والأوروبية القديمة، وبين العربية واليونانية، وبين العربية والإيطالية، وبين العربية والسنسكريتية، ليشهد هذا الشارع العربي المشترك الذي تتقاطع فيه كل شوارع اللغات المختلفة، وهذا الكم الهائل المشترك من الكلمات رغم ما يفصل بيننا من قارات ومحيطات  
واستندت علي هذه العوامل المشتركة علي أن  اللغة العربية هي المنبع، وإن جميع اللغات كانت  وروافد وتستند علي ادعائها ؛ هو اتساع  اللغة العربية وغناها وضيق اللغات الأخرى وفقرها النسبي؛ فاللغة اللاتينية بها سبعمائة جذر لغوي فقط، والساكسونية بها ألفا جذر! بينما العربية بها ستة عشر ألف جذر لغوي، يضاف إلى هذه السعة سعة أخرى في التفعيل والاشتقاق والتركيب- كما قلت آنفا-.. ومن الطبيعي أن يأخذ الفقير من الغني وليس العكس، ومن الطبيعي أن تأخذ اللاتينية والساكسونية والأوروبية واليونانية من العربية، وأن تكون العربية هي الأصل الأول لجميع اللغات،  وأنا  ما   يمتاز به الحرف العربي.،هو أن الحرف العربي بذاته له رمزية ودلالة ومعنى.. فحرف الحاء مثلا نراه يرمز للحدة والسخونة.. مثل حمى وحرارة وحر وحب وحريق وحقد وحميم وحنظل وحريف وحرام وحرير وحنان وحكة وحاد وحق..
بينما نجد حرفا آخر مثل الخاء يرمز إلى كل ما هو كريه وسيئ ومنفر، ويدخل في كلمات مثل: خوف وخزي وخجل وخيانة وخلاعة وخنوثة وخذلان وخنزير وخنفس وخرقة وخلط وخبط وخرف وخسة وخسيس وخم وخلع وخواء..
) ففي الانجليزية مثلا لفظ Tallأما بالنسبة للكلمات( طويل والتشابه بين الكلمتين في النطق واضح، ولكنا نجد أن اللفظة العربية تخرج منها مشتقات وتراكيب بلا عدد (طال يطول وطائل وطائلة وطويل وطويلة وذو الطول ومستطيل.. إلخ، بينما اللفظ الإنجليزي Tall لا يخرج منه شيء.
ونفس الملاحظة في لفظة أخرى مثل Good بالإنجليزية وجيد بالعربية، وكلاهما متشابه في النطق، ولكنا نجد كلمة جيد يخرج منها الجود والجودة والإجادة ويجيد ويجود وجواد وجياد... إلخ، ولا نجد لفظ Good يخرج منه شيء!
ثم نجد في العربية اللفظة الواحدة تعطي أكثر من معنى بمجرد تلوين الوزن.. فمثلا قاتل وقتيل وفيض وفيضان ورحيم ورحمن ورضى ورضوان وعنف وعنفوان.. اختلافات في المعنى أحيانا تصل إلى العكس كما في قاتل وقتيل، وهذا التلوين في الإيقاع الوزني غير معروف في اللغات الأخرى.. وإذا احتاج الأمر لا يجد الإنجليزى بدا من استخدام كلمتين مثل Good & Very Good للتعبير عن الجيد والأجود.
نستطيع أن نؤلّف بالعربية جملا قصيرة جدا مثل "لن أمضي" ومثل هذه الجملة القصيرة يحتاج الإنجليزي إلى جملة طويلة ليترجمها فيقول I shall not go ليعني بذلك نفس الشيء؛ لأنه لا يجد عنده ما يقابل هذه الرمزية في الحروف التي تسهل عليه الوصول إلى مراده بأقل كلمات.
وحدّث ولا حرج عن غنى اللغة العربية بمترادفاتها حيث تجد للأسد العديد من الأسماء؛ فهو الليث والغضنفر والسبع والرئبال والهزبر والضرغام والضيغم والورد والقسورة..
ولكن (المؤلفة) لم  تكتف بالسند الديني، وإنما تقوم بتشريح الكلمات اللاتينية والأوروبية واليونانية والهيروغليفية، وتكشف عن تراكيبها وتردّها إلى أصولها العربية.