المنتجب علي سلامي يكتب : الفاسدون

المنتجب علي سلامي يكتب : الفاسدون
المنتجب علي سلامي يكتب : الفاسدون
الفاسدُ في وطننا الغالي ليس فقط صاحب عربة الفول أو العرانيس او ألعاب العيد البلاستيكيّة على الأرصفة القاسية....
وليس فقط المسكين الراكع أمام بساط ممزّق، يعرض عليه ألواناً من السلع الشعبيّة الرخيصة، أو كومة خضار أو ثياب بالية ليبيعها للمساكين من أمثاله......
والفاسدُ ليس فقط معلّم المدرسة المتسوّل على أبواب الدروس الخصوصيّة، أو المعلّم الهارب من الذلّ في المراقبة الامتحانيّة والسجن واللهب واحمرار المقلتين في مراكز التصحيح......
الفاسدُ ليس فقط من يقطع بعض أغصان شجر البراري ليحمي عياله أو أمّه العاجزة أو أباه الشيخ المريض من الموت برداً في شتائهم الكالح الظالم......
الفاسدُ ليس فقط العسكريّ الذي يتأخّر عن الالتحاق بقطعته بضع ساعات بسبب مصاعب السير وغلاء أجور النقل عبر المحافظات....
الفاسد ليس فقط من يدفع بضع مئات ليطعم بعض الموظفين كي لا يموت حسرةً ويُصاب بالسكتة القلبيّة أمام مكاتبهم صاحبة الفم الواسع....
وليس فقط الشرطيّ البعيد عن بلده المرميّ في غبار الشوارع وجهنّمها عندما يشحذ الأوراق النقديّة المهترئة.....
وليس فقط السائق العموميّ الذي باع كلّ مايملكه ليشتري سيّارته الخارجة من القبر والذي يجبر أن يدفع المعلوم لهذا الرجل المروريّ كي لا تُحجزَ سيّارته العريقة لأيّام تضمن له ولعائلته الفقر والدين والجوع......
الفاسد ليس فقط المعلّم المناضل في مدارسنا عندما يصفع تلميذاً أرهقه وأهانه وسبّب له جلطةً بعد أشهر من الصبر عليه وعلى أهله.....
الفاسدُ ليس فقط من استصلح أمتاراً في أرض جرداء في أوديتنا التي لايزورها إلّا الطيور والثعالب والضباع، ليجعلها حقلاً مزروعاً يؤمّن منه حفنة طعام لأسرته.........
فإذا أردتم القبض على الفساد فمنابعه المتدفّقة هي دوائرنا الرسميّة المحصّنة........
أمّا إذا أردتم حقّاً القبض على الفاسدين المتفوّقين فما عليكم إلّا أن تقتحموا المنتجعات المزركشة بالفخامة، والفنادق المرصّعة بالنجوم والحوريّات، والمطاعم الطاووسيّة، والقصور الشامخة، وحفلات ألف ليلة وليلة ،والجامعات الذهبيّةالخاصّة ، والمطارات الفاتحة قلوبها للهاربين من خدمة العلم .