على الرغم من الهدنة الإنسانية التى تقترب من الأسبوع فى غزة، وإتمام اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن بين إسرائيل وحماس، إلا أن الحرب الإسرائيلية على غزة لا تزال تلقى بظلالها على الداخل الأمريكى، ويتضح يوما بعد يوم مدى الانقسام الذى أحدثته تلك الحرب ليس فقط على المستوى الجماهيرى، وإنما حتى داخل أبرز المؤسسات سواء الخارجية الأمريكية أو وكالة الاستخبارات المركزية CIA.
فقد نشرت مسئولة كبيرة في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية صورة مؤيدة لفلسطين على فيسبوك بعد أسبوعين من هجوم السابع من أكتوبر، فيما وصفته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية بأنه بيان سياسي علني نادر لضابط استخبارات كبير حول الحرب التي أثارت انشقاقًا داخل إدارة بايدن.
وقامت نائبة مدير وكالة المخابرات المركزية للتحليل بتغيير صورة غلافها على الفيس بوك في 21 أكتوبر إلى صورة رجل يلوح بالعلم الفلسطيني الذي غالبا ما يستخدم في القصص التي تنتقد إسرائيل. وقررت صحيفة فايننشال تايمز عدم ذكر اسم المسئولة بعد أن أعربت وكالة المخابرات عن قلقها بشأن سلامتها.
واعتبرت الصحيفة أن نشر صورة سياسية علنية على منصة عامة يعد خطوة غير عادية للغاية بالنسبة لمسئول استخباراتي كبير. ويأتي ذلك مع تصاعد التوترات داخل الإدارة حول ما إذا كان ينبغي للرئيس جو بايدن ممارسة المزيد من الضغوط على إسرائيل لوضع حد للقتال في قطاع غزة.
وفي منشور منفصل على فيس بوك، نشرت مسؤولة المخابرات الكبيرة أيضًا صورة شخصية مع ملصق مكتوب عليه “فلسطين حرة” مثبتًا على الصورة. قال أحد الأشخاص المطلعين على الصورة إنها نُشرت على فيسبوك منذ سنوات وقبل وقت طويل من الصراع الحالي.
وفى الشهر الماضى، قدم مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأمريكية استقالته بسبب تعامل إدارة الرئيس جو بايدن مع الحرب على غزة. وكان هذا المسئول هو جوش بول، مدير مكتب شئون الكونجرس والشئون العامة في مكتب الشئون السياسية والعسكرية للشؤون العامة بالخارجية الأمريكية، والذي يتعامل مع عمليات نقل الأسلحة. وبرر بول استقالته بأنه لا يستطيع دعم المزيد من المساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل، ووصف موقف واشنطن بأنه "رد فعل اندفاعي" قائم على "الإفلاس الفكري".
وعلقت صحيفة "واشنطن بوست" على استقالة بول، وقالت فى هذا الوقت إن رحيله يمثل مؤشرا نادرا من الانزعاج الداخلي إزاء دعم الإدارة القوي لإسرائيل، كما وصفت هذا التطور بأنه استعراض علني غير عادي للمعارضة داخل جهاز السياسة الخارجية للرئيس بايدن، الذي عمل على منع مثل هذه التعبيرات عن الإحباط من الانتشار.
وإلى جانب الاستخبارات والخارجية الأمريكية، وصل الاعتراض على سياسة بايدن تجاه إيرائيل إلى قلب البيت الأبيض.. ففى وقت سابق، كشفت صحيفة واشنطن بوست، أن مجموعة من 20 موظف بالبيت الأبيض اجتمعوا مع الرئيس الأمريكى جو بايدن مع دخول حرب غزة اسبوعها السادس ساعين لمعرفة استراتيجية الإدارة للحد من عدد القتلى المدنيين بشأن الصراع ورؤيتها لما بعد الحرب فى المنطقة.
وقال مسئول فى البيت الأبيض، إن بعض المشاركين شعروا أنهم تراجعوا عن نقاط الحديث المألوفة، وقال المستشارون أن الإدارة يجب أن تكون حريصة على عدم انتقاد إسرائيل علنًا حتى تتمكن من التأثير على قادتها سرًا. وكان المسؤولون الأمريكيون يضغطون على إسرائيل لتقليل الخسائر فى صفوف المدنيين. وكان الرئيس وكبار مساعديه يدعون إلى حل الدولتين بمجرد انتهاء الصراع.
ويسلط اجتماع المسؤولين الذى لم يتم الكشف عنه سابقًا الضوء على كيفية تعامل بايدن مع ما يمكن القول إنها "أكبر أزمة فى السياسة الخارجية خلال رئاسته"، ما أدى إلى تقسيم البيت الأبيض حيث تسببت حرب غزة فى صدوع داخل الإدارة الأمريكية، وأزعجت العديد من المسئولين والحلفاء داخل البيت الأبيض وخارجه بين مؤيد ومعارض لتعامل بايدن مع الأزمة.
وقال مساعدون، إنه ما يزيد من الحساسية أن الاحتضان الثابت لإسرائيل، والذى يجده العديد من الموظفين مزعجًا، ينبع فى جزء كبير منه من ارتباط بايدن الشخصى مدى الحياة بالدولة العبرية. وكثيرًا ما يستشهد بايدن بلقائه مع رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائيرعام 1973 باعتباره حدثًا بالغ الأهمية بلور وجهة نظره بشأن إسرائيل باعتبارها حاسمة لبقاء اليهود.
ووفقا للتقرير، الانقسام داخل البيت الأبيض هو بين مساعدى بايدن القدامى والموظفين الأصغر سنا من خلفيات متنوعة، وقال كبار المسئولين أن الصراع أضر بمكانة أمريكا العالمية، الا أن احد مساعدى بايدن أشار إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكى العلنية أصبحت مباشرة حول مسئولية إسرائيل عن تقليل الخسائر فى صفوف المدنيين وإدخال المساعدات للقطاع المحاصر على الرغم من رفضه الدعوة لوقف اطلاق النار.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع