على ضفاف النيل في محافظة أسوان ووسط العديد من الأصوات المتداخلة تسمع صوت الأطفال يهتفون بأعلى صوت لهم "يالا بسرعة، خلى بالك، جدف كويس"، وغيرها من الكلمات المحفزة، حينها تنظر أمام عينيك وسط مياه النيل فترى الأطفال كل اثنين منهم بداخل مراكب صغيرة يجدفون بألواح خشبية صغيرة، تتسابق المراكب وتتلاحق أنفاسهم حتى يصلوا إلى نقطة النهاية في المسابقة، ثم يعودون مرة أخرى لشط النيل، والفائز له أن يختار الهدية التي يحبها من بين الهدايا الموجودة من قبل المنظمين للمسابقة. فما هي حكاية هذه المسابقة؟
الأطفال ينزلون المراكب في النيل
نعلم جميعا أن محافظة أسوان لها العديد من الخصائص التي تميزها عن غيرها من باقي محافظات الجمهورية، فهى أكثر المدن شاعرية مكانها في الجنوب بعيدة عن الضوضاء وصخب الحياة في العاصمة، تمتلئ بالاستكشافات التاريخية العديدة والمعروفة حول العالم، مدينة تحتفظ بطبيعتها البكر وجوها ناقى ونيلها له طابع وجاذبية مختلفة.
الأطفال ينتظرون البدء في المسابقة
هذه السمات تركت أثرا طيبا على سكانها، وخاصة الأطفال الذين توارثوا عبر السنين تلك المسابقة النيلية التي تسمى "الجريدى"، وهى كلمة نوبية تعنى المركب الصغير، منذ بضع سنين وليست ببعيدة صنع الأطفال مراكب خاصة بهم من الصفيح والخشب البلاك الأسود، كل طفل يستطيع أن يصنع مركبه الصغير، وفي قت العصاري يتسابقون في مياه النيل.
توارث الأطفال تلك المسابقة حتى يومنا هذا، وقد تطورت فأصبحت تحت إشراف وزارة الشباب والرياضة الممثلة في مكتبها في محافظة أسوان، حيث تم عمل قواعد للمسابقة واتخذت شكلا منظما بعيد عن العشوائية، نتعرف أكثر عن المسابقة من أحمد عادل دهب طفل أسواني يحرص على المشاركة كلما أقيمت.
الأطفال يجهزون الجريدى للمسابقة
يقول "دهب" صاحب الأحد عشر عامًا:" إننا نصنع الجريدى من الطبيعة، نحضر الصفيح ونقطعه بالطول ثم نحضر الخشب ونضعه عليه بشكل معين حتى لا يجرح الصفيح أيدينا اثناء التجديف، ثم نحضر البلك ونقوم بدهانه على الصفيح فيعطينا نعومة ويغطى أي فتحات داخل المركب، أما عن التجديف فيكون بقطتعين من الخشب صغيرتين، مدة صناعة المركب ساعة أو ساعتين، وتابع الطفل"أنا عملت المركب بتاعتى في ساعة وسمتها الكينج بدر".
أحمد عادل دهب
أما محمد حسن فؤاد عمره 11 سنة فقال:" لما الجريدى بتاعى بيحصل له أي حاجة أنا بصلحة بإيدى، وبنزل به في النيل سواء في أيام المدرسة و أيام الأجازة، لكن في أيام كتير بننزل بعد العصر نعمل مسابقات كتيرة، أنا اتعلمت منها حاجات كتير منها إزاى أصنع مركب صغير، واتعلمت الصبر، واتعلمت اشجع صاحبى لما يكسب ومازعلش، واتعلمت أحسن من نفسي، احنا بنقضى وقت طويل مع بعض بتكلم ونضحك ونلعب".
محمد حسن
والتقط الطفل عصام محمود 13 سنة الحديث قائلًا:" أصبحت المسابقة الآن تحت إشراف وزارة الشباب والرياضة، هم من ينظم لنا المسابقة وفي أغلب الأحيان يكونون معنا أثناء المسابقة ويقدمون لنا هدايا، منها الكتب المفيدة والألعاب التي تنمى العقل مثل الشطرنج، والمهم أنهم يعلموننا السباحة ويضعون حدودا للعب حتى لا تكون هناك خطورة على حياتنا".
عصام محمود
راوى عبد الفتاح طفل عمره 12 سنة يقول عن اللعبة:" احنا اتعلمنا من الكبار اللى سبقونا كل حاجة، وخاصة الأغانى اللى بنغنيها للسواح لما بييجوا عندنا، بنغنى أغانى إنجليزية وأسبانية وفرنساوى، احنا بنحفظ الأغانى وبنغنيها للسياح عشان ينبسطوا وييجوا عندنا أسوان تانى، كمان احنا بنستفاد اننا بنتعلم اللغات التانية، أحنا كما بنغنى لهم أغانى نوبي بتاعتنا الجميلة وبينبسطوا بها أوى".
وعن أحلام الصغار فقد أطلقوا لها العنان فلا فارق بينها، فجميعهم يتمنون أن يملكون مراكب كبيرا يسافرون بها إلى بلاد العالم.
الأطفال أثناء المسابقة
الأطفال تتنافس على الفوز
الأطفال داخل مياه النيل
الأطفال على الشط النيل مع المراكب
الأطفال ينتظرون البدء في المسابقة
الأطفال ينزلون المراكب في النيل
يد طفل تقوم بمسح المركب
هذا الخبر منقول من اليوم السابع