"دعم الفوضى".. ناشطة البيئة جريتا تونبيرج تتحول لنجمة سياسية بفعل فاعل.. المراهقة السويدية تشعل التظاهرات دون حلول لقضية المناخ.. ودعوتها لـ"دافوس" على حساب الخبراء لاستثارة النزعة الثورية بقضايا العالم

حضور يبدو طاغيا للناشطة السويدية جريتا تونبرج، فى كافة الفاعليات الدولية فى المرحلة الراهنة، باعتبارها المدافع الأول عن البيئة والمحاربة الأولى للتغيرات المناخية فى العالم، عبر دعواتها المتواترة للتظاهر، فى العديد من العواصم الأوروبية، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت جهود تونبرج، التى لم يتجاوز عمرها الـ16 عاما، ومن على غرارها، ستؤتى ثمارها للخلاص من الظاهرة، وتمثل تهديدا صارخا لأجيال قادمة، وهو الأمر الذى أعربت عنه الفتاة نفسها بالقول بأن ظاهرة التغير المناخى تهدد بقاء الأجيال القادمة، أم أن وجودها فى القمم الدولية والمنتديات يحمل فى طياته أهدافا أخرى للتيارات الليبرالية التى تبدو مناوئة للتوجهات الدولية الجديدة، فى ظل صعود تيارات يمينية للهيمنة على السلطة فى العديد من دول الغرب.

ولعل ظهور جريتا تونبيرج وجها لوجه أمام الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والذى ينظر إليه باعتباره أكثر زعماء العالم عداءً للمناخ، والبيئة، خاصة بعد انسحاب بلاده من اتفاقية باريس المناخية، وذلك خلال فاعليات المنتدى الاقتصادى العالمى بمنتجع دافوس، بمثابة رسالة تحمل فى طياتها رفضا للتوجهات الأمريكية الجديدة، فى ظل الإدارة الحالية، خاصة فيما يتعلق بموقفه المثير للجدل من قضية التغيرات المناخية، خاصة وأن الفتاة السويدية سبق وأن كانت محلا للانتقاد من قبل ترامب، خاصة بعد اختيارها كـ"شخصية العام" فى مجلة "تايم" الأمريكية، حيث وصفها آنذاك بـ"التافهة"، مطالبا إياها بإيجاد حلول لمشكلة إدارة الغضب لديها، وبالتالى يبقى حضورها استفزازا صريحا للرئيس الأمريكى وإدارته.

تغريدة ترامب
تغريدة ترامب

بفعل فاعل.. هالة النشطاء لمحاربة الأنظمة

الهالة التى أصبحت تحظى به الناشطة السويدية، والتى تحولت إلى أحد نجوم السياسة فى العالم تبدو "بفعل فاعل"، فى ظل ما يمكننا تسميته بـ"سياسة دعم النشطاء"، التى سبق وأن تبناها المجتمع الدولى لفترات سابقة، خاصة خلال حقبة الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة باراك اوباما، حيث أصبحوا بمثابة سلاح اعتادوا على استخدامه لتحقيق أهداف سياسية، لإسقاط الأنظمة الحاكمة، ونشر الفوضى وعدم الاستقرار فى العديد من مناطق العالم، وهو الأمر الذى امتد إلى الداخل الأمريكى، من خلال مسارين متوازيين، أولهما فى الداخل الأمريكى عبر إطلاق التظاهرات المناوئة له، والتى تزايدت مؤخرا مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، واشتعال حملات الديمقراطيين لعزله من منصبه عبر مجلس النواب، والذى يسيطرون على أغلبية مقاعده، فى محاولة لتشويه صورته أمام الداخل الأمريكى.

سياسة دعم الفوضى طالت الغرب عبر تنجيم النشطاء
سياسة دعم الفوضى طالت الغرب عبر تنجيم النشطاء

بينما يبقى المسار الأخر متجسدا فى استخدام نفس الألية لمجابهة الرئيس الأمريكى فى زياراته للخارج، سواء عبر إطلاق التظاهرات الرافضة لحضوره، وهو ما تكرر فى العديد من العواصم العالمية التى زارها ترامب منذ بداية ولايته، على غرار لندن، أو إبرازهم كمتحدثين فى العديد من الفاعليات التى يحضرها، فى محاولة لإحراجه، أو امتدادا لمحاولات الداخل فى تشويه صورته، أمام الرأى العام العالمى، وكذلك بالطبع أمام المواطن الأمريكى، على غرار حضور الفتاة السويدية لمنتدى دافوس، لتحاضر زعماء العالم، عن مخاطر التهديدات المناخية، فى الوقت الذى يمكن فيه الاستعانة بالعديد من الخبراء الدوليين المتخصصين فى مجال المناخ، والذين لديهم قدرة أكبر، سواء عمليا أو علميا، للحديث عن الظاهرة وتداعياتها.

استثارة النزعة الثورية.. العالم يعتمد الفوضى فى القضايا العالمية

وهنا يمكننا القول بأن الاستعانة بـ"مراهقة" للحديث عن قضية علمية، لها تداعيات خطيرة، على حساب العلماء المتخصصين هو محاولة جديدة بائسة لإشعال "النزعة الثورية"، ضد نظام أو أنظمة سياسية بعينها، وهو الأمر الذى يبتعد كل البعد عن مبادئ "حماية البيئة"، أو "إنقاذ المناخ"، أو ما إلى ذلك من مصطلحات طالما استخدمها النشطاء لمواجهة التغيرات المناخية فى المرحلة الراهنة، بينما اعتمدوا على نهج يقوم فى الأساس على نشر الفوضى فى العديد من عواصم العالم، عبر التظاهر وإغلاق الطرق، وهو ما أدى إلى اشتباكات عدة بين الشرطة والمتظاهرين، واعتقال العشرات من النشطاء المشاركين فى التظاهرات، بعيدا عن تقديم خطة أو رؤية يمكنها المساعدة فى تحقيق الهدف الذى يسعون إليه، لتتحول قضيتهم من طبيعتها الإنسانية النبيلة، والمتمثلة فى الدفاع عن حق الإنسان فى الحياة وحماية الأجيال القادمة من الكوارث المحدقة بهم، إلى قضية سياسية.

ترامب مشاركا فى منتدى دافوس
ترامب مشاركا فى منتدى دافوس

والملفت للانتباه أن النهج الدولى الداعم لهؤلاء النشطاء يعد بمثابة قنبلة مجتمعية موقوته، فى العديد من دول العالم، فى ظل استلهام نماذج أخرى للنهج الذى يتبنونه، وهو ما يمثل خطرا دامغا، إذا ما نظرنا إلى الشعارات "ذات الطبيعة الثورية"، التى يتبنونها، حيث لا يتوقف الأمر على اتساع دائرة التمرد بين قطاع من الشباب المراهق، وبالتالى استنزاف طاقاتهم فى استثارة الفوضى بدلا من العمل البناء، وهو الأمر الذى لا يصب فى نهاية المطاف، لصالح المستقبل.

فلو نظرنا إلى نموذج "تونبيرج"، نجد أن المراهقة السويدية، والتى فازت بلقب شخصية العام فى مجلة "تايم"، والتى تعد أحد أعرق المجلات فى العالم، بالعام الماضى، بينما يرشحها البعض للحصول على جائزة "نوبل"، قد رفعت شعار "سأمتنع عن الذهاب إلى المدرسة لأنكم تخليتم عن مستقبلى"، وهو ما يعد أمرا مثيرا للجدل إلى حد كبير، خاصة إذا ما تم تعميمه من قبل أقرانها، إذا ما أرادوا الاحتجاج على أى قضية سواء إنسانية أو سياسية أو غيرها.

 

 

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع