د.نجوى محمد تكتب : الكلمات سلاح ذو حدين بين الإغواء والإبداع ( إبحار فلسفي في عمق روح غواص القلوب وصائدة الأفكار .. أبطال المبدعة نجوى عبد العزيز )

د.نجوى محمد تكتب : الكلمات سلاح ذو حدين بين الإغواء والإبداع ( إبحار فلسفي في عمق روح غواص القلوب وصائدة الأفكار .. أبطال المبدعة نجوى عبد العزيز )
د.نجوى محمد تكتب : الكلمات سلاح ذو حدين بين الإغواء والإبداع ( إبحار فلسفي في عمق روح غواص القلوب وصائدة الأفكار .. أبطال المبدعة نجوى عبد العزيز )

 

إنّ غواص القلوب الذي نسجته بنات أفكار المبدعة نجوى عبد العزيز ، ليس سوى رمزٍ لإنسان مأخوذ بسحر الكلمات وقدرة الإغواء، مُنساق إلى بحر النساء لا بقوة الحب بل بقوة السيطرة والإشباع الأناني لرغباته العابرة. هو مثالٌ على التلاعب بالمشاعر كفنٍ، وليس كفضيلة، حيث تتحول الكلمات المنمقة والهمسات الدافئة إلى أدواتٍ خالية من المعنى، تُستخدم بمهارةٍ لكنها تفقد جوهرها مع كل تكرارٍ مُبتذل.  

ولكن، يا له من انقلابٍ أن يصطدم هذا الغواص بصائدة الأفكار، امرأة لا ترى فيه إلا أداةً تفجّر خيالها وتجدد قريحتها الكتابية! إنها ليست فريسة كما افترض، بل صيادة أكثر دهاءً، تعيد تشكيل سلطته المزعومة وتفضح هشاشته. وهنا تتجلى المفارقة: من يُتقن الإغواء يجهل كيف يقاومه، ومن يظن نفسه السيد سرعان ما يغدو أسيرًا.  

القصة ليست مجرد لعبة بين غواص وصيادة، بل هي انعكاس لعلاقة الإنسان بالكلمات والقوة التي تنبثق منها. الغواص يتلاعب بالكلمات كأنها أدوات، بينما الصيادة ترى في الكلمات مُحركًا للإبداع، أداةً لخلق المعاني لا لتدميرها. الأول يعيش على سطح اللغة، حيث المعاني مبتذلة وسطحية، بينما الثانية تغوص في أعماقها، حيث تتولد الأفكار من التصادم والتحدي.  

إن هذا النص يطرح تساؤلات فلسفية عميقة: ما الذي يجعل الكلمات ساحرة؟ هل هو صدقها أم قدرتها على التأثير؟ وهل يمكن للغة أن تكون حقيقية حين تُستخدم كوسيلة للإغواء والخداع؟  

الغواص هنا يُجسد هشاشة الإنسان أمام إغراء القوة، تلك القوة الوهمية التي تتيح له أن يتلاعب بالقلوب دون أن يلتفت إلى أوجاعها. لكنه ينسى أن القوة الحقيقية ليست في الإغواء بل في الفهم، ليست في السيطرة بل في التواصل. أما الصيادة، فهي تمثل الجانب الآخر: المرأة التي تتلاعب بالإغواء ذاته، لكنها لا تفعل ذلك إلا لإشعال شرارة فكرية، لاستعادة قوتها الداخلية التي ظن الغواص أنه يمتلكها.  

وهكذا، تتحول القصة إلى مرآة لواقع أوسع، حيث الكلمات سلاحٌ ذو حدين، قد ترفع الإنسان إلى مراتب الإبداع، أو تُسقطه في مهاوي الابتذال. الغواص ليس إلا صورةً لإنسانٍ يُسرف في استخدام اللغة دون أن يعي قيمتها الحقيقية، والصيادة هي التذكير الحي بأن اللغة، مهما كانت خادعة، لا تزال تحمل قوة تتجاوز الإغواء: قوة التعبير عن الذات، عن العمق، عن الحقيقة.  

في النهاية، الغواص لم يقع ضحية صيادة الأفكار بقدر ما وقع ضحية نفسه. لقد استهلك الكلمات حتى أفرغها من معناها، ولم يدرك أن كل همسة ينطق بها ليست مجرد صوت عابر، بل طاقة ترتد إليه، تكشف هشاشته، وتعيد تعريفه في عين من ظنّهم فرائسه. أما الصيادة، فهي درسٌ متجسد: الكلمات ليست ملعبًا للسطحيين، بل بحرًا للباحثين عن المعنى، عن الفكرة، عن الحياة التي تبدأ من عمق الروح وتنتهي عند حافة الحبر.

كانت رحلة ماتعة رافق بنات أفكاري فيها

(غواص القلوب وصائدة الأفكار ) 

دمتِ مبدعة 

شهرزاد نجوى عبدالعزيز