أوبر " .. إلى الله !! " بقلم جاكلين جرجس

أوبر " .. إلى الله !! " بقلم جاكلين جرجس
أوبر " .. إلى الله !! " بقلم جاكلين جرجس
 
  
 
 
 بالتأكيد هناك علاقة وصلة ورابط قوى و وثيق بين الله الخالق العظيم و الإنسان لن نستطيع نكران ذلك أو تجاهله ؛ فنحن نتقرب إلى الله و نقوى تلك الروابط و الصلات من خلال صلاتنا و عباداتنا اليومية ، فمعروف أن الصلاة هي اللغة التي يُعبر فيها المؤمن عن حبه لله وشكره له وعن ولائه لخالقه في علياء سماواته  بإيمان قوى مصدره القلب و أن في قبولها ينعم بالسلام  .
   وهذا هو مفهوم الصلاة الذى نشأنا عليه ؛ لكن على ما يبدو أن عصر السموات المفتوحة ودنيا الشبكات العنكبوتية قد سمحت أو سمح لها البشر باقتحام كل تفاصيل حياتنا اليومية ، وحتى في مجال تلك العلاقة الخاصة جدًا بين الإنسان وخالقه في لحظات التواصل العظيمة تلك  بشكل لم يكن متصور حدوثه  وفق أي قناعة حيث كشفت مجلة «ذا أتلانتيك» الأمريكية عن وجود تطبيقات على شبكة الإنترنت تعمل كمنصات للإرشاد الدينى، وتقديم النصائح لمن يرغبون فى التعرف أكثر على الله، وعلى الأديان، وأداء الصلوات والطقوس، ووصفتها بأنها تشبه تطبيقات " أوبر" للتوصيل عبر السيارات الخاصة !!!  فأصبح هناك منصات الكترونية وتطبيقات تعمل كوسيط بين الشخص والإله، وتزعم أنها تجعل الطريق إلى الله أكثر سهولة وراحة، وتطلق شعارات حول إمكانية استدعاء التدخل الإلهى والاستجابة للدعوات ؛ لا أعلم عن أى هراء يتحدث صانعى مثل تلك التطبيقات ؛ لكن من المؤكد أن تلك المنصات الدينية تُوهم الناس بالقدرة على تسخير القدرات الإلهية و تبعدهم عن الممارسات الدينية الصحيحة والتقليدية من وجهة نظرهم .
   ولأن للدين قوة مطلقة و له تأثير خاص على المؤمنين قام هؤلاء المبرمجين بالاستفادة من السوق الدينية والروحية ، فقد مارسوا النصب بشكل جديد أكثر عصرية متناسبًا مع متطلبات الجيل فقدرت أرباح تلك الشركات بنحو ٤٠ مليار دولار سنويًا ، يدفع الشخص نحو ١٥ دولارًا فى الصلاة الواحدة وذلك فى مقابل مادى أقل من الذهاب بأنفسهم إلى دور العبادة، وبمجهود أقل، لأنه بمجرد نقرة أو لمسة على جهاز الموبايل، تنفذ الشركات الأمر، وتقدم الصلوات والأدعية والطقوس إلى الله بدلًا عنهم .
   أما إن ذهبنا إلى إعمال العقل و البحث عن الأسباب للوصول إلى نتائج و حلول سنجد أن آفة السرعة و البحث عن الاسهل ظهرت منذ وجود القنوات الدينية على الفضائيات التى جعلت البعض متكاسلاً عن الذهاب إلى دور العبادة ومكتفيا ببعض الوجبات الروحية الـ" تيك آواى " فى التليفزيون ؛ ثم بعد ظهور الانترنت فقدنا السيطرة نسبياً على تعميق المفهوم والأثر الروحى للصلاة خاصة مع الشباب ساكنى التطبيقات الإلكترونية ؛ ولعل ما زاد الطين بلة ظهور حسابات مزيفة ومدعيين الكهنوت ليوهموا الفتيات بالاستعداد لقبول اعترافاتهم و سماع شكواهم.. والمتحدث هنا في أغلب الأحوال مجهول الهوية وغير متأكد من أهدافه أو نبل رسالته و أهى  فضفضة والسلام ، وشيئا فشيئا تجد الفتاة نفسها قد  وقعت فى براثن ذلك الثعلب بعد الافصاح عن كل أمور حياتها و خطاياها و مشاكلها وربما تقوم بإرسال صور شخصية وأغلب الظن تكون تلك المحادثات خارج نطاق الصلاة أو الاعتراف لشخص مزيف الهوية ليبتزها بعد ذلك .
   وعليه أكرر أهمية الانتباه لتلك الظواهر الغريبة وتوعية الشباب فى شتى دور العبادة والتقرب منهم و الدخول إلى عالمهم وفهمه و العمل على الترغيب فى حضور الصلاة داخل المسجد أو الكنيسة والبعد عن الترهيب و العذاب إن أهملوا أو تكاسلوا عن الصلاة و التقليل من الوعظات المليئة بالترهيب والإشارة لعظيم الويلات  بعذاب القبر و جهنم والبحيرة المتقدة بالنار و الكبريت ليكون هدف حصص الوعظ والارشاد عن محبة الله للإنسان و أهمية تلك العلاقة الازلية للنفس البشرية ؛ لنكون قد ساهمنا بدورنا في  دعم جيل جديد واعد  يسعى دائما إلى البقاء فى حضرة الله يستلهم منه بشكل مباشر عبر تواصل روحي إيماني عظيم القوة والسكينة والهدوء وهو متقرباً إلى الله بنفس راضية مطمئنة فيرجع إلى صوابه ومعدنه الطيب ؛ولن تكون هناك حاجة  بعد ذلك إلى " أوبر  إلى الله " .