تحقيق : حاتم عبدالحكيم
تستمر الأسرة بكامل عدد أفرادها في البحث عن دواء موصوف لفرد منها بموجب "وصفة طبية معتمدة" كدواء دائم نظرا لأنه علاج لمرض مزمن كالضغط والقلب والسكري .
حيث يقوم المواطن صاحب المرض المزمن أو واحد من أهل بيته بالسير على الأقدام وإجراء الاتصالات في الريف والمدينة وفحص السلاسل الشهيرة للصيدليات وأخيرا بعد معاناة عثر على شريط من الدواء في صيدلية صغيرة تقع في شارع جانبي بالحي الذي يسكن فيه أو من خلال تواصله مع وسطاء آخرين أو بعد تعاطف للصيدلي له كخدمة تحتاج في بعض الأوقات إلى استغلال في السعر أو خدمة مقابلة لها في شأن ومصلحة أخرى .
والطامة الكبرى في وجود صيدليات تمتلك مخازن أدوية تحجب بيع أصناف معينة لتعطيش السوق للتحكم في السعر فيما بعد .
فيما نجد بعض أسعار الأدوية لا تناسب مستوى الدخول، وهناك أدوية تختفي ثم تعود باسم وتعبئة وسعر مختلف، لماذا لم يطوروا طاقة شركات الأدوية ؟ وهل تحكم المستثمر في الملف الصحي ينتهي به إلى خصخصته ؟
والبعض ينظر إلى الصيدلي اليوم أنه تحول إلى بائع في سوبر ماركت الدواء وأكثر من نصف العاملين بالصيدليات ليسوا خريجي صيدلة !
وعند الحديث مع الأهالي بالشارع نجد العديد من الشكاوى في أزمة الأدوية وعلى انتظار حل عاجل وآمن .
ماذا عن الحكومة ؟!
وعود بالحل التدريجي
وجه د.مصطفى مدبولي، رئيس الوزارء، خلال اجتماعه منذ منتصف يوليو الماضي لمتابعة تطورات مسألة توفير التمويل المطلوب، من النقد الأجنبي للسلع الاستراتيجية والأدوية، الأجهزة الحكومية المعنية، مثل وزارة المالية والبنك المركزي وهيئة الشراء الموحد، بتوفير التمويل المطلوب من النقد الأجنبي، لإتاحة الأدوية والسلع الغذائية الرئيسية في الأسواق المصرية .
كما أكد قائلا: «كل هدفي عودة الإنتاج لتنتهي الأزمة تدريجيا بحد أقصى ٣ شهور، مش معنى كده إن بعد ٣ شهور هتتحل الأزمة لأ، لكن هتبدأ الأدوية المهمة من بعد أول شهر تتواجد، خاصة أدوية الأمراض المزمنة، ثم بقية الأدوية تباعا على مدار الـ ٣ شهور المقبلة، وإحنا مركزين جدا في هذا الموضوع».
إعادة النظر في التسعير
فيما كشف الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون التنمية البشرية، ووزير الصحة والسكان خلال لقائه مع صحفي الملف الصحي بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية، سوق الدواء المصري من المفترض أن يكون لديه مخزون يبلغ ٧ أشهر " ٣ أشهر للمواد الخام، وشهرين في المصنع، وشهر في المخازن، وشهر في الصيدليات"، لكن مع أزمة العملة بدأت المصانع تلجأ إلى الحصول على المخزون من المواد الخام دون تعويضه بشكل سريع، ما تسبب في إحداث تأثير بدأت مظاهره في الظهور تباعا..
وجرى إعادة النظر في التسعير مرة أخرى بما يُمكن الشركات من مواصلة إنتاجها دون أزمات، متابعا أن "لجان التسعير تنظر في أسعار المنتجات الدوائية لحماية هذه الصناعة... الدواء لو زاد سعره ٥ أو ١٠ جنيه مش مشكلة كبيرة، بس يتم توفيره للمريض".
التسعيرة الجبرية
يقول محمود فؤاد رئيس جمعية "الحق في الدواء" إن أصل أزمة الدواء في مصر ينبع من كونه سلعة تخضع لما يُعرف بـ "التسعيرة الجبرية" التي تضعها الحكومة، باعتبارها سلعة استراتيجية مهمة، لا يجوز التخلي عنها، أو تركها لقوى العرض والطلب.
وأشار إلى أن هذه التسعيرة لم تتغير منذ عام ٢٠١٧، عندما كان سعر الدولار الواحد داخل البنوك ١٨ جنيها فقط .
وأضاف ، إن هناك أكثر من ١٠٠ شركة أدوية مُسجَلة لدى البنك المركزي المصري، تنتظر دورها لتوفير الاعتمادات الدولارية اللازمة لها، لتمويل صفقات شراء الأدوية، أو المواد الخام ومستلزمات الإنتاج من الخارج.
زيادات متتالية
قال رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية ، علي عوف، إن أسعار الأدوية في مصر زادت بنسبة ٢٠٪ في المتوسط خلال عام ٢٠٢٣، مدفوعة بالزيادة الكبيرة في تكاليف استيراد مدخلات الإنتاج، التي قفزت أسعارها بعد الزيادات المتتالية لسعر الدولار منذ أبريل ٢٠٢٢.
إن تحريك أسعار الأدوية بدأ منذ يونيو الماضي ولا يزال مستمرا، وفق اتفاق بين هيئة الدواء المصرية وغرفة صناعة الدواء على تحريك أسعار المنتجات "تدريجيا"، حتى لا تحدث أزمة جديدة في السوق ولتخفيف تأثير ذلك على المريض.
لكنه مع ذلك اعتبر أن تلك الزيادة "غير عادلة بالنسبة لصناع الأدوية"، مفسرا ذلك بأن هناك "فجوة كبيرة بين تكلفة الإنتاج لا تضاهيها الزيادة الجديدة في التسعير".
مجلس النواب وأزمة نقص الأدوية
ويذكر أن لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب، قد ناقشت عددا من طلبات الإحاطة المقدمة من الأعضاء الفترة الماضية بشأن أزمة نقص الأدوية، وقال الدكتور أشرف حاتم، رئيس اللجنة، إن ٤٠٪من الأدوية المصرية بها نقص في السوق المصري، والسبب في الأزمة أن المواد الخام يتم استيرادها من الخارج، مشيراً إلى أن الأزمة حاليا ليست فقط في أسعار الدواء، ولكن في عدم توافره.
وفي حديث مع جريدة صوت بلادي
قالوا عن أزمة الدواء في مصر
=================
تحكم المستثمر
والمخازن تحت "بير السلم "
في سياق متصل، قالت د.إيرين سعيد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب
الدواء أزمة حقيقية ،والسوق المصري متعطش لنسبة تصل إلى ٥٠ بالمائة ، وأصناف هامة جدا و حيوية ناقصة من السوق تستخدم لعلاج أمراض مزمنة لا يمكن الاستغناء عنها ، للأسف هذا القطاع يتحكم فيه المستثمر بشكل كبير ، والدولة تساهم في الانتاج بمصانع قطاع الأعمال بنسبة لا ترتقي إلى ١٠ بالمائة ، والمصنع المحلي يصل إلى من ٤٠ إلى ٥٠ في المائة و الباقي استيراد .
وأضافت د.إيرين سعيد ، هناك مصنعين انسحبوا من السوق و خاصة الشركات الدولية مع التذبذب الاقتصادي، والشركات المحلية طالبت برفع سعر الدواء للحصول علي نفس هامش الربح لأنه تقلص مع زيادة اسعار الوقود و المواد الخام و تكلفة استيراده و مصاريف التشغيل بشكل كامل ارتفعت ، مما ترتب عليه تقليص الانتاج لمنع تأكل رأس المال و انتظار قرارات هيئة الدواء برفع الأسعار لنسب تصل إلى ٣٠ ٪ ، وهنا ظهرت المخازن تحت "بير السلم" و الذي تحفظت على العلاج و عملت على تعطيش السوق بسبب معرفتهم بوقف خطوط الانتاج و ظهرت السوق السوداء ، فالبرغم من التسعيرة الجبرية إلا انه و إلى الآن لم تحوكم الدولة على السوق السوداء من قبل المخازن و اصبح العلاج يباع امام الجميع بضعف تمنه نظراً للشح و احتياج المريض .
وأكدت ، حل رفع الأسعار حل مؤكد و سيعيد الكَرَّة مرة أخرى ، كلما أراد المستثمر رفع سعر الدواء لا تملك هيئة الدواء سوى رفعه لأنها ليس لديها البديل ، لابد من أن تدرك الحكومة أن قطاع الدواء قطاع استراتيجي أن تمتلك إرادتها فيه سواء بالمشاركة في تصنيع الأدوية الحيوية التي تغذي المستشفيات العامة أو بعمل عقود مع المصنعين لتوريد العلاج بشروط تضمن التوازن للطرفين ،و هذا كان دور هيئة الشراء الموحد و الذي عجزت مؤخرا عن القيام بدورها أو بعمل مخازن استراتيجية للتصدي للشح و توفير مخزون لمدة سته أشهر على الاقل من الاصناف الحيوية لحين تمكن الدولة من التفاوض أو التعامل مع أي أزمة طارئة .
عوامل تاريخية وزوايا حديثة
حول الأزمة التي تشغل الناس
يقول د.علي عبدالله ، صيدلي ، مدير المركز المصري للدراسات الدوائية
أن العوامل التاريخية لصناعة الدواء في مصر صناعة مبكرة ، ومصر لها ظروف خاصة جعلت صاحب القرار يميل إلى الجانب الاجتماعي تاريخيا على حساب الجانب الاستثماري .
وأشار ، القطاع الحكومي ظل منكمش منذ الستينيات حتى الآن حيث خرجنا ب ٨ مصانع و عدة شركات لازالوا حتى الآن دون إضافة ، وكانوا يعملون على تغطية ٩٠ ٪ سنة ٧٠ .. النهاردة بيغطوا ٣٪ وبالتالي نحن قيد رضا الشركات الاستثمارية والشركات العالمية رغم أن رضاهم مطلوب وليس عيب .
وتابع ، أما عن الزاوية الحديثة في الأزمة ، الشركات العالمية تتكتل وتتعملق ويخدمها في ذلك الموضوع الاتفاقيات العالمية وحقوق الملكية الفكرية فيما صانع القرار في مصر خائف باستمرار لتحريك الأسعار ، والتحريك والأسعار مشكلة معقدة تحتاج لتعديل .
وواصل ،المريض وثقافته، حيث يضع في مخيلته أن الدواء " ببلاش" ،بينما يدفع في الاكل الكثير ، وفي الموروث الثقافي لدى الطبيب أنه يتخيل أنه له حق في الدواء وناسي أنه طبيب وفقط .. لازم ياخد تورته الدواء ومتمسك بقصة البديل !
وفيما يخص هيئة الدواء في مصر، قال أن الهيئة وليدة والتحديات التي على عاتقها أكبر من سنها وأكبر من عمرها واكبر من إمكانياتها وإمكانيات العاملين فيها .
واختتم حديثه ، الصراعات الإقليمية والمحلية والعالمية تؤثر على حركة الملاحة والمشاكل على الدول حول حدود مصر كل ذلك يؤثر على الدواء والبضائع بشكل عام .. ومشاكل الدواء لن يتم حلها بشكل قاطع إنما المفترض نقلل من حدة المشكلة ونقوم بتوعية الأطراف اللاصقة بصناعة الدواء ، وأن تكون قرارات الحكومة سريعة وحاسمة ، وأولوليات المرضى يجب أن تتغير، فكر المرضى ونظرتهم للصيدلي أنه صاحب الحل في الأزمة يجب أن يتغير .
وعن البيروقراطية في صناعة الدواء وإجراءاتها ، قال: لابد أن يتم اختصارها على ألا يكون على حساب الجودة .
* "مفهوم البيروقراطية" : يستخدم في علم الاجتماع والعلوم السياسية يشير إلى تطبيق القوانين بالقوة في المجتمعات المنظمة .
السوق السوداء وتلاعب الصيادلة
وشركات الدواء بالأسعار
يقول أسامة الألفي ، كاتب صحفي
أزمة نقص الدواء تعود لأكثر من سبب منها، سحب شركات الأدوية لأدويتها الشعبية، ذات السعر المنخفض من السوق، ثم إعادة تعبئتها من جديد باسم وسعر جديدين، ومنها قيام بعض ضعاف النفوس من الصيادلة أو العاملين بشركات الأدوية، بإخفاء بعض الأدوية المطلوبة وطرحها في السوق السوداء، أو بيعها للمتميزين من عملائهم فقط، وثالث الأسباب أزمة الدولار، فهناك أدوية تستورد لعدم تصنيعها محليا، وهي تحتاج لاعتماد دولاري، وقد بلغني أن هذا السبب تم حله، وتمت الموافقة على اعتمادات دولارية لاستيراد عدد كبير من الأدوية المطلوبة، ويبقى الحل الدائم للقضية طرف قطاع الصيدلة بوزارة الصحة، فعليه عبء ايقاف تلاعب الصيادلة وشركات الدواء بأسعار الأدوية، وتوفير ما تحتاجه الشركات الجادة من اعتمادات لاستيراد الأنواع التي يحتاجها السوق الدوائي.
ويقول عبدالحكيم عبدالحميد ، موجه بالتربية والتعليم على المعاش
نقص أدوية الأمراض المزمنة وعلى رأسها أدوية الضغط والسكر والأورام شهدت نقصًا كبيرًا وملحوظًا مؤخرًا، نذهب لشراء هذه الأدوية من الصيدليات لكن الصيادلة يخبرونا بعدم توفر الدواء نظرًا لرغبة شركات الأدوية في رفع أسعاره.وبعض الصيدليات تقوم بتخزين كميات كبيرة من الأدوية وبيعها في السوق السوداء، وهذا مخالف تماما للقانون ويتنافى مع الإنسانية فنطالب بتشديد الرقابة على جميع الصيدليات ومعاقبة كل من يتاجر بأمراض الشعب.ونطالب وزير الصحة والسكان بأن يضع ملف نقص الأدوية على رأس أولويات الوزارة وضرورة توفير تلك الأدوية.حيث أكثر من نصف الشعب وخاصة كبار السن يعانون من أمراض مثل الضغط والسكر مما قد يؤدي إلى أضرار جسيمة على صحتهم، ومعظمنا لا يستطع تغيير نوع الدواء لأننا اعتدنا عليه.
صحة الناس أمن قومي
يقول ، د.حسن علي الجندي ، طبيب
من وجهة نظري الأدوية المزمنة أمن قومي وتتعلق بشكل مباشر بحياة ملايين من الشعب المصري ، وحجج شركات الأدوية بغلو المواد الخام مردود عليه بارتفاع الأسعار ، وطبعا دور الحكومة مخذي لعدم تدارك الموقف بشكل سريع وتركت المريض والطبيب للمجهول .
وتابع ، ووعد د.مدبولى توفيرها خلال ثلاثة أشهر بينما مشكلة الكهرباء كانت حلها في شهر وتم توفير الوقود !
ويشير، د.تامر محمد عزت ، صيدلي وكاتب
حقيقة الأزمة المواد الخام بيستوردوا الأرخص ، وطبعا هناك افتعال بسبب الأسعار ، والسعر غير موحد ، وقت نجد ٤ اسعار للدواء؛ يعني دوا ب 10 ج مثلا يبقى ب 20 وبعدين 50 وبعدين 80 في خلال سنة .. الضمير هو الحل وصحة الناس أمن قومي .
ويؤكد، السفير د.عبدالله الأشعل ، مساعد وزير الخارجية الأسبق وأستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي
سبب الأزمة الاعتماد المطلق علي الاستيراد ، والحكومة هي التي تسببت في أزمة الدولار .
وأردف، السبب التاني فشل الإدارة حيث أن أبسط الأدوية غير موجودة وكان ينتج محليا من قبل .
واختتم كلامه ، السبب الثالث حجب الأدوية لإعادة عرضها بأسعار أعلى والهدف احتقار المواطن وإجهاده .
البدائل نفسها غير متوفرة أحيانا
تقول د.نجوى كامل ، أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة
الحقيقة مأساة أن يكون مرض خطير ومزمن ولا يجد المريض الدواء الذي تعود عليه .. كلنا ننعاني من هذا الأمر وخصوصا أمراض القلب والسكر والكلي والسرطان وغيرها .. حتى البدائل نفسها أحيانا تكون هي الأخري غير متوفرة .. وطبعا اذا وجدت علبة في أجزخانة بيكون سعرها الضعف ، أعتقد ان علي وزارة الصحة والمالية السعي لتوفير العلاج الدوائي اللازم .. قد تنقص سلعة غذائية اكيد سيكون لها عدة بدائل .. انما نقص الدواء مأساة وتجعل المواطن يشعر بعدم الأمان والثقة في حكومته .
نصائح نفسية للحد من آثار الأزمة
يقول محمد أبوالعينين ، مدرب تأهيل وتعافي نفسي
يسبب النقص في تلبية الاحتياج لشيْ ما شعور بالاستياء لدى الجميع لاسيما عند الشعور بالاحتياجات الضرورية والهامة والأساسية حسب حاجة كل فرد ، والاحداث التي تعكر علينا صفو الحياة فعلينا الاستعداد لتقبل حدوث مثل هذه الأمور .
ولمواجهة شعور الاستياء بسبب النقص في الادوية الذي يعاني منه اهالينا واصدقائنا الذين نشعر بما ينتابهم من قلق تجاه تلك الازمة وذلك قد يكون لاسباب تصنيعية وأسباب اقتصادية او أسباب أخرى لا يمكن ادراكها بسهولة ، نوصيهم بالتحلي بالصبر مع اليقين بانفراج الازمة باذن الله والثقة في تسخير وتوفيق ربنا للمعنيين لحل تلك الازمة .
ويجب التعامل مع هذه الفترة بدون تضخيم وتهويل لعدم زيادة حجم المخاوف واثارة الذعر بين الناس ومحاولة الحصول على حلول مؤقتة بديلة بالرجوع للأطباء والمختصين والسؤال عن ترشيحات أدوية علاجية تفي بالغرض
وعدم المساهمة في نقص الادوية من خلال شراء وتخزين اكبر قدر ممكن مما يسبب اختفاءه لدى البعض والحث على بث روح الايثار والمشاركة .