المقاطعة العربية هي أحد أهم الأسلحة التي إضطر العرب إلي إشهارها منذ عشرات السنين ضد الحركة الصهيونية ،وبقيت المقاطعة موضع حوار شبه دائم علي الصعيدين العربي والعالمي ،وقد مرت المقاطعة بمراحل ثلاث ،الأولي مقاطعة السلع اليهوديه المنتجة في فلسطين من قبل أبناء فلسطين العرب من عام 1936 إلي عام 1945والثانية تدخل الجامعه العربيةومشاركة بعض الدول العربية في المقاطعة من عام 1945الي عام 1949،والثالثة تنظم المقاطعة واللوائح السوداء من عام 1951 حتي اليوم ومقر المكتب الرئيسي لمقاطعة إسرائيل في دمشق .
والمقاطعة هي إجراء يعني رفض شراء السلع التي تنتجها دولة أجنبية معينه ويختلف إجراء المقاطعه عن إجراء الحظر في آن التي تفرض .الاخير .هي حكومات الدول نفسها ،بينما المقاطعة هي المؤسسات والشركات والمصالح المعينه داخل الدولة ويتم ذلك بتأثير الدافع القومي البحث في ظرف من الظروف .
واحيانا يوصف إجراء المقاطعة بأنه إجراء الدول الضعيفة التي تحجم حكوماتها بدافع الخوف عن فرض عقوبات اقتصادها علي اعدائها..
ولذا فإن هذه المسؤولية تنتقل من الحكومات إلي المنظمات والافراد.
ومن أمثلة المقاطعة .المقاطعة الإقتصادية التي نفذتها الصين قبل تحولها للشيوعية ضد اليابان وغيرها من الدول الأوروبية التي إنتهكت سيادة الصين واعتدت علي استقلالها القومي وتشكل المقاطعة العربية للمنتجات الإسرائيليه أهم الأوراق التي يمكن أن تستخدمها الجامعة العربية للضغط علي اسرائيل .فمن المعروف أن إسرائيل تعاني عزلة في محيطها الإقليمي وتسعي إلي الخروج من مأزق الحصار لإنعاش آليات إقتصادية وديناميتة المتمحورة حول الإعتماد علي الولايات المتحدة.
ويمكن أن نقول المقاطعة العربية بأنها مجموعة الإجراءات التي تتخذها الدول العربيه عبر الجامعة العربية ضد الدولة والمؤسسات والافراد في اسرائيل.ويستهدف هذا الإجراء كما يحدده جهاز المقاطعة التابع للجامعة العربية إحباط خطط الصهيونية العالمية للسيطرة الاقتصادية علي أسواق الوطن العربي وتجميد اقتصاديات إسرائيل ودفعها نحو التدهور .
ادي ذلك لحرمان إقتصاد إسرائيل من استثمارات ومزايا إقتصادية كان يمكن أن تحصل عليها من الإقامة بالدول الأخرى إضافة إلي أعبائة مثل الموضوع النفطي الذي كان يمكن الحصول عليه من أسواق النفط العربية المجاورة بشروط أفضل بدلا من إستيراده من الأسواق الدولية .
حرمت الاقتصاد الإسرائيلي من علاقات تبادليه في محيطها الإقليمي وفرضت علي هذه العلاقات نوعية معينه ومستوي ومواقع محدودة.
حدت من تمدد وانتشار الوجود الإسرائيلي في أنحاء مختلفه من العالم .
محاصرة الطموحات الإسرائيلية.أي السيطرة علي المنطقة العربية والاندماج فيها أو حتي تشكيل مركز إقليمي .
الحذر العالمي من التعامل مع إسرائيل مؤسسات وبضائع ورأسمال وأفراد ترتبط نشاطتهم المختلفه بما تمارسه دولتهم ومؤسساتهم من عدوان متواصل علي العرب ورفض الاستجابة لقرارات المجتمع الدولي .
نظام المقاطعة كلف اسرائيل حتي عام 1956أكثر من 50مليون دولار ،فيما ارتفعت التكاليف عام 1973 إلي 300 مليون دولار سنويا طبقا لتقديرات خبراء في الاقتصاد الإسرائيلي ،وحتي عام 1981 بلغت الخسائر للاقتصاد الإسرائيلي 45مليار دولار في مجال التجارة والاستثمارات وارتفع الي 57 مليار عام 1996 نقلا عن والتريتان المدير العام السابق لوزراة الخارجية الإسرائيلية.
ومما يزيد من آثار المقاطعة ما أجمعت علية الدول العربية في اجتماع وزراء الخارجية مارس 1997لانه حسب الأمين العام للجامعه العربية .د.عصمت عبدالمجيد إينذاك
ان المقاطعة العربية لإسرائيل تم فرضها لأسباب العدوان والاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية ،وعندما تزول هذه الأسباب يمكن التحدث عن موضوع المقاطعة , وكان من الملفت أن تكون المقاطعة علي ثلاث مستويات المباشرة وغير المباشرة والحرمان من الاستثمار .
لم تف اسرائيل بوعودها السابقة بتخفيض الانفاق العسكرى بنحو 1.6 مليار دولار بل وصل إلي مليار وتعززت صورة إسرائيل كدولة تتمحور بالأساس حول المؤسسة العسكرية التي تلقت جزءا كبيرا من الزيادة وهو ما ارهق الاقتصاد الإسرائيلي وسط الأجواء المشحونه بالتوتر مع سوريا وجنوب لبنان والمواجهه المستمرة مع الفلسطينين .
بدأ معدل النمو الاقتصادي الإسرائيلي في التناقص عام 1996 وانخفاضه الي 3% عام 1997وهو ادني معدل منذ سنوات ،يرجع ذلك إلي عدة عوامل منها انخفاض الإنتاج الصناعي وكذلك الاستثمارات في البناء واستيراد آلات الإنتاج وانخفاض السياحة وكذلك سوء إدارة السياسة النقدية والمصرفيه وانخفاض أسعار البورصات بحوالي 18%منذ انتخاب نتنياهو .
ارتفاع العجز في الميزان التجارى حوالي خمسة مليارات دولار عام 1996وارتفاع نسبة الواردات اسرع من الصادرات .
وفي عام 1994 كانت نسبة الفقراء من عدد السكان 18%,من مجموعة العائلات في اسرائيل.وفي عام 1996 انخفضت الي 16%, والتغيير الأساسي هو أن السكان العرب ادرجوا في الاستقصاء للمرة الأولى وشمل البلدات التي يقل سكانها عن عشرة آلاف نسمه .
لقد برزت العنصرية المغلقه في عدم شمول العرب في استقصاء الجوع ، وهو مايفسر زيارة عند الجياع إضافة إلي أن تزايد نسبة العائلات يعود إلي دعم الدولة لمداخل العائلات ذات الولد الواحد بنسبة 50% ولما كانت العائلات العربية كثيرة الاطفال فلم تستفد من الميزانيات التي خصصت سابقا لمحاربة الجوع حتي أن خمس شعب اسرائيل جائع في الوقت الذي يبلغ ناتجها القومي مائة مليار دولار بمعدل 17 الف دولار للفرد.
أدت سياسة توسيع المستوطنات إلي ارتفاع معدل التضخم الذي يقدر بحوالي 12% وكذلك ارتفاع أسعار الفائدة علي السندات المحلية وعلي القروض التجارية .
ألحقت المقاطعه العربية لإسرائيل ومنذ عام 1951،اي منذ بدء المقاطعة الرسمية ،خسائر مادية تقدر باكثر من 64 مليار دولار منذ ذلك العام 83000 شركة حتي 1982 .
للاسف ساعدت بعض الدول العربية اسرائيل علي الخروج من عزلتها وإعادة علاقتها الدبلوماسية مع العالم ،حيث تشجع الكثير من الدول التي كانت قد قطعت علاقتها ب اسرائيل منذ عدوان 1967 أو بعد حرب اكتوبر المجيدة 1973علي إعادة هذه العلاقات ،بعدما رأت الدول العربية تهرول في اتجاه تل أبيب لإقامة علاقات معها .
واستغلت إسرائيل هذه الفرصة للانتفاع في تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والسياسي والأمني مع هذه الدول مثلما حدث مع تركيا والهند والصين وروسيا والعديد من الدول الإسلامية ودول حركة عدم الانحياز والعديد من الدول الافريقيه .
وظل الوضع هكذا في الانفتاح العالمي علي اسرائيل نتيجة رفع المقاطعه عنها رافقة انفتاح تجارى واستثمارى عربي في اتجاه إسرائيل من خلال الاتفاقات التي وقعتها بعض الدول العربية مباشرة مع إسرائيل في مجال المشاريع المشتركة والتبادل التجاري أو من خلال بعض رجال الأعمال العرب الذين سال لعابهم علي السوق الإسرائيله أو طمعا بالتقنيه الإسرائيلية ورأس المال اليهودي حيث بدأت اسرائيل تشارك في معارض تجاريه عربية وتصدر بضائعها الي بعض الأسواق العربية .وبالرغم من حرب العدو علي غزة في الوقت الحالي إلا أن بعض الحكومات العربيه ظلت تحتفظ بالتبادل التجارى بكل اريحيه
وانما الشعوب العربية كلها لقنت العدو درسا قويا في مقاطعة السلع اليهوديه وكل من يساندهم .