د. حنان فهيم تكتب : 123 "الكبير "

د. حنان فهيم تكتب : 123 "الكبير "
د. حنان فهيم تكتب : 123 "الكبير "
 
"اللي مالوش كبير يشترى كبير" مثل من الأمثلة العظيمة في زمن كان يقدر فيه كبار السن ويعتبروا من الكنوز في العائلة وكان الكبير يسمى كبير العائلة ويلجأ له كل صاحب مشكلة وكانت كلمته سيف على كل الموجودين وكان يوافق صاحب المشكلة على هذا الحل عشان يشترى خاطر الرجل الكبير وكان الكبير بركة البيت ورضاه مهم والاحفاد لا تقول الا (سيدى) ويقبل يده في كل وقت لأنه مصدر الخير والبركة والحكمة والعطاء والرزق وكل شيء جميل في حياة الاسرة وكانت البيوت زمان تسع من الحبايب الف فيوجد العم والخال والقريب وبيوت يعم فيها السلام والحب والرحمة للجميع (كان).
اما الان في زمن يختلف كل الاختلاف عن الماضي القريب فأصبحت البيوت صغيرة ولا يوجد فيها الترابط والالفة واصبح العمل وقت أطول لتوفير إمكانيات افضل وليس ذلك فقط فالكثير سافر وهاجر او يعمل في محافظة أخرى واصبح كبير السن لا يعيش في ظروف تماثل حياة الجد عندما كان في نفس السن، واصبح هناك مقارنة بين الجد السابق الذى كان في مكانة عظيمة وابنائه تحترمه وتهابه وحياة الحفيد الذى اصبح الان هو الجد فالوضع مختلف تماما الجد الان وحيد في بيته غير قادر ماديا واذا ذهب مع أولاده ليس متاح ان يكون في غرفه مستقله لصغر المساحات الان وقله الموارد ولا يشعر بالهدوء والاحفاد لا تهتم فهم منشغلين بالموبايل والاصحاب ولا توجد في ذهنه صورة التعامل مع الجد فيما مضى ففي نظره جد كبير لا يسمع جيدا ولا يملك غير الدواء والالم وأيضا انشغال الأبناء في العمل المكثف ليحصل على مال اكثر ليكفي متطلبات الاسرة، وعندما ينظر كبير السن حوله يجد الوحدة والفراغ وانه غير مرغوب فيه، فهذا الكلام لا يدعو للاستسلام وانتظار الموت والدخول في دوامة الاكتئاب ولكن هذا غير مطلوب أصلا فالعمر في يد الله وهناك شباب يعيش نفس شعور المسن ويشعر بالإحباط والفشل ونهاية الحياة، فالعمر ليس رقم العمر فهو اكثر من ذلك بكثير فهناك نماذج لعظماء بدأت حياتها بعد الستين ويوجد الكثير من هذه القصص ومعروفين.
ما اريد ان اصل اليه عزيزي القارئ انك انت المسئول عن صحتك وعمرك وحياتك، لا تنتظر حتى يأتي الوقت الذى تشعر فيه بالفراغ والاحتياج والشعور بعدم القيمة، فكل مرحلة من حياتك تحتاج ان تعرفها وتدرس احتياجات كل مرحلة وتستعد لها، فمرحلة التقاعد وهى بعد الستين يجب ان تعمل عليها وتجهز لها قبل هذا الوقت بكثير فعليك بعمل خطة من الان لهذه المرحلة ابحث عن حلم قديم نسيته لانشغالك في تربية الأبناء ومطالب العمل وسرعة الحياة واعمل على استرجاع هذا الحلم والبدء فيه وأيضا هناك فرص كثيرة مثل المساهمة في العمل الاجتماعي فهناك الجمعيات الخيرية تفرح بتقديم يد العون لها ، والكثير من دار الايتام ودار المسنين ينتظروا من يطرق الباب ويقدم لهم ابتسامة من القلب ولمسه طيبه وحضن دافئ فقدوه من زمان، فكل انسان يريد ان يشعر انه حي عليه ان يبحث عن معنى لحياته وهذا لا يرتبط بسن معين او إمكانيات معينه فلا تعتبر ان تربية الأبناء وزواجهم هذه اكبر طموحاتك وعند اتمامها تعتقد ان الحياة خلصت خلاص ومفيش ثاني (لالالالا) الحياة اكبر من كدا بكثير ودور الانسان اعظم من هذا فكل ذلك واجب عليك ان تفعله لكن يوجد الكثير من الاعمال تعطى معنى وقيمة طول العمر ولا تنتهى غير مع انتهاء العمر وتكون مصدر طاقة واقبال على الحياة، ودائما تتذكر كم الإنجازات التي تمت في حياتك وفكر نفسك بيها، وكم من الناس كنت داعم وسند لهموما مدى الخير الذى يراه الله ولا يضيع ابدا، مرحلة الشيخوخة مرحلة هامة ولا تدع مجهودك وخبراتك تنسى وتضيع بالعكس هذه مرحلة الحصول على كرنية الحكمة وحصاد تاريخ من حياتك احرص على تقديم كل خبره وكل تعليم للأخرين وكن فخور بنفسك وتكلم عن ذلك وعلم الاخرين الشكر وكم صنع بك الرب في كل أيام حياتك من خير، احلا حاجة انك تفتكر نتيجة كل تحدى حصل وعدى وتشكر ربنا عليه، قدم حب وكلام إيجابي يسند من حولك حتى يتمنى الجميع ان يسمعك ويجلس معك، مازال الكبير نعمة وعطيا من ربنا البعض يشعر بها بعد انتهاء الوقت، افرحوا واستمتعوا بهم فسوف يأتي الوقت الذى يصبح فيه الحفيد جد في وقت اخر " افعل اليوم ما تحب ان يفعل بك غدا" 
اتمنى للجميع حياة سعيدة مع مهارات التنمية البشرية التي من خلالها تقدر تغير حياتك عندما تكتسبها ولدروسنا من التنمية البشرية بقية .........