«أعطنى خبزاً ومسرحاً أعطك شعباً مثقفاً».. وأجدها معبرة تماما وجامعة مانعة لما يجب أن تكون عليه الشعوب.. فقد وضع المسرح لأهميته الكبيرة جنبا إلى جنب مع الخبز الذى يعتبر العمود الفقرى لحياة الإنسان.. فلا حياة بلا خبز ولا شعب مثقف بدون مسرح.. فهو مجموعة من الخبرات الإنسانية التى يستفيد منها المجتمع ويكون له تأثير إيجابي فى مختلف مناحى الحياة.. واذا كانت هذه المقولة الذهبية تصلح لأى زمان ومكان فما أحوجنا اليها فى الوقت الحالى الذى ابتعدت الكثير من الشعوب عن الثقافة الحقيقة نتيجة لاهمالها للمسرح العربى الحقيقى للشعوب.. والثقافة التى يعنيها بريخت ليست الشهادات الدراسية العليا والتى يحصل عليها الكثيرون بمنتهى السهولة بل يشترون شهادات الماجستير والدكتوراه بمنتهى اليسر ودون أى حياء.. إنما يقصد الثقافة الحقيقة التى تتغلغل فى شخصية كل فرد من أفراد المجتمع وتظهر انعكاساتها فى تصرفاته وتحركاته وقراراته.. وبالتالى تظهر فى السلوك الجمعى العام والذى يجعلك قادرا أن تحكم على مجتمع ما بأنه مثقف أو غير ذلك.. ولا يمكن للمسرح أن يكون بمعزل عن الواقع المحيط به لأنه يعتبر الترجمة العملية والفنية لهذا الواقع مهما كان حاله واذا حدث غير ذلك فلن يكون له أى تأثير حقيقى وملموس على المجتمع.. حتى الأدوات التى يستخدمها المسرح يجب أن تناسب العصر حتى يتقبلها أفراد المجتمع ويندمجون معها ويكون لها تأثير حقيقى خاصة أن المسرح يتميز بأنه أسرع رد فعل وقتى ومباشر من الجمهور المتابع بدون أى حواجز أو معوقات وهو ما يضاعف من متعة المسرح ويجعله حالة انسجام واندماج وتفاعل مستمر ومن نوع خاص جدا باعتبار أنه فن تجسيد اللحظة الراهنة مهما اختلفت أو تنوعت.. والمسرح العربى فى حاجة إلى عقول أكثر وعيا وقلوب أعمق اخلاصا لمواكبة التقدم المسرحى فى مختلف دول العالم والاستفادة من التطور التكنولوجى الرهيب والاستفادة منه فى طرح العديد من الأفكار وتوصيل الرسائل بطرق أكثر سهولة.. خاصة اننا عانينا كثيرا من عدم تجهيز مسارحنا بالدرجة التى تجعل الرسائل لا تصل إلى المتلقى بطريقة واضحة وممتعة فى الوقت نفسه.. علاوة على حاجتنا لإتاحة الفرصة للمبدعين الحقيقيين بعيدا عن الأسماء التى أفلست ولم يعد لديها ما تقدمه.. فى حين يجلس المبدعون ينتظرون الفرصة وإتاحة المجال لهم لتقديم تجارب إبداعية مختلفة باعتبار أنه من المفروض أن كل تجربة مسرحية تقدم جديدا ومغايرا سواء اتفقنا فى الرأى معها أو اختلفنا.. (وللحديث بقية)..