قال رسولنا الكريم " إنّما بُعثتُ لأُتمّم مكارم الأخلاق " .
هذه الكلمات تُؤكّد بأن الأخلاق كانت موجودة قبل الإسلام .
فالعرب قبل الإسلام كانوا بالفعل يتمتّعون بشريعةِ سيدنا إبراهيم عليه السلام ، وبالأخلاق الفاضلة ، والشهامةِ والنبل في المواقف .
وكأن رسولنا الكريم يُؤكّد بأن مكارم الأخلاق هي من أوائل ما أُرسل لأجله ، حيثُ أنّ حسن الخلق هو الجانب الإيجابي في المقام الأول من جانب ما يراه الإنسان من أخيه الإنسان ، ومن هذا المحور يتمّ تقييم الفرد أو الإنسان .
أخلاق العرب قبل الإسلام كانت مليئة بل مكتظّة بالصفات التي نفتقدها الآن ، حيث كانت تتميّز بشمائل و بسجايا الكرم والشهامة والصدق والنخوة و بالقيم و بالثوابت المرموقة .
ولا بُدّ إلاّ أن نتوقّف أيضاً عند شجاعتهم و فروسيتهم والدفاع عن الشرف والكرامة والقبيلة .
العرب قبل الإسلام كانوا يتمتّعون بأخلاقٍ حميدةٍ منذ الصغر ، و بالوفاء بالعهد و بالوعد ، فهذه المزايا كانت بمثابة ثوابتهم التي لا يمكن المساس بها .
وكان العرب آنذاك صامدون لا يهابون النزال ولا يخشون الموت ، وكانت الشجاعة والفروسية جزء أساسي في تربية الأطفال منذ الصغر في العصر الجاهلي ، ورفض الظلم أو الذل في نفوس الأبناء .
ولقد تغنّى العرب بالشجاعة وبالفروسية ورفض الضيم في أدبهم وأشعارهم ، ومنها ما قاله عنترة بن شداد :
لا تسقني ماء الحياة بذلةٍ
بل فاسقني بالعزّ كأس الحنظلِ .
ولعل من أخلاقهم وصفاتهم التي لا يمكن تجاوزها ، إغاثة الملهوف وحماية ذوي القربى ، ومساعدةِ المحتاجين أيّاً كانوا ، والوفاء مع الآخرين .
وكي لا ننسى ، علينا أن نؤكّد بأنّه كان للمرأة دورٌ مهم عند العرب قبل الإسلام ، وكانت المرأة في ذلك الوقت تعمل بالاقتصاد و بالشؤون الزراعيه و الحرفيه ، وكنّ ينشطن في توفير الموارد الأساسية للمجتمع وللأسرة .
كما كانت النساء قبل الإسلام يُشاركن في القتال والاستبسال الذي يهدف إلى حماية المجتمع والقبيلة من أي تهديدٍ كان ، كما كانت النساء يتمتّعن بموهبةٍ كبيرةٍ ومتميّزة في مجال الشعر والأدب وكنّ متفوقات ومتميزات بالفطرة .
وكانت مكانة المرأة قبل الإسلام في طبقة الأشراف والأغنياء ، ومن منّا لا يذكر هند بنت عتبة ، و زرقاء اليمامة ، والخنساء بنت زهير بن أبي سلمى ، وصفية الباهلية ، وغيرهن كثير .
العرب قبل الإسلام ، كانوا يتجنّبون أن يُمسّوا بأيِ ذلٍ أو هوان ، فالإنفة وعزّة النفس من قيمهم التي لا يمكن لأيٍ كان المسّ بها ، وكانوا يتميّزون بالتفاخر والزهو ، وكان في مجالسهم يقوم القاعد للقادم من باب الاحترام ، وكانوا يعملون على حماية الجار ، كما كانوا يوقدون النار طوال الليل ليهتدي إليها الغريب ، حيث أنهم معروفون بالكرم اللامحدود ، وكانت الخيول عندهم بمثابة رمز العزّة وتُمثّل الهيبة والقوة . وكما كانت الإبل تُمثّل الثروة .
ولكي نُدرك حقيقة الأمور أكثر ، علينا أن نعلم بأن العرب قبل الإسلام كانوا هم الذين يختارون قادتهم وزعماء قبيلتهم ، وهؤلاء القادة كانوا يخضعون لاختبار الشهامة والكرم والصبر والمروءة والحكمة في اتخاذ المواقف .
وكأن أيام العرب في الجاهلية كانت أيام فرحٍ وكرامةٍ تنساب كسلسبيل في نفوس الأبناء في تلك الأيام .
فأين نحن منهم الآن ، لا عدالة ولا مروءة ولا صبر ولا حكمة ، والشعب محكومٌ بفئةٍ ظالمةٍ مُستبدّة ، ولهذا نرى أنفسنا اليوم متخلّفون جداً عن العرب قبل الإسلام ، لأننا نفتقد أوليات الأمور مثل العدلِ والمساواة والمروءة والحكمة في المواقف ، والحسّ الإنساني .