تعددت الأقوال المأثورة التى ترددت عن المرأة وعن فاعلية وأهمية أدوارها بالحياة الاجتماعية منها على سبيل المثال لا الحصر مقولة الكاتب والروائى الفرنسى " أناتول فرانس" "المرأة هي مكونة المجتمع، فلها عليه تمام السلطة لا يعمل فيه شيء إلا بها، ولأجلها". وتعكس تلك المقولة كثير من المضامين الثقافية المتفق عليها بشكل كبير. فالمرأة هى الأم التى تٌهدى البشرية أجيالها المتلاحقة وتتعهدهم بالتربية والتنشأة وغرس القيم الاجتماعية السائدة والمتفق عليها بسائر المجتمعات الإنسانية. إلى جانب أدوار الأمومة ورعاية شؤون الأسرة تٌمارس الغالبية العظمى من النساء أدوارهن الإجتماعية المرتبطة بمجالهن المهنى بتميز واقتدار شديدين. ورغم إجتهادهن فى الجمع بين أدوارهن الأسرية والتزاماتهن المهنية يظلون بموضع اتهام أوجدته الصورة الذهنية التى رسختها الثقافة القليدية عن المرأة الفاعلة بأنها أمرأة مٌقصرة، ومٌخفقة. ولا تنعم بحياة عائلية هادئة ، ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك متصورين أن كل أمراة ناجحة لا بد وأن تكون منفصلة ،أو غير متزوجة وكأن نجاحها واستقرارها نقيضان لا يجتمعان !! .
تمخض هذا التصور أيضا عن الإعتقاد السائد لدى القاعدة الشعبية بالمجتمعات العربية والتقليدية، بأن المرأة منذ انخراطت بالحياة العامة وطرقت ميادين العمل قد تخلت عن تعهدها لأولادها بالتأديب والتهذيب ومتابعتهم دراسيًا مما ساهم بدورة فى انحراف الأبناء والتفافهم حول قيم لا تتسق مع ثقافتهم وتزعزع هويتهم .
مثلّ جميع ما سبق أبرز التحديات الثقافية التى واجهتها المرأة وحاولت دحضها بتقديم صورة مغايرة بدت فيها كأم ناجحة قامت بأدوار الأمومة على النحو الاكمل ، ونجحت فى إقامة علاقة صحية مع الشريك والزوج بإنكار الذات كى لا يتحسس زوجها من شعوره بتميزها وثقلها فيقهرها. وربما يكون الخوف الذى يساور الزوج على زوجته أو منها فى ذات الآن إذا قمنا بتحليله وفقا للإطار الثقافى الذى أفرزه. له ما يبرره لأن الثقافة الشعبية لطالما كان تعزز خوف الرجل من قوة المرأة وتمكينها الاقتصادى كى لا تقوى شوكتها وتعاملة بندية تبغضها الثقافة ولا ترتضيها ، حتى وان استطاعت الزوجه الفاعلة من خلال عملها دعم أسرتها ماديًا بتعاونها مع الزوج فى تأسيس حياة ومستقبل أفضل لأبنائها تبقى مساهاماتها غير مٌعلنه. ورغم إقرار كثير من الأزواج بمساندة ودعم الزوجه يبقى الأمر بينهما طى الكتمان ، وتظل فكرة توثيق مساهمات الزوجه غير مقبولة فلا يٌخصص لها جزء من مساهماتها ويٌملّكه لها إن كان فى صورة عقار أو أرض ........الخ. دافعه الى ذلك الخوف من تخليها عنه يومًا إن شعرت باستقلاليتها ، ويظل بعض الازواج بموجب تلك الصراعات الدفينه بفعل التنشأة أو الخبرات الحياتية التى مر بها بعض المقربين فى محيطهم الأسرى يحارب بكل ما أوتى من قوة نجاح زوجته رغم أن المكاسب المادية والأدبية التى تحوزها الزوجه يكون المستفيد الأول منها أسرتها وأبنائها اللذين يتأسون بها ويصيبهم حماسها ويفخرون بها.
لذا آن الأوان لتغيير المفاهيم التى تجعل العلاقة الزوجية علاقة عدائية تسلطية ، لا موطن للسكينة والرحمه والإلتقاء الروحى والإشباع العاطفى والنفسى فى ظل عطاء المرأة اللا محدود وأدوارها التى لا تنفك عنها ومهامها الجسيمه التى يعجز أولى القوة من الرجال عن حملها أصبحت هناك ضرورة حتمية لأحلال الصورة الذهنية التقليدية بصورة أكثر حداثة وعصرية ومواكبة لمتغيرات العصرولواقعنا الاجتماعى والإقتصادى التى تٌشارك فية المرأة بقوة علنا نرد جميلها ونقدر جهودها ،وسعيها صوب كل جميل، وندفعها بقوة صوب النجاح والابداع لأنه حرى بها.
* سهام عبد الباقى
باحثة اثنروبولوجية
كلية الدراسات الأفريقية -جامعة القاهرة