مقال كتبته لسيدتي:
ترددت كثيرا قبل تسمية المقال، ايكون عنوانه "عيد المرأة"، ام" المراة عيد".
ايا ما تدعونه، ليس بوسعي تهنئة كل امرأة على حدة، ولكن سأكتفي بمدح كل الخصال والفضائل، وستجد ان مجموعها حواء.
* سيدتي، لم ينل وصف انسان الا من نبت في جوفك "متطفلا" علي كرمك، لذا تظل تسمية "الطفل" حكرا على منتوج المراة، وما دون ذلك، فلا يسمى من بين صغار البهائم او الطير اطفالا.
* ينعتون العربية بانها لغة حية، قواعدها صلبة كاسرة، تستوعب كل منطوق اللغات الاخرى، ولكن امامك سيدتي استعصي عليها الامر وانكسرت صلابتها امام عظمتك، فلا مثنى لــ "حواء" ولم يفلح جمعها، واستعصى على اللغة مفرد "النساء"، وعجزت عن جمع "المراة".
* حتى مع النشأة الاولى، لم تتساوى خلقة الانثي بخلقة الذكر، فحظيت المراة بمنزلة تشريحية اكثر تفصيلا عما حظي به الذكر عندما تم فصل الجهازين البولي والتناسلي، بينما ظل الجهازان ملتحمان في الذكر، ويصنف علماء البيولوجيا دقة التشريح ودقة الوظائف بالرقي التشريحي.
* ما اروعه تكريم عندما خلق الله أدم من طين، واتت حواء بعدما " تأدم" الطين.
* سيدتي، انت وعاء الحياة، فسبقت امومتك بفضائلها استضافة البشر قبل الابوية عندما بدات علاقتك بالجنين قبل مجيئه للدنيا بتسعة اشهر، اطعمته مما اكلت، وجمعت ابواله وغوطه لتخرجهما عبر كليتيها، واقتسمت معه ما تنفسته من هواء، وتخلصت من زفيره عبر انفاسها.
* لم تقصر في حمايتك ايها الادمي حتى وانت في رحمها، فراحت" تفلتر" كل ما يمر منها اليك عبر المشيمة حتى لا تصيبك جرثومة ولا يؤذيك دواء تناولته هي عبر حاجز وضعته بينكما اسمه الحاجز المشيمي (Placental barrier ).
من العار ان يكون هناك عيدا للام، او يوما للمرأة، فالعمر بايامه وساعاته لن يفي، فكيف بيوم اوحد؟
ايا كل امراة، انت كل النساء، بل كل الناس .. نعم، فأنت وعاء الحياة.
عظمة البكاء
اذا تشبعت بالالم، فجاهر بالبكاء لتصبح ضمن البشر.
البكاء ليس عورة، وابدا لم يكن نقيصة، فهو ضمن المكون الانفعالي للانسان والحيوان، وكتمانه يصنفك شاهد زور.
البكاء يدفئ العاطفة، فيتبخر الحزن ويقلل من افراز الارينالين الذي قد ينهي حياتك في ذروة الحزن.
الطب يحذرك ...
لدي الحديث عن ادارة بدنك، المعتاد ان وعيك (عقلك الباطن) يدير الامر بمعقولية، ولكن اذا تراكمت رسائل الحزن بلا تفريغ للضغط عبر البكاء او النوم الممتد، او التجاهل المحسوب، فإن العقل الباطن يتولى ادارة البدن، وهذا الاخير لا يقدس الحياة بنفس الشغف الذي يؤتيه العقل الواعي، فلا يهمه ذويك، ولا ابنك وابيك، ولا ثروتك، فيصدر اول قراراته بتعطيل الوعي، وبتر الالم من خلال اعظم قرار لا راد له وهو الانتحار.
عندنا يصدر العقل الباطن قرار الانتحار، يمنحك حالة من السكينة لبعض الوقت، والسكينة هذه ما هي الا وعد باقتراب الخلاص. انتهز هذه الفرصة للافلات، والا فانت مغادر لا محالة.