الاغتراب : التشبه بالاخر بما لا ينسجم بواقعك ولا يخدم قضيتك .
الاستشراق : هو سبل ناعمة او ثقيلة لتسهيل اختراقك من لاخر .
الكرسمس : عيد غربي قومي وهوية ثقافية وتسويق حضاري .
يعد اختراق الأسماء وتبدل العناوين من مظاهر حديثة غزت المجتمع العربي وتغلغلت شيئا فشيء وبكل شيء .. في منطقتنا التي تحاصرها اراتال الازبال وتعج بالفوضى بشكل مقزز اختلط حابل التكتك والدراجات بنابل السيارات حتى اختفت بموجبه النظافة العامة وطرق سير المارة مع ان ديننا الحنيف يعلن : ( النظافة من الايمان وازاحة الأذى عن طريق الناس ) .
لفت نظري بليلة راس السنة ازدحام امام احدى محلات بيع كيك أعياد الميلاد التي تهافت الناس لشرائها بهذه المناسبة التي أصبحت جزء من السياقات المجتمعية المعتادة . الغريب في الامر ان المحل حمل عنوان اجنبي ( دونادو بوي ) .. فيما كان قريب منه محل آخر يحمل اسم إسلامي محبب للقلوب لكن لا احد يقف عنده ولا يشتري منه .
أعلنت وزارة الدفاع عن فتح باب التطوع للشباب وقد بلغت اعداد المتقدمين بالملايين وفقا لاحصاءات إعلامية . فيما شاهدنا ليلة نهاية 2023 الاف الشباب يجوبون الشوارع مشيا بلا هدى وسط أجواء البرد تحت عنوان الاحتفال .. كما تم اطلاق ملايين الألعاب النارية التي تكلف الواحدة منها ما يقارب ( خمسة وعشرة دولارات ) تقذف كحمم سماوية منذ ثلاثة أيام بما لا يعد ويحصى وبتكاليف مليارية .. علما ان مجلس النواب صوت على قرار عام 2012 منع بموجبه استيراد وبيع الألعاب المحرضة للعنف . فتسائلت ماذا لو جمعت هذه التكاليف ووظفت بما يتوافق مع القانون والشرع والعرف لتطوير وتوظيف قدرات شباب الامة الذين يبحثون عن لقمة عيش فلا يحصلون عليها الا بالكاد وبالاذلال أحيانا .
كنت مرافقا إعلاميا لوفد رياضي عراقي في احدى الدول الإسلامية وقد سالت احدهم عن مستوى التغريب المجتمعي عندكم فقال : ( ماذا تقصد ) ؟ .. فقلت : ( أي تغيير اسماء مواليدكم الحديثة والمحلات الى أسماء جديدة . فقال : ( لقد اختفت اغلب الأسماء الإسلامية المشهورة سيما بالنسبة للبنات وحلت بدل عنها أسماء غربية مسوقة عبر التواصل وهذا يشمل أيضا أسماء المحال والمكاتب ) .
قبل عقود كان اغلب الإباء يجبرون الاسرة على إطفاء الضوء والنوم باكرا في ليلة نهاية السنة كي لا يتشبهوا بالنصارى – كما يقولوا أيام زمان - مع ان ذلك به شيء من التطرف الا ان ما يحدث الان وباسم التشبه بالغرب يعد تطرفا خطيرا ومبرمجا وغير معقولا . فقد سمعت في ليلة الكرسمس ودقائقه الأخيرة صوت عالي – لم اتاكد مصدره من مسجدا او لشخص محتفل بالمناسبة – كان يدعوا بالخير والامن والاستقرار وهذا حسن الا انه يعد ظاهرة غير مسبوقة في هذه التشكيلة الكوكتيلية ..
ختاما .. احب التأكيد باني لست ضد الاحتفال براس السنة .. شرط التناسب مع ثقافتنا وبطريقتنا وما يخدم مصالحنا القومية .. فللغرب عيدهم القومي الكرسمسي كما للإيرانيين عيدهم القومي في نوروز .. لكننا العرب لا نتملك دين قومي .. فيما اعيادنا الإسلامية فقد أصبحت مجرد عطلة رسمية ومناسبة استهلاكية للأطفال حصرا . اما عيدنا الهجري فلا ذكر له الا عبر التواصل بصورة لا تختلف كثيرا عن اسقاط فرض صباح الخير وجمعة مباركة .