لا يمكن الحديث عن الصراع الإيراني الاسرائيلي بمعزل عن حركة حماس إذ يعتبر دعم إيران لحماس جزءًا من محورها الإقليمي المعروف بـ”محور المقاومة”، والذي يضم أيضًا حزب الله في لبنان والنظام السوري وجماعات أخرى في العراق و الحوثيين في اليمن ،، هذا المحور يشكل قوة مضادة للنفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة بحسب المنظور الإيراني و تربط حركة حماس وإيران علاقة تحالف وثيقة تعود لعدة عقود مبنية على مصالح مشتركة ترتبط بالصراع ضد إسرائيل ودعم المقاومة الفلسطينية ،، و تقدم إيران دعمًا عسكريًا وماليًا كبيرًا لحماس وقد زودتها بتكنولوجيا تصنيع الصواريخ والمعدات العسكرية و هذا ما ساعد حماس في تطوير قدراتها العسكرية خاصة في قطاع غزة و يعد هذا الدعم جزءًا من استراتيجية إيران لتوسيع نفوذها الإقليمي من خلال دعم حركات المقاومة والجماعات المسلحة التي تشترك معها في العداء لإسرائيل ،، رغم ذلك واجهت علاقة حماس بإيران بعض التوترات خاصة بعد اندلاع الأزمة السورية عام 2011 حيث أيدت حماس الثورة السورية بينما وقفت إيران إلى جانب نظام بشار الأسد و لكن العلاقات تحسنت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة مع عودة الدعم الإيراني بشكل أكبر وتوحيد المواقف تجاه القضايا الإقليمية خصوصًا مع تطور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وتزايد العمليات العسكرية ضد إسرائيل ،،
ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض و فوزه بالانتخابات الرئاسية ضد كامالا هاريس لقضاء ولايته الثانية و الأخيرة و التي تأخرت 4 سنوات بعدما خسر المعركة الانتخابية أمام الرئيس جو بايدن فى الانتخابات الرئاسية السابقة 2020 فهناك مخاوف من تأثير سياساته على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني خصوصاً ان إدارة ترامب السابقة 2016 اتخذت موقفًا مؤيدًا للغاية لإسرائيل حيث نقلت السفارة الأمريكية إلى القدس واعترفت بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان ودفعت باتجاه اتفاقات أبراهام التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية ! وفي حين عززت هذه التحركات الموقف الدبلوماسي الإسرائيلي إلا أنها همشت إلى حد كبير التطلعات الفلسطينية و حدت من التقدم نحو حل الدولتين و قد عرضت "صفقة القرن" التي طرحها ترامب في عام 2020 على الفلسطينيين سيادة محدودة وهو ما رفضوه لأنها سمحت لإسرائيل بالحفاظ على سيطرتها على أجزاء كبيرة من الضفة الغربية ،، و قد يتخذ ترامب نهجا أكثر انحرافا لصالح المصالح الإسرائيلية فقد صرح مؤخراً بأن تحقيق حل الدولتين يبدو الآن صعباً للغاية ! ويتوقع المراقبون أن سياساته قد تعطي الأولوية لتعزيز الموقف الأمني لإسرائيل ومواصلة جهود التطبيع مع الدول العربية مثل المملكة العربية السعودية بدلاً من إعطاء الأولوية لحق تقرير المصير الفلسطيني ،،
و بالرجوع إلى مصير الصراع الإيراني الإسرائيلي خلال فترة ولاية ترامب الجديدة و الذي وعد بإنهاء الفوضى و الحرب في الشرق الأوسط و المعاناة و الدمار فى لبنان إذا عاد للبيت الأبيض فالاحتمالات كلها تشير إلى امكانية تزايد الصراع بين إيران و إسرائيل ! فمازالت التوترات مرتفعة و الدعم الأمريكي مستمر للاجراءات الاسرائيلية الرامية إلى الحد من نفوذ إيران فى الشرق الأوسط و تاريخيا قد اظهر ترامب دعماً قوياً لإسرائيل بما في ذلك دعم إجراءاتها الأمنية ضد إيران ،، و مع استمرار دعم أمريكا و الناتو لإسرائيل و سعي إيران لإقامة علاقات وثيقة مع روسيا و الصين و تحولها نحو الردع النووي لموازنة تصرفات إسرائيل و حلف شمال الأطلسي اصبحت كلها ديناميكيات تزيد من خطر نشوب صراع إقليمي أوسع نطاقا و قد يظن البعض ان ترامب قادر على فتح المجال أمام المسار الدبلوماسي و السياسي ! و اري ان المسار الدبلوماسي كان و لا يزال مفتوحا اما السياسات لن تتغير و بالأخص دعم إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني و حقه في تقرير مصيره ،، و يظل التصعيد الإسرائيلي احتمالا و تظل إيران تسعى لتعزيز قدراتها الدفاعية و الهجومية و تظل الدول العربية مفككة و ضعيفة و يظل تحقيق دولة فلسطينية مستقلة أمرًا بعيد المنال في المستقبل القريب لكنه يبقى هدفًا مشروعًا وسعيًا مستمرًا للشعب الفلسطيني وداعميه من كل احرار العالم ،،
الخلاصة ان انتخاب ترامب يعكس شعورًا بالاستياء والتوتر بين قطاعات واسعة من الشعب الأمريكي تجاه السياسات الخارجية للنظام الحالي والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إضافة إلى استخدامه لخطاب شعبوي واستغلاله للقضايا الساخنة مثل الهجرة والتجارة فضلاً عن دعم من الجماعات المحافظة ،، كلها عوامل ساعدت في دفعه إلى البيت الأبيض و سيكون حفل تنصيب ترامب يوم الاثنين الموافق 20 يناير 2025 وعند هذه النقطة سيتولى قانونياً سلطات ومسؤوليات الرئاسة الأمريكية و قد قال ترامب فى خطاب الانتصار ( إن الكثيرون قالوا له إن الله قد أنقذه من الاغتيال من أجل أن تستعيد أمريكا عظمتها ) ارجو من الله ان يجعله سبباً فى تنظيف سمعة أمريكا التي تلطخت بدماء الفلسطينيين لتستعيد عظمتها .