بتاريخ الأحد 19 أبريل 2020 نشرت مقالا قصيرا في جريدة الجمهورية تحت عنوان ” نيوتن “.. و ” الأرض المُقدسة “، قلت فيه إن طرح “نيوتن” في مقاله المنشور بجريدة المصري اليوم “إعطاء أرض سيناء المُقدسة حُكماً ذاتياً، وجعلها مثل “ولاية بافاريا الألمانية”؛ لها: رئيس حكومة، ووزراء متخصصين؛ يتبع الوزارة المركزية، ذكرني بطرح مشابه لإعلامي شهير يسأل عبر برنامجه “الحوار المستمر” الذي يبث على “قناة on live”: هل توافق على بيع آثار مصر للخروج من أزمتها الاقتصادية”……….!!!
طبعا مع الفارق الشاسع بين “الإعلامي” هذا.. و“نيوتن” في مناحي كثيرة.. فالإعلامي المشار إليه.. "إن راح ولا جِه".. أهو موظف في القناة.. ولن يبادر بما طرحه بالتأكيد من تلقاء نفسه، أو لا يجرؤ بنطق هذا الطرح إلا إذا أما “نيوتن”، فهو رجل أعمال مِلء السمع والبصر، أي أنه يعرف جيدا ماذا يقول، ولماذا يقول، ومتي وكيف وأين و… يقول……..!!.
ونظرا لحساسية أرض الفيروز عند الشعب الذي حافظ عليها وحررها من يد العدو بدم خيرة أبنائه.. فقد هُوجم “نيوتن” بضراوة وقسوة تناسب فداحة الجُرم الذي ارتكبه بحق الأجداد الأولين والأحفاد الحاليين.. وفي معرض دفاعه عن "نيوتن"، أشار رئيس تحرير الجريدة آنذاك في مداخلة مع المدعو عمرو أديب إلى أنه يحترم الحساسية التي قوبل بها تعبير “الحاكم”، ويقدرها على أساس أن ما طرحه الكاتب فكرة أمريكية من الأساس، وليست مصرية، كما يحترم أيضًا ما قاله الكاتب في اليوم الثاني بأن هذا التعبير قد لا يكون الأنسب”…..!!
لذا فإن السياسة والدبلوماسية في الحديث “المُبطن” عن سيناء الحبيبة.. سواءً أكان ذلك حاليا أو سابقا أو مستقبلا، لا يمكن أن يقبله أي مواطن مصري شريف فقد والده أو جده أو شقيقه أو ابنه أو أحد أقربائه، وهو يدافع عن هذه الأرض المباركة. وخيراً ما فعله النائب البرلماني حسن السيد عندما تقدم بطلب إحاطة للتحقيق في هذا المنحي الخطير للدكتور على عبد العال – رئيس البرلمان – ورئيس لجنة الأعلام، بالإضافة إلى رفع الأمر لنقابة الصحفيين بشأن مقال “نيوتن” عن سيناء المنشور بجريدة المصرى اليوم الورقية.
وبهذه المناسبة، كنت أتابع بشكل دقيق مقالات “نيوتن” – كمستثمر – عن أرض الضبعة.. وفي جزء من التحقيق المنشور بذات الجريدة يوم السبت 10 – 04 – 2010 تكمن مواجهة النزاع “النووي - السياحى”.. أقصد بين الدولة ورجال الأعمال.. وتضيف الجريدة:
– منذ أعلن الرئيس الراحل حسني مبارك فى 29 أكتوبر 2007، بدء خطوات تنفيذ المشروع النووى، أصبحت أرض الضبعة طوال 3 سنوات فى خلاف بين الخبراء النوويين والسياحيين، وتكشف:
– فالفريق الأول يرى أن أراضى الضبعة هى الأنسب لإنشاء المحطة النووية وأن المستثمرين يحاولون الاستيلاء على أراضى الدولة، بينما يرى المستثمرون أن الدولة تحاول الاحتماء بالرأى العام المصرى لتدمير السياحة فى المنطقة التى أنفقوا فيها أموالهم وأنشأوا مطارات لتشجيع الاستثمار فيها، وتختتم الجريدة: – والمستثمرون يتهمون الدولة بالاستيلاء على بعض الأراضى المسجلة بأسمائهم بعد قرار محافظ مطروح بإنشاء حزام أمنى حول الضبعة بعرض 2.5 كيلومتر….!! ….. ودمتم… مرفق صورتان: الأولي لمحمد أفندي رافع العلم على أرض سيناء الحبيبة مع رفاقه، والثانية لمشروع الضبعة النووي الذي حارب من أجل الاستحواز عليه رجال الأعمال، عفواً (المستثمرون).
ختاما نقول لهؤلاء ومن يسير في ركبهم.. اتقول الله في مصر.. اتقوا في شعب مصر.. اتقوا الله في أنفسكم واولادكم واحفادكم.. وتذكروا يومآ ترجعون فيه إلى الله.. يوم لا ينفع مال ولا بنون.. الا من أتى الله بقلب سليم.. فمصر.. يا من تريدون لها هذا المصير البائس.. باقية والجميع زائلون.. حفظ الله مصر برجالها الشرفاء.. ولعنة الله على الخونة والعملاء والجبناء والمنتفعين والمستغلين.. وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.. سيناء هتفضل غالية عليه.. انتهى المقال.https://www.gomhuriaonline.com/GomhuriaOnline
بتاريخ 10 مارس 2023 نشرت “العربية. نت” و “الحدث. نت” معلومات غاية في الأهمية والخطورة معا تؤكد إن مسؤلا أمنيا رفيع المستوى كان قد ألقى القبض على الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي قبل أحداث يناير من العام 2011 ومعه قيادات أخرى من جماعة الإخوان الإرهابية بينها محمد سعد الكتاتني، رئيس برلمان الإخوان فيما بعد، وذلك كخطوة استباقية وإجهاضية قبل اندلاع شرارة الأحداث وإيداعهم سجن وادي النطرون شمال البلاد. وتبين – وفق المعلومات – أن المسؤول الأمني المشار إليه عثر بحوزة مرسي ضمن المضبوطات التي كانت برفقته على ورقة مكتوبة بخط يده وكانت محررة حديثا ومدونا فيها خطة من 8 بنود، تتضمن توقعات وسيناريوهات أحداث 25 يناير، منها اقتحام عناصر تنتمي لجماعات إرهابية معروفة للحدود المصرية في 25 يناير، وأيضا اقتحام السجون وحرق أقسام الشرطة.
كما يوضح البند الثامن في الورقة كان دخول المحتل الاسرائيلي أرض سيناء. وكشفت المعلومات أيضا أن قيادات الجماعة الإرهابية – وفق الوثيقة – كانت خطتهم تستهدف إشعال الوضع في شمال سيناء خلال انشغال الدولة وأجهزتها المعنية بأحداث ميدان التحرير، والمواجهات مع المتظاهرين للسيطرة على أجزاء من سيناء، وبدء تحريك العناصر المدربة والتشكيلات القتالية التي تكونت على مدار السنوات التي سبقت الأحداث لضرب مديريات وأقسام الشرطة هناك، وعزل سيناء تماما عن الدولة على أن يتم في مرحلة تالية شن عمليات ضد إسرائيل منها، لكي تضطر الأخيرة للتدخل والدفاع عن نفسها والدخول لسيناء ونشوب أزمة كبيرة بين البلدين.
وربما قد تصل لمواجهة عسكرية متبادلة، وهو ما فطن له مسؤولو الدولة المصرية وأجهضوا المخطط. كما تبين أن المخطط الإخواني المدون في الوثيقة كان الرئيس المعزول قد تلقاه هاتفيا من قيادي كبير في الجماعة ودونه في تلك الورقة بخط يده، واحتفظ بها في منزله حتى عثر عليها بحوزته لحظة القبض عليه، وتم الاستناد إليها كدليل إدانته وقيادات الجماعة في قضية اقتحام الحدود الشرقية.
أما عالمنا الفذ البروفيسور جمال حمدان، فله في عشق سيناء ما يجب علينا أن نذكر جزء منه، فهو ( حمدان) أفضل من يتكلم عن أهمية سيناء التاريخية والاستراتيجية من الدكتور الراحل جمال حمدان، حيث استحوذت «سيناء» على تفكيره واحتلت مكانًا بارزًا فى كتاباته ومؤلفاته، فأولاها مكانة خاصة بوصفها أهم وأخطر مدخل لمصر على الإطلاق، وبوصفها كذلك وحدة جيواستراتيجية واحدة، لكل جزء منها قيمته الحيوية. وكان قد أشرف على إخراج هذا كتاب يحمل عنوان ” سيناء في الاستراتيجية والسياسة والجغرافيا” تمهيدًا لنشره، وذلك قبل أن توافيه المنية. ويناقش دكتور جمال فى هذا الكتاب الهام سيناء من جميع جوانبها: الاستراتيجية والسياسية والجغرافية، ويبدأ قائلا: – الواقع أنه إن تكن مصر ذات أطول تاريخ حضارى فى العالم، فإن لسيناء أطول سجل عسكرى معروف فى التاريخ تقريبا. ولو أننا استطعنا أن نحسب معاملا إحصائياً لكثافة للحركة الحربية. فلعلنا لن نجد بين صحارى العرب. وربما صحارى العالم، رقعة كالشقة الساحلية من سيناء حرثها الغزوات والحملات العسكرية حرثا. من هنا فان سيناء أهم وأخطر مدخل لمصر على الإطلاق. إنها لخيير بالنسبة للهند، أو كممر دز ونجاريا بالنسبة لوسط آسيا، أو هى ترموبيل مصر. بل إننا ليمكن أن نقول إنها بمثابة ثلاثتها جميعا، وذلك بمضايقها الثلاثة ممر مثلا إزاء السويس وطريق الوسط إزاء الإسماعيلية وطريق ساحل الكثبان الشمالى ابتداء من القنطرة. وبغير مبالغة ذلك: فسيناء أيضاً مدخل قارة برمتها مثلما هى مدخل مصر، ويضيف «حمدان»:
– «من يسيطر على فلسطين يهدد خط دفاع سيناء الأول، ومن يسيطر على خط دفاع سيناء الأوسط يتحكم فى سيناء، من يسيطر على سيناء يتحكم فى خط دفاع مصر الأخير، كان هناك دائما عدو يشكك بطريقة ما فى مصرية سيناء ويطمع فيها بصورة ما، بالضم، بالسلخ، بالعزل».
ثم يوضح «حمدان» عن محاولات ضم أو سلخ أو عزل سيناء: «قد تكون غالبًا أو دائمًا أرض رعاة، ولكنها قط لم تكن أرضًا بلا صاحب.. منذ فجر التاريخ».
ثم ينتقل للحديث عن الأهمية الجغرافية والسواحل التى تتمتع بها سيناء يقول «حمدان»: «بلغ مجموع سواحل سيناء 700 كم من 2400 كم هى مجموع سواحل مصر، فسيناء (61 ألف كم مربع) تشكل 6.1% من مساحة مصر، وتستأثر بنحو 29.1% من سواحل مصر، لهذا ينخفض معامل القارية فى سيناء كثيرًا إذا ما قورن بنظيره فى مصر ككل، ذلك إن سيناء تمتلك كيلومترًا ساحليّا لكل 87 كم2 من مساحتها، مقابل كيلومتر لكل 417 كم2 فى مصر عمومًا». وتنقسم سيناء جغرافياً إلى 3 أقاليم طبيعية من الشمال إلى الجنوب، وسهول واسعة تعرف بسهول العريش والهضبة الوسطى «هضبة التيه»، ثم الكتلة الجبلية المشهورة باسم «جبل الطور»، أما «جبل الطور» أو «إقليم الجبال» الذى يميز الكتلة الجبلية الحقيقية، حيث الصخور النارية البلورية الجرانيتية الصلدة، فهو يحتل الثلث الجنوبى الأقصى والأضيق من مثلث شبه جزيرة سيناء ما بين الخليجين، فهو محدود المساحة، وأقل من ثلث شبه الجزيرة لكنه متميز ومتبلور الشخصية جداً، حيث الجبال المدببة الشاهقة والكتل الجبلية الضخمة الحادة، باختصار إنه نواة سيناء الصلبة وقلعتها المعزولة. وعن الثروات الطبيعية فى باطن أرض سيناء يقول:
- أوضح، بما لا يدع مجالا للشك، أننا عندما نقف على أرض سيناء فإننا نقف على أقدم منجم عرفه تاريخ الإنسانية كلها لا التاريخ المصرى القديم فحسب.. ودلل على ذلك بما يتبقى حتى الآن من آثار وبقايا التعدين القديمة، التى تحمل لنا فى بعض المناطق ببوتقات وقوالب السّبك وكسر الرخام، من الذهب إلى الفيروز والنحاس، ومن المغارة إلى صرابيت الخادم، ويسترسل حمدان: – «شرم الشيخ بصفة خاصة جدا هى التى تعد المفتاح الاستراتيجى لكل المثلث الجنوبى، فهى وحدها التى تتحكم تماما فى كل خليج العقبة دخولا وخروجا عن طريق مضيق تيران. فهذا المضيق المختنق كعنق الزجاجة، الذى تزيده ضيقا واختناقا جزيرتا تيران وصنافير فى حلقه، لا يترك ممرا صالحا للملاحة إلا لبضعة كيلومترات معدودة تقع تماما تحت ضبط وسيطرة قاعدة شرم الشيخ الحاكمة». ثم يتحدث حمدان عن محاور سيناء الاستراتيجية:
– فإذا بدأنا بثلاثية المحاور وجدنا ثلاث مجموعات من الطرق الشريانية العرضية التى تستحيل للحركة الميكانية خارجها: محور الشمال الذى يوازى الساحل، ومحور الجنوب الذى يصل بين زاوية البحر المتوسط قرب رفح ورأس خليج السويس، وبينهما محور الوسط الذى يترامى كقاطع بين زاوية البحر المتوسط وبين منتصف قناة السويس عند بحيرة التمساح. ثم شرح كيف أثر التركيب الجيولوجى لكل خليج على ثروته: «خليج السويس خليج بترول غنى أرضًا وماءً، بينما خليج العَقبة خليج جاف بتروليّا، ولا شك أن هذا الفارق يفسر بعض مَظاهر الاختلافات البشرية والعمرانية على شواطئ الخليجيْن وفى مياههما، ولو أن الفارق التاريخى والبشرى الحاسم إنما- يقينًا - من تفرد خليج السويس بقناة ملاحة الشرق- الغرب العظمى- فكان شريانًا عالميّا، حيث ظل العَقبة منزويًا كزقاق مغلق مظلم شبه مهجور، وأنه بدأ يتحول مؤخرًا إلى حارة أو عطفة محلية لأسباب طارئة عابرة غالبًا». وقد ساهم تطور الحروب فى تحويل سيناء إلى أرض معركة بعد أن كان طريق معركة، وذلك حين كانت نقطة ارتكاز للوثوب إلى ساحل البحر الأحمر بالسلاح البحرى أو بالطيران وكانت شرم الشيخ هى مفتاح هذا المثلث. ويرجع «حمدان» ضعف عدد سكان سيناء إلى أنها أصبحت مطمعاً للمستعمرين فقال:
- «كان هناك عدو يشكك بطريقة ما فى مصرية سيناء ويطمع فيها بصورة ما بالضم أو بالسلخ أو بالعزل، ولكن أعود وأكرر «التعمير.. التعمير» هو الرد العملى على أطماع نزع الهوية عن سيناء وأيضاً لحمايتها.
ومن بين المقترحات التى قدّمها جمال حمدان لربط سيناء بالوادى والدلتا منذ ما يزيد على أربعة عقود، توصيل مياه النيل أسفل قناة السويس عبر صحارى خاصة من ترعة الإسماعيلية. وعن هذا المشروع كشف "حمدان" :
- إنها فكرة قديمة، وقد تحققت مؤخرًا.. وبها عاد قطاع من سيناء كما كان فى القديم جزءًا من حوض النيل، وكانت خطة المشروع زراعة 50 ألف فدان فى غرب سيناء، يمكن التوسع فيها مستقبلا لتشمل استصلاح سهل الطينة، كما يمكن مَده ليتصل بوادى العريش نفسه مباشرة أو حتى عن طريق وادى الحاج ووادى بروك، وهناك تقديرات مليونية لإمكانيات التوسع إذا تحققت فستنقلب الصورة تمامًا». وطالب فى نهاية دراسته المتعمقة بأن تكون إعادة تعمير سيناء قطعة رائدة من التخطيط القومى والإقليمى، العمرانى والاستراتيجى، تضع التحدى الحضارى على مستوى التحدى العسكرى. ورسم ملامح حلم هذا التعمير بأن يكون الساحل الشمالى غنيًا بالزراعة، والغربى نشطًا فى مجال التعدين، والشرقى فى مجال الرعى، وأن تكون قناة السويس مزدوجة، ويتجمع العمران الكثيف حول ضفتيها، وأن تكون هناك سلسلة من الأنفاق تحت القناة تحمل شرايين المواصلات البرية والحديدية.. وللحديث بقية…