لا ريب أن مشكلة الطاقة وكيفية الحصول عليها وضمانات عدم زوالها باتت مشكلة تؤرق العالم كله خاصة مع تداعيات أزمتي كورونا وتصاعد الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، والقارئ لكتب تاريخ دول العالم فى العصور الماضية يجد أن إمبراطوريات ضخمة زالت من الوجود حين نضب لديها مصدر الطاقة الرئيسي الذي كانت تعتمد عليه لذلك فإن الأمان الوحيد لأي بلد أن تعتمد على مصادر متعددة ومتنوعة للطاقة لضمان استمرارية وجودها على خريطة العالم، ونجد أن مجلس الطاقة العالمى يرفع مبدأ "الاحتفاظ بجميع خيارات الطاقة مفتوحة" ويروج له في العالم كله منذ أكثر من عشرين عامًا، لينبه دول العالم أنها بحاجة حقيقية لجميع أنواع الطاقات، الأمر الذي كان من شأنه أن يرتقي بمصر إلى مستويات وآفاق أرحب في مسيرة التنمية لاستراتيچية الطاقة التى أعلنتها مصر فى أعقاب أزمة الطاقة الكبرى فى الأعوام 2012 – 2014 .
خاصة بعد أن ثبت بالدليل العلمي أن النشاط الإنساني منذ الثورة الصناعية وحتى الآن تسبب، ولا يزال، في أضرار جسيمة تعاني منها كل الدول والمجتمعات وقطاعات النشاط الاقتصادي، ما يستلزم تحركًا جماعيًا عاجلًا نحو خفض الانبعاثات المسببة لتغير المناخ مع العمل بالتوازي على التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ ومن المعروف أن مشكلتى الاحتباس الحرارى وتغير المناخ حدثتا بسبب الاستخدام السلبى للوقود ، مع ما تمثله هذه الظواهر من تهديد لسبل عيش الإنسان ونشاطه الاقتصادي وأمنه المائي والغذائي وقدرته على تحقيق أهدافه التنموية المشروعة والقضاء على الفقر ؛ بالتأكيد، نحتاج إلى تكاتف جهود كل المؤسسات المعنية لجذب مزيد من الاستثمارات لمشروعات التحول الأخضر حتى تتحقق خطة تصدير كامل إنتاجنا لأوروبا وتصبح مصر ممرًا أخضر يعبر به العالم إلى الطاقة النظيفة ، ومن هذا المنطلق، تحتل الطاقة المتجددة مكانة رئيسة في خطط التنمية المستدامة وذلك من منظور تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى ترشيد استخدام جميع الموارد، سواء المتاح منها بوفرة أو النادر، وكذلك سعي الدولة إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة.
لذلك ألتفتت الدولة إلى أهمية توليد الطاقة و الكهرباء من طاقة الرياح و الطاقة الشمسية و وصول نسبة مساهمة الطاقة المتجددة بقدرة توليد الكهرباء إلى حوالي 42% بحلول عام 2035، لتشمل 14% كهرباء مستمدة من طاقة الرياح، و21% من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، بالإضافة إلى الطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية المركزة، وهنا تجب الإشارة إلى أن مصر نجحت برفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في قدرة توليد الكهرباء إلى حوالي 20% وذلك في بداية العام الماضي و هو ما يؤكده خبراء الطاقة من خلال تلك الإحصائيات و الدراسات التى توضح أهمية و فوائد تشيد المحطات الشمسية .
لذلك من المتوقع أن تكون مصر واحدة من أسرع أسواق الطاقة المتجددة غير الكهرومائية نموًا بالمنطقة على مدار العشر سنوات المقبلة، بالإضافة إلى توقعها أن تعزز مصر من قدرتها التنافسية وأن تصبح وجهة جاذبة للغاية للمستثمرين بمصادر الطاقة المتجددة، بفضل دعم الدولة المصرية القوي وإمكانات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الطبيعية .
لكن تبقى بعض التساؤلات المطروحة التى تحتاج إلى إجابة من خبراء الطاقة: ما السرعة التي سيتم بها توسيع الاستثمار في الطاقات الخضراء؟ وإلى أي مدى يجب زيادة وتيرة الاستثمار في الطاقات المتجددة في النظام العالمي من أجل الحد من التغيرات المناخية ذات العواقب الطبيعية الكارثية التي يحذر منها الخبراء؟