د.محمد ضباشة يكتب : رحلة العائلة المقدسة إلى مصر

د.محمد ضباشة يكتب : رحلة العائلة المقدسة إلى مصر
د.محمد ضباشة يكتب : رحلة العائلة المقدسة إلى مصر
 
بدأت تلك  الرحلة  فى السنة صفر من بيت لحم في فلسطين إلى وادى النيل بأرض مصر  هربا من شر الامبراطور هيرودس الذى اضطهد المسيحية وأراد قتل  المسيح عليه السلام هو وأمه مريم العذراء وكل طفل لم يتجاوز عمره عامان خوفا على ملكه  فجاءت  الى مصر حاملة طفلها  ،  قطعت العائلة المقدسة ( السيدة مريم العذراء  - السيد المسيح وهو طفل لم يتجاوز عامان من عمره حسب رواية إنجيل متى ) صحبة يوسف النجار خطيب مريم   فيها مسافة ألفى  كيلو متر ذهابا وعودة  وإستمرت ثلاث سنوات  بارك الله فيها  شعب مصر.
ويذكر لنا  التاريخ أن الرحلة بدأت من أرض فلسطين (بيت لحم) هاربة إلى مصر والعذراء راكبة على حمار حاملة طفلها بين ذراعيها ويجر الحمار يوسف النجار يسيرون عبر برية قاسية  بدون حماية سوى من الله عز وجل  ،  ومن بيت لحم إلى غزة حتى محمية الزرانيق (الفلوسيات ) غرب العريش بـ 37 كم ، وسارت فى  صحراء سيناء من الناحية الشمالية من جهة الفرما (بلوزيوم) الواقعة بين مدينتى العريش وبورسعيد ثم  دخلت مدينة  تل بسطا بالقرب من مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، وفيها أنبع السيد المسيح عين ماء  وعند دخولهم  تلك المدينة  سقطت الأوثان على الأرض فأساء أهلها معاملة العائلة المقدسة فتركت  تلك المدينة وتوجهت نحو الجنوب حتى وصلت بلدة مسطرد (المحمة) وسميت بهذا الإسم لأنها مكان الاستحمام و لأن العذراء مريم أحمت هناك السيد المسيح وغسلت ملابسه ، وفى عودة العائلة المقدسة مرت على مسطرد وانبع السيد المسيح له المجد نبع ماء لا يزال موجودًا الى اليوم  ثم رحلت  شمالًا إلى مدينة بلبيس (فيلبس) بلبيس التابعة لمحافظة الشرقية، وإستظلت عند شجرة عرفت باسم شجرة العذراء مريم ثم مرت على بلبيس ايضًا فى رحلة العودة  وتوجهت شمالًا  وعبـرت نهـر النيــل الـى مـدينة سمنـود (جمنوتى - ذبة نثر) بوسط الدلتا واستقبلهم شعبها استقبـالًا حسنًا وقدموا لهم الطعام  فباركهـم السيد المسيح وظلت فى تلك المدينة 17 يوما  تم رحلت إلـى منطقة البرلس حتى وصلت مدينة ( سخا - خـاست - بيخـا ايسوس )  فى محافظة كفــر الشيخ حاليا.
ومن تلك البقعة عبرت العائلة المقدسة نهر النيل (فرع رشيد) إلى غرب الدلتا وتحركت جنوبًا الى وادى النطرون (الاسقيط) وقد بارك السيد المسيح وأمه العذراء هذا المكان ومنه  ارتحلت  جنوبًا وعبرت نهر النيل  متجهة ناحية المطرية وعين شمس التى كان يقطنها كثيرا من اليهود وكان لهم معبد يسمى بمعبد اونياس، وفى المطرية استظلت العائلة المقدسة تحت شجرة تعرف إلى اليوم بشجرة مريم . وانبع عيسى عليه السلام عين ماء وشرب منه وباركه، ثم غسلت فيه السيدة العذراء ملابس الطفل يسوع وصبت الماء على الأرض فنبت فى تلك البقعة نبات عطرى ذو رائحة جميلة هو المعروف بنبات البلسم أو البلسان. ثم إرتاحت العائلة المقدسة فترة بسيطة بالزيتون وهى فى طريقها لمصر القديمة وهى المنطقة الكائن بها حاليًا كنيسة السيدة العذراء الأثرية بحارة زويلة.
وعندما وصلت العائلة المقدسة الى مصر القديمة، لم تستطع البقاء فيها إلا ايامًا قلائل نظرًا لتحطم الأوثان فأثار ذلك والى الفسطاط فأراد قتل المسيح ولهذا ارتحلت من منطقة مصر القديمة متجهة إلى منطقة المعادى احد ضواحى منف - عاصمة مصر القديمة، وقد اقلعت العائلة المقدسة فى مركب شراعى بالنيل متجهة نحو الجنوب بلاد الصعيد من البقعة المقام عليها الأن كنيسة السيدة العذراء المعروفة بالعدوية لان منها عبرت العائلة المقدسة الى النيل فى رحلتها الى الصعيد ومنها جاء اسم المعادى وما زال السلم الحجرى الذى نزلت عليه العائلة المقدسة الى ضفة النيل موجودًا وله مزار يفتح من فناء الكنيسة.
وصلت العائلة المقدسة قرية دير الجرنوس (ارجانوس) - مركز مغاغة وبجوار الحائط الغربى لكنيسة السيدة العذراء يوجد بئر عميق شربت منه العائلة المقدسة، كما مرت على بقعة تسمى اباى ايسوس شرقى البهسنا ومكانه الأن قرية صندفا ( بنى مزار ) وظلت بجبل الطير - شرقى سمالوط  ثم ارتحلت من بلدة البهنسا حتى بلدة سمالوط ومنها عبرت النيل حيث يقع الآن دير السيدة العذراء بجبل الطير ( اكورس ) شرق سمالوط، حيث استقرت العائلة بالمغارة الموجودة بالكنيسة الأثرية.
وفى الطريق مرت العائلة المقدسة على شجرة لبخ عالية (شجرة غار) سميت بشجرة " العابد بالقرب من جبل الطير ، ويقال إن هذه الشجرة سجدت للسيد المسيح وتجد ان  جميع فروعها هابطة  باتجاه الارض  صاعدة  باوراقها  الخضراء ويطلق عليها حتى الأن شجرة العابد . 
غادرت العائلة المقدسة منطقة جبل الطير وعبرت النيل واتجهت نحو الاشمونيين (أشمون الثانية) وحدثت فى هذه البلدة كثير من العجائب وسقطت أوثانها وباركت العائلة المقدسة الاشمونيين ، وتقع مدينة أشمون جنوبا حوالى 20 كم ناحية ديروط الشريف فيليس. 
ثم هربت من قرية قسقام واتجهت نحو بلدة مير ميره تقع على بعد 7 كم غرب القوصية وقد اكرم اهل مير العائلة المقدسة اثناء وجودها بالبلدة وباركهم الرب يسوع والسيدة العذراء.
ومن مير ارتحلت العائلة المقدسة الى جبل قسقام حيث يوجد الأن دير المحرق ومنطقة الدير  هذه من اهم المحطات التى استقرت فيها العائلة المقدسة حتى سمى المكان بيت لحم الثانى، و يقع هذا الدير فى سفح الجبل الغربى المعروف بجبل قسقام نسبة الى المدينة التى خربت ويبعد نحو 12 كم غرب بلدة القوصية التابعة لمحافظة اسيوط على بعد 327 كم جنوبى القاهرة.
مكثت العائلة المقدسة نحو حوالى 6 أشهر و 10 أيام فى المغارة التى أصبحت فيما بعد هيكلًا لكنيسة السيدة العذراء الأثرية فى الجهة الغربية من الدير ومذبح هذه الكنيسة حجر كبير كان يجلس عليه السيد المسيح.
وفى هذا الدير جاءت البشارة ليوسف النجار فى حلم قائلا قم وخذ الصبى وأمه وإذهب أرض فلسطين لانه قد مات من كان يطلب نفس الصبى.
وفى طريق العودة سلكوا طريق  الجنوب قليلا حتى جبل أسيوط المعروف بجبل درنكة وباركته العائلة المقدسة حيث بنى دير باسم السيدة العذراء، ثم وصلوا الى مصر القديمة ثم المطرية ثم المحمة ومنها الى سيناء ثم فلسطين.
 
* د. محمد ضباشه
عضو اتحاد كتاب مصر