إدوارد فيلبس جرجس يكتب : يدفعون بالبشرية نحو الدمار

إدوارد فيلبس جرجس يكتب : يدفعون بالبشرية نحو الدمار
إدوارد فيلبس جرجس يكتب : يدفعون بالبشرية نحو الدمار

 

الله  ندم لأنه أهلك البشرية بالطوفان عدا نوح وأهل بيته ؛ الله ندم وعاهد نفسه وأعطى نوح وعدا بأنه لا يهلكها ثانية ؛ وكان يمكن أن يعفو عن سدوم وعمورة ولا  يحرقها بالنار والكبريت لو وجد بها عشرة أبرار فقط كما تبين من  مناقشته مع إبراهيم ؛ لكن البشر للأسف لا يشفقون على أنفسهم ويصرون على قتل أنفسهم بأنفسهم ؛ يصرون إصرارا شديدا على ابتكار الطرق التي تقودهم إلى الدمار ؛ سواء الدمار الجسدي أو النفسي ؛ ولو دققوا للحظة واحدة في مقولة السيد المسيح " ماذا يستفيد الإنسان لو ربح العالم كله وأهلك نفسه " لفهموا في أي طريق يسيرون وماذا سيجني عليهم ؛ نعم لقد تحقق ذلك جزئيا والأسوأ ما هو قادم إن لم تكن هناك حكمة نتعلمها مما يحدث ؛  ما وصلت إليه التغيرات المناخية لهو واضح ومؤسف ؛ وما وصلت إليه النفوس والسلوكيات والأخلاق لهو أكثر وضوحا ومحزن ؛ وما يفعله البشر في أنفسهم ويصرون على المضي في مجاهله لهو أوضح وأوضح وبائس . الظاهرة الأولى التي يمكن أن تقود البشرية   للدمار إن لم يتم محاولة علاجها بطريقة جدية وبأسرع وقت هي كارثة التغيرات المناخية.                                                                                 

1_ ظاهرة التغيرات المناخية:

      **********************    

لا شك في ان الموجات الحرارية التي تمر بالعالم الآن وبالذات في الأماكن التي لم تكن تسمع بها من قبل شيء مخيف؛ إشارة تقول إن القادم سيكون أسوأ وأسوأ؛ فإذا كانت هذه الموجات تميت الألاف كل عام فكيف سيكون الأسوأ ؟!؛ ما يحدث هو عملية انتحار؛ الإنسان يقتل نفسه؛ الجفاف يعصف بالعالم.. أوروبا تحترق ومخاوف من نقص المحاصيل الزراعية.. ارتفاع أسعار المواد الغذائية في بعض البلاد وندرة الحبوب.. نقص مياه الشرب في أماكن كثيرة.. ارتفاع درجات الحرارة يفاقم من الأزمة؛ أتهم الدول الكبرى بالتقاعس عن الوصول إلى علاج للمشكلة ليخففوا من حدتها والله أعلم ماذا ستكون عليه غدا؛ اتهم كل البشر صغيرهم وكبيرهم بالاشتراك في هذه المشكلة التي تصل إلى مستوى الجريمة في حق الإنسانية. من يرجع إلى مقالاتي السابقة عن مؤتمرات التغيرات المناخية سيجد الكثير مما كتبته عنها والذي يصل إلى حد السخرية وهل تستحق غير ذلك!؛ مثل يقول: يقتل القتيل ويمشي في جنازته؛ نعم الدول الكبرى تقتل البشرية وتمشي في جنازتها بوجوه ممسوحة من الحزن ولا قطرة دموع واحدة؛ أما الدول الصغرى فهي تقتل القتيل ولا تسير في جنازته من مبدأ الكسل واللامبالاة، حتى لو بقي القتيل في الطريق وأكلته الكلاب.                                                    

كانت آخر سخرية لي عن هذه المؤتمرات في المؤتمر رقم 27 الذي عُقد في مصر وبالتحديد في مدينة شرم الشيخ؛ السخرية بالتأكيد لم تكن بسبب انعقاده في مصر؛ بل بالعكس هذا ما فخر له؛ لكن لأني أعلم بأن قراراته ستلحق بما قبلها من قرارات بدأت في عام 1995 بالمؤتمر " كوب 1 " الذي عُقد في ألمانيا وبالتحديد في مدينة برلين في الفترة من 28 مارس إلى 7 ابريل من نفس العام. ثم تلاه المؤتمر الثاني " كوب 2 " في جنيف سويسرا الذي انعقد في الفترة بين 8 إلى 19 يوليو من عام 1996 واعتمدت فيه بعد القرارات ومنها أهداف متوسطة المدى لعلاج التغيرات المناخية وملزمة قانونا؛ لكن يبدو أن هذه الأهداف أكلت بعضها فلم تظهر لها ظاهرة. توالت المؤتمرات الشكلية عديمة التنفيذ لأي قرارات إلى أن وصلت إلى " كوب 28 " الذي سيعقد هذا العام في الأمارات العربية في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023؛ وكان لتعيين سلطان أحمد الجابر رئيسا للمؤتمر رد فعل معارض من الكثيرين ؛ ففي رسالة أُرسلت إلى المبعوث الأمريكي للمناخ جون كيري ، حث فيها 27 عضوا ديمقراطيا في الكونجرس الأمريكي الإمارات على سحب تعيينها سلطان أحمد الجابر رئيسا لمؤتمر الأطراف 28 ؛  وقال المشرعون أن التعيين يعرض محادثات المناخ للخطر؛ تلقى مسؤولون في الأمم المتحدة رسالة من أكثر من 100 مشرع أمريكي وأعضاء في البرلمان الأوروبي، كانوا يطالبون بإقالة سلطان الجابر من منصب الرئيس المعين لمؤتمر COP28. عارض القادة الغربيون، بما فيهم الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيسة المفوضية الأوروبية تعيين الإمارات لجابر وأعربوا عن مخاوفهم بشأن كيفية ممارسة الذين يلوثون الجو على عملية قمة المناخ. في مايو 2023، انتقد السناتور الأمريكي إد ماركي بشكل منفصل قرار عقد COP28 في الإمارات العربية المتحدة؛ لكن الإمارات ماضية في طريقها للإعداد للمؤتمر؛ وبدأت في العمل على الترويج لنفسها على أنها المستقبل، استضافت واستعانت بوكالات العلاقات العامة من أجل غسل سمعتها الدولية من ناحية التأثير السالب على التخفيف من حدة التلوث البيئي. ركزت شركات طيران الإمارات على المهمة حتى قبل أن يبدأ مؤتمر COP27، علاوة على أنها استعانت بشركات علاقات عامة أمريكية؛ عموما سواء عُقد المؤتمر في الأمارات أو لم يعقد  سيان والمرجح أنه سيعقد لاعتبارات سياسية ؛ لكن السؤال متى سيبدأ العمل الجدي والفعلي للقرارات التي تتخذ ؛ فلو قررنا قول الحق نقول أن الدول الكبرى تذهب إلى المؤتمرات وكأنها هي التي ستحل كل مشاكل التغيرات المناخية بالرغم من أنه يقع عليها قسطا كبيرا من الذنب في سبب هذه التغيرات ؛ أما الدول الصغرى وخاصة دول العالم الثالث فهي تذهب وكل أملها في الإعانات التي تُمنح من أجل المساعدة في حماية الجو من التأثيرات السلبية وفي الحقيقة هذه الإعانات تذهب في مجالات بعيدة كل البعد من الغرض منها ؛ علاوة على أن هذه الدول حتى الآن تضرب عرض الحائط بكل القرارات التي اتخذت في المؤتمرات السابقة بخصوص المحافظة على البيئة . الأمر محتاج لضمير الجميع وإلا فخلال عدة أعوام ستنهي هذه التغيرات المناخية على الكثير من البشر والأهم أن يكون لدى من يعقدون المؤتمرات الوعي الكامل بخطورة الموقف حتى لا يكون هم من يدفعون البشرية للدمار. إن الجفاف جراء التغيرات المناخية يعصف بالعالم ويثير القلق، خاصة وأن تلك الموجة تؤثر على الغذاء في أماكن كثيرة من العالم وكما يشاع الآن من بعض المسئولين أن العام القادم ستحدث أزمة في المواد الغذائية وأخري ستعاني بصورة أكبر من نقص مياه الشرب. الكثير من الأزمات ستحدث، بل المصائب أن لم تتخذ الخطوات الجادة وإن يتحد الجميع الكبار والصغار بنية جادة وضمائر مستيقظة لا تلعب بها الأنانية والمصالح ولا يزين لها الشيطان أنا ومن بعدي الطوفان؛ لأن الطوفان سيغرق الجميع حتى نوح وأولاده.

 

2 _ الذكـاء الاصطناعي

       **********************

يقول المثل ؛ كل شيء يزيد عن حده ينقلب ضده ؛ للأسف الآن لا أحد يأخذ بهذه الأمثلة التي هي خلاصة تجارب الأولين ؛ ولعل أكثر ما يظهر ويتحقق فيه المثل هو التقدم التكنولوجي الذي أصبحت الدقائق وليست الساعات ولا الأيام هي التي تحركه ؛ ففي كل دقيقة أصبحنا نُفاجأ بتقدم في ناحية من نواحي التكنولوجيا الحديثة ؛ لكن للأسف ليس كل تقدم يكون في صالح البشر والبشرية ؛ فالأسلحة التي نسمع عنها الآن وتستخدم دون حساب أو رادع للضمير هي كارثة من كوارث الشيطان ؛ وبالرغم من هذا أقول أنها أرحم من التقدم التكنولوجي في مجالات أخرى يدعي البعض أنها لصالح البشرية ؛ نعم لا أنكر  ؛ لكن الأكثر ضدها ؛  كل ما أرجوه أنه يُبدأ من الآن وبالتحديد من اليوم   كتحديد زمني  التوقف أمام كل منتج تكنولوجي لحساب الربح والخسارة التي يحققها للنواحي الإنسانية والبشرية والمجتمع ؛ ما يلاحظ الآن أن الفكر توقف أمام إغراءات وصلت بالفعل إلى حد الجنون لتحقيق تقدم في بعض النواحي التكنولوجية إذا كانت منافعها للبشرية 10% فخسارتها 90% ؛ يضطرني التوضيح إلى العودة ثانية إلى مقولة السيد المسيح " ماذا يستفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه " ؛ نعم هذه هي حقيقة الذكاء الاصطناعي ؛ نعم يمكن من خلاله تحقيق مكاسب خيالية في عالم التقدم التكنولوجي ؛ لكن في المقابل تكون الخسارة أفدح بكثير على البشرية ؛ على الأخلاق ؛ على الإنسانية ؛ على كل ما يتعلق بالآدمية ؛ ويعتقد أحد الخبراء أن هناك فرصة تصل إلى 50% أن يقضى الذكاء الاصطناعي على البشرية ومستقبلها على كوكب الأرض ؛ ولقد أدلى بهذا الخبير التكنولوجي وهو البروفسير " تيجمارك " بحديث خلال لقاء أجرته معه الإذاعة الوطنية السويدية قال فيه "يجب التخفيف من خطر الانقراض البشري من الذكاء الاصطناعي وأن تعطى أولوية عالمية للحفاظ من هذا الخطر ؛ هذا إلى جانب المخاطر الاجتماعية الأخرى مثل الأوبئة والحرب النووية والأكثر الأخلاق الهدامة . ويعتقد بعض كبار العلماء في العالم اعتقادا راسخا أنه في المستقبل القريب، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء أسلحة مستقلة أو روبوتات يمكن أن تقتل بتدخل بشري أو بدونه. وأضاف قائلا: " أنه حتى برامج الذكاء الاصطناعي التي تبدو سلمية يمكن أن تتخذ قرارات قد تكون قاتلة للبشر إذا لم تتم برمجة التكنولوجيا بعناية كافية ولا يخفى على أحد أن مواقع وتطبيقات الذكاء الاصطناعي أصبحت في غاية الخطورة، بسبب الاستخدام الخاطئ، ولقد سبق وحذر البروفيسور تيجمارك في عام 2018 من أن البشر قد يصبحون يومًا ما مستعبدين للآلات الذكية التي يصنعونها، حتى أنه ادعى في ذلك الوقت أن بعض زملائه قد يرحبون بانقراض الأنواع بواسطة الذكاء الاصطناعي،  بل قد وصلت المخاوف إلى خطورة أشد وأكبر الآن بعد أن  حذر  بعض الخبراء من أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقضى على الجنس البشرى بحلول عام  2030، ومن بين المتشائمين، عالم الكمبيوتر الأمريكي أليعازر يودكوفسكى، الذى راهن على أن الجنس البشرى سيقضى عليه تماما بحلول 1 يناير 2030، وهو باحث مشهور في معهد أبحاث ذكاء الآلة في بيركلي بكاليفورنيا، وأحد أكثر الخبراء صراحة للتحذير بشأن الذكاء الاصطناعي. ومن بين الخبراء البارزين الآخرين الذين يقولون إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يدمر الحضارة، الملياردير إيلون ماسك، والعالم البريطاني الراحل ستيفن هوكينج، على الرغم من أنهما لم يقصدا الإشارة إلى أن جميع البشر سيتم القضاء عليهم بحلول عام 2030؛ “ماسك " يدق ناقوس الخطر بشأن الذكاء الاصطناعي منذ سنوات، محذرا الشهر الماضي من أنه قد يدمر الحضارة، على الرغم من أنه لم يشر إلى أنه يمكن أن يقضى تماما على البشر، لكنه ادعى أن الذكاء الاصطناعي سيكون أكثر ذكاءً من البشر بحلول عام 2030.  أحد علماء الكمبيوتر قال مؤخرا: إذا قام شخص ما ببناء ذكاء اصطناعي قوى للغاية، في ظل الظروف الحالية، أتوقع أن يموت كل فرد من الجنس البشرى وجميع أشكال الحياة البيولوجية على الأرض بعد ذلك بوقت قصير، مضيفا: " النتيجة الحتمية لمواجهة الإنسانية لذكاء خارق هو خسارة كاملة ، وحذر بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يمحو الإنسانية، إذا تجاوز ذكاؤه ذكاء البشر. نعم لا شك أن الذكاء الاصطناعي قد يحل الكثير من المشاكل وأيضا يحقق خطوات كبيرة في جميع المجالات لكن عندما تكون مخاطره على البشرية أكبر بكثير من منافعه؛ علينا أن نحسب حسابات الربح والخسارة كما ذكرت سابقاً. من وجهة نظري أعتقد شخصيا أن الجرائم الأخلاقية ستزداد وتزداد وكأن ما وصلنا إليه من انحطاط بدون هذا الذكاء لا يكفي!!! أقول كدعوة أعلم أنها كالنفخ في بالون مثقوب؛ يجب أن تتوقف العقول عن الجنون الذي يمكن أن يدفع البشرية للدمار وماذا يستفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه!!!!!!!!! 

  

 

 

 

صورة من موجات الحر بسبب تغير المناخ