بدأ ضياء، ولأول مرة، يفكر فى طبيعة حياته، يفكر فى وظيفة الدين وعلاقته بالحياة، وهل خلقه الله ليُفلح الأرض ويذهب إلى المسجد، أم ليُفلح المجتمع الذى يعيش فيه. اكتشف ضياء أنه لا يعرف شيئا عن السياسة، لا يعرف شيئا عن استبداد الحكام، لا يعرف شيئا عن الأحزاب ودورها، لا يعرف شيئا عن مقاومة الاستعمار. أدرك ضياء أن دينا لا دخل له فى الحريات، لا دخل له فى العدل، لا دخل له فى لقمة العيش، لا دخل له فى فرص العمل، لا دخل له فى إصلاح شؤون الحياة، دين لا قيمة ولا وزن له، الدين كله سياسة، ومن يقول غير ذلك لا يفهم وظيفة الدين؛ الله لا يحتاج إلى صلاة أو صيام أو زكاة أو حج، أو إلى أى عبادة، الله فرض العبادات لا لأنه بحاجة إليها، بل لإصلاح الإنسان، ليدير حركة الحياة موصولا بالسماء، فالعبادات تربية للإنسان، فى صالح الإنسان، ومن تنفصل عباداته عن سلوكياته فى الحياة لا يكون لهذه العبادات أى وزن عند الله.