المشاهد السرية للحرب بقلم ناصر كمال

المشاهد السرية للحرب بقلم ناصر كمال
المشاهد السرية للحرب بقلم ناصر كمال
 
المشهد الاول:-
لقد ساد العالم حالة من الركود الاقتصادي بسبب وباء غامض انتشر علي سطح كوكبنا والمسمى "فولارد" والواقع في مجرة "كانيس"  وراح ضحيته ملايين الكائنات العاقلة, وكان قطاع الطاقة من أكبر المتضررين نتيجة الإجراءات الاحترازية وتوقف النشاط الصناعي لمعظم الدول , مما ساهم فى إنخفاض اسعار الوقود إلى أدني مستوياتها , حتي أن بعض شركات الطاقة كانت تبيع إنتاجها مقابل الشحن أي بالمجان,  وعندما شاهدت ذلك في التلفاز أدركت باعتباري أحد العلماء النافذين أن هناك حربا قادمة فى الأفق، وبما أنني اتواصل مع علماء أخرين علي كوكب بعيد جدا عنا ويدعي "الارض" عن طريق الموجات الكهرومغناطيسية، أردت أن أحذرهم بأن تلك الحروب يمكنها أن تقضى علي الحياة، ويجب أن يتجنبوها قدر الإمكان.
 
المشهد الثاني:-
كانت الطفلة ذات السبع سنوات تلعب بدميتها عندما سمعت صوت صفارة الإنذار يدوي ..صرخت.. انتفضت ..هرعت إلى والدتها التى احتضنتها, ومضت تجري بها حيث يوجد أقرب ملجأ ..اتخذت الأم وطفلتها مكانا جانبيا بالقرب من سيدة مسنة, والتي راحت تداعب الطفلة بكلمات رقيقة لتهدئ من روعها ..مضت الساعات، وهم يسمعون صوت الانفجارات وتحطم المباني بالقرب منهم ..يسمعون أيضا صوت سيارات الإسعاف، فيدركون أن هناك ضحايا كثيرين قد سقطوا ..بعد انتهاء الغارة الحربية ..صعدت الأم وطفلتها لتجد المبني الذي يقطنون به قد تحول إلى ركام ، وفوقه تقبع الدمية تغطيها الدماء.
 
المشهد الثالث:-
جلس الرجل ذو الثمانين عاما علي مكتبه الفخم في شقته الفاخرة بأحدي الضواحي الراقية لمدينة "بوكومنيا" عاصمة أقوي دولة علي كوكب فولارد ..أخذ يصلح من وضع نظارته الطبية، وهو يقلب الأوراق التي أمامه حتي سمع طرقات علي باب الغرفة ليدخل بعدها خادمه الدونوكولي بلكنته المعهودة ..يخبره أن ضيفه الذي ينتظره قد وصل، ليأذن له بالدخول ثم يبادره يهذا السؤال:
- كيف هو حال رجلنا في دولة "دونكوليا"؟
- لقد حقق شعبية طاغية بمعارضته لنظام الحكم 
- يجب أن ندفع به إلي سدة الحكم بسرعة
- كيف يا سيدي؟ والنظام يقبض علي الحكم بيد حديدية
- لابد من قيام ثورة شعبية 
- ولكن ما هي الضرورة الملحة لذلك؟ فليس لدولة "دونكوليا" أي قيمة لنا في الوقت الحالي
- وذلك لأنك تنظر تحت قدميك ..أنت تعلم ان الأسواق الأن في ركود وقد تسبب ذلك في خسائر جمة لشركاتنا الكبرى
- ولكن ما العلاقة بين ذلك وبين نظام الحكم في "دونكوليا"؟
- ألم أقل لك أنك لا تنظر أبعد من قدميك ..نحن نحتاج لحرب في منطقتنا الساكنة منذ عقود
- لم أفهم بعد سيدي
- رجلنا في "دونكوليا" سوف يثير تلك الحرب الكبيرة
- الحرب مع من
- مع الدولة المجاورة له ..دولة " شيريا" العظمي
- ولكن حرب مثل تلك سوف ترفع الأسعار وتزداد حالة الركود الاقتصادي
- نعم سوف تتضرر بعض أسهمنا ولكن أسعار الوقود والذهب سوف ترتفع مما يغطي الخسارة بالإضافة لزيادة سباق التسلح مما ينعش صناعة السلاح التي نسيطر عليها ، وتلك هي الأرباح الحقيقية ..كما أن الدول المنخرطة في الحرب والدول الأخرى التي تأثرت بالحرب سوف تستدين منا، وسوف نقرضها وفي هذه الحالة سوف نفرض إرادتنا علي العالم
- فعلا أنها خطة محكمة يا سيدي ..المشكلة الأن كيف نشعل ثورة شعبية؟
- أنظر! ..الناس تكره الثورات ،لأنها تتسبب في إراقة الدماء والفوضى، ومشاهد الشغب كما أنها تؤثر علي حياتهم اليومية، لذلك سوف نجمل تلك المشاهد ،فسوف نعطيها لونا محببا فلتكن مثلا الثورة البنفسجية، وأخبر رجالنا جميعنا هناك بارتداء أوشحة بنفسجية، ولأنها ملونة فدعنا نسميها الربيع "الدونوكولي" وليس ثورة، وبالتالي سوف يكون النظام في مقابل الجمال ومرادف للشر المطلق، وسوف تلعب وسائل الإعلام لدينا في تشجيع المواطنين الدونوكوليين علي الخروج للشوارع، لمحاربة الديكتاتورية وقمع النظام وليس هناك من مانع لاستخدام الصور والفيديوهات المفبركة وسابقة التجهيز التي تحضهم علي الغضب ،وسوف يكون رجلنا هو المحرك لتلك الثورة ليس من خلال تواجده في الشارع فذلك خطر عليه بالطبع بل من خلال تواجده المستمر في وسائل إعلامنا، وهكذا سوف نخطو أول خطوة في سبيل إشعال حرب حديثة ترفع من أسهمنا الراكدة في الآونة الأخيرة.
 
المشهد الاخير:-
لقد كانت تصلنا منذ فترة رسائل كثيرة من كوكب مجاور لكوكبنا الأرض ، وفي الآونة الأخيرة كانت الرسائل تحذر من حرب دموية قد تحدث لديهم ومن المحتمل أن يستخدم فيها سلاحا يسمي السلاح البوزيتروني، والذي يمكن أن يهدد كوكبهم بالدمار،  واليوم رصدت الأجهزة لدينا انفجار هذا الكوكب وتحوله الي اشلاء متناثرة في الكون.