المَاهِيَّةُ الشَّهرية تبدو بهية و بديعة مفرحة عند تسلمها لفرط الشوق إليها و سداد ديون شهر سابق لرفع العين المكسورة و إعادة الكرامة المهدورة و من جديد جرأة السير في ممرات المصلحة والخروج بشجاعة من الأبواب الرسمية ، والنظر بعيون جريئة في وجوه الديانة .. نعم يا سادة ، فالدين هم بالليل ومذلة بالنهار .. ولكن " عطية " المسكين وفور تقاضيه " الماهية البهية " يختفي عائدًا لمكتبه رافضًا الانصراف معنا قبل تدبر الأمر ، فيضع المرتب على سطح المكتب ، ويخرج من الأدراج مجموعة مظاريف حكومية صفراء ويبدأ في توزيع المرتب وكتابة بنود الصرف على المظاريف لتتقلص بالتدريج أوراق البنكنوت وتختفي طائرة كالعصافير الشقية داخل المظاريف بينما يرقبه من خلف زجاج شباك الغرفة الساعي والبائع المتجول المعتمد من المصلحة لتدبير احتياجات موظفيها من الملابس الداخلية بالتقسيط المريح ، فهما يدركان بحكم الخبرة أنها الفرصة الوحيدة لاسترداد المستحقات من عم " عطية " فيهبطان عليه في مفاجأة اللهو الخفي !! وفي النهاية يعود الطيب " عطية " أفندي بمجموعة مظاريف لزوجته وكشفا مدون فيه بنود الصرف لإجمالي الماهية التي ما عادت بهية بعد خصم الضرائب وسداد ديون الشهر السابق .. ولكن عم " عطية " يفاجأ بالست مراته تقول له وفين يا عطية مظاريف رجول الفراخ يوووه قصدى اللحمة و الفراخ الزفر يعنى يا سى عطية دي خرجت من حساباتك كمان والا أااااايه ... صارخة " ياعطية إنت بسلامتك مش عايش معانا اتفضل حطها بند لوحده مظروف هياكل و رجول الفراخ وعضم اللامؤاخذة البهايم " !!!
لكن ربة الأسرة طول عمرها ناصحة وزكية فقررت بعد انتهاء الخناقة الشهرية إنها تودع السلبية و الفراخ البانيه أم 160 جنيه و تستبدلها بالبانيه الكداب اللى من البقسماط و البطاطس داب ، لكن البيض أوعى تقرب منه و استغنى عنه ، و الفرخة تقسمها على 12 حتة يدوب يشموها الاولاد و تطلع ريحتها للجيران عشان الناس نعرف أنهم طابخين بلامؤاخذة زفر مش اورديحى يعنى ، لكن اللحمة بقى دى اللى مقدرتش تمنعها بس كل واحد من العيال يجيب رغيف و يقف جنب الحلة يغمس الريحة و الدخان و أهو منه شمها و منها منمش جعان .
طبعا الحكومة مشكورة بتحاول تساعد قدر الإمكان من خلال منافذها فى اغلب المناطق الحيوية ، لكن لما طلع المعهد القومي للتغذية بفتوى تناول أرجل الدجاج ثاروا عليه الناس ما بلاش قلة قيمة و تهزيق للشعب دى الناس بقت على اخرها و مستوية بنار الفرن و كوى الاسعار ، هى صحيح أزمة على الكل وهتعدى و ناكلها مقلية أو مسلوقة أو حتى صنية قصدى الفراخ بالملوخية و نرجع و نقول للتجار بلاش جشع و استغفال للمواطن الغلبان .. لكن أنتوا عارفين الشعب المصرى دمه خفيف وابن نكتة وبيعلن عن غضبه و تعبه بضحكة وسهل عليه المهمة الفيس بوك و تويتر وغيرها فشنوا حملات لمقاطعتها " خليها تبيض عندك" و كانت تعليقاتهم عن الأزمة أن البعض قرر أنه يتقدم لعروسته بكرتونة بيض لا نملك إلا الدعاء أن ربنا يبارك في الماهية لتعود بهية لتمكيننا من اللقمة الهنية .. و ربنا يستر من اللى جاى اقصد اللي جاي أكيد أحسن إن شاء الله .. وعلى فكرة مصر جميلة .. و ربنا يبارك لنا فى القليلة .