إن وجود طفل معاق في الأسرة يزيد العبء علي الأسرة بشكل كبير، ويصبح بداية لسلسة من الظروف النفسية التي لاتطاق، خاصة وأن الأباء علي وجه الخصوص ينتظرون بفارغ الصبرولادة طفل طبيعي، ومعافي صحيا وجسميا، يمثل بالنسبة لهم امتدادا بيولوجيا ونفسيا لمايعتقدون أنه مشروعا مستقبليا يضعون فيه عطاءهم النفسي والمادي في الحياة.
وتختلف ردود أفعال الأسرالتي لديها طفل معاق عند استقباله، وإيجاد وسيلة لمواجهة هذه المشكلة التي تهزكيانها وتجعل الأم والأب في حالة ذعر، خاصة عندما تكون إعاقة الطفل من الإعاقات الشديدة والمعقدة التي تتطلب اعتماد الابن المعاق علي الأسرة لفترة طويلة، وسرعان ماتصبح حقيقة واقعة لامفرمنها، حيث تنهارالآمال والطموحات، وتصبح فرصة لإلقاء اللوم علي الذات والآخرين، بل وفقدان احترام الذات، وعجز الإرادة، وقد يتطورإلي عدم الرضا عن الحياة، وهذه المشاعريمكن أن تطارد الأسرة طوال حياة الشخص المعاق.
وتتمثل أهم ردود الفعل التي تتجلي في هذه الأسرمنذ لحظة اكتشافهم للإعاقة عبرعدة مراحل، وتتبع هذه المراحل بعضها البعض ولكن تختلف شدة كل مرحلة وفقا لعدد من العوامل، بمافي ذلك :عمرالمعاق، درجة الإعاقة، المستوي التعليمي للوالدين، البيئة الثقافية، المستوي الأقتصادي والاجتماعي، وهذه المراحل هي:
الصدمة:
تبدأ الصدمة عندما يشك الآباء في أن طفلهم لاينموبشكل سليم، ويكون الأمرأكثرعمقا عندما يتلقون تشخيصا لحالة طفلهم، وتعد هذه المرحلة من المواقف الصعبة للغاية التي يواجهها الأطباء أوالمتخصصون المعنيون، حيث يوضحون تفاصيل معينة حول حالة الطفل والحالة التنموية المتوقعة للحالة.
النكران:
بمعني أنهم ينفون وجود إعاقة عند ابنهم، حيث يعزون هذه الحالة لوجود خلل في عملية التشخيص ويبحثون عن مصادرأخري للراحة خلال هذه الفترة، وتنكرلهم حقيقة أن ابنهم معاق.
الشعوربالذنب:
وهو نحوطفلهم، لأنهم لم يتخذوا الاحتياطات اللازمة للوقاية من حدوث الإعاقة، وقد يلقي اللوم كل طرف علي الآخر، ويجعله مسؤولآ عن خلق هذه الإعاقة.
الغضب:
وفي هذه المرحلة، قد يتم إحالته إلي أحد أفراد الأسرة أوالمستشفي أوالمجتمع، وأيضا للطفل المعاق نفسه المولود، وستكون هناك تغيرات كبيرة في الحياة الأسرية.
العزلة عن المحيط الاجتماعي:
وذلك بالتفاعل معه علي مضض تفاديا لأسئلته المحرجة من الآخرين، وإخفاء وجود طفل معاق في الأسرة أحيانا.
التقبل:
إنها مرحلة السيطرة علي الأزمة وقبول إعاقة الطفل، وإدراك الوالدين الحقيقة ومواجهتها دون خجل، والطلب علي البرامج التعليمية والعلاجية والمشاركة فيها، ولسوء الحظ، قد تتأخرهذه المرحلة لدي بعض الأسرمما يؤخرويقلل من استفادة الطفل المعاق من تلك البرامج.
وأقف عند مرحلة العزلة عن المحيط الاجتماعي لكونها بداية للنقطة البحثية التي أهتم بها الآن في أطروحة الماجستيرالخاصة بي، فقد اثبتت بعض الدراسات والأبحاث العلمية أن آباء وأمهات أطفال الداون رفضوا التحدث حول إعاقة طفلهم، أوالظهورفي المناسبات الاجتماعية نتيجة شعورهم بالوصمة، ولكني أبحث بقوة عن جذورهذه المشاعروهي وجود بعض المخططات المعرفية اللاتكيفية التي تنشط نتيجة تعرض الفرد لحدث مؤلم في الحياة (إعاقة الابن) والتي بدورها تتحكم بكل من الأفكاروالمشاعربل وحتي ردود الأفعال.
* بقلم :
دكتورة / يوستينا حنين صادق
باحثة علم نفس – كلية الآداب
جامعة المنيا
yostenaangelios@gmail.com