ريمه السعد تكتب : إذاعة دمشق تاريخٌ عريق والدهر يبدأ من دمشق

ريمه السعد تكتب : إذاعة دمشق تاريخٌ عريق والدهر يبدأ من دمشق
ريمه السعد تكتب :  إذاعة دمشق تاريخٌ عريق  والدهر يبدأ من دمشق
 
إذاعة دمشق تحتفي بميلادها 76 ،  ومازالت في أوج عطائها لم تفقد جمالها ، لا يزال ألقها يواكب الحداثة والتطور ، قدمت إعلاما وطنياً قوياً ، قدمت ومازالت تقدم الكثير من الأعمال الراسخة ذات البصمة في تنوير العقل وتشكيل الوعي والوجدان ولا زالت ككل وسائل الإعلام تخوض معركة الوعي بمهنية ومصداقية 
عقود مضت على بث الإذاعة السورية في عطاءٍ مثمر والتي كان لها دورها في نشر الثقافة والفكر إلى العالم
في الثالث من شباط عام 1947 بدأت إذاعة دمشق إرسالها بصوت الأمير يحيى الشهابي معلناً "هنا دمشق إذاعة دمشق وهي ثاني إذاعة تأسست في الوطن العربي بعد صوت العرب في القاهرة 
بدأت الإذاعة بشكلٍ خجول وبعد محاولات عدة لإثبات وجودها وبجهود المخلصين أثمرت إذاعة وطنية لها مكانتها ودورها في المنطقة 
وتعد إذاعة دمشق من الإذاعات السباقة في الوطن العربي ، وأشهر ما كان يميزها هو اهتمامها باللغة العربية ، بالاضافة إلى تخريجها الكثير من مشاهير الغناء والطرب في الوطن العربي ، كفيروز ، عبد الحليم حافظ وفايزة أحمد وغيرهم 
استطاعت إذاعة دمشق منذ تأسيسها مواكبت الأحداث العامة في الوطن العربي ،والتعبير عن أحوال الناس ومعيشتهم وطرح مختلف القضايا الاجتماعية بإسلوب طريف ، وذلك من خلال تقديم أعمال درامية شارك في تقديمها عدد من الفنانين الرواد منهم حكمت محسن وأنور البابا وتيسير السعدي وفهد كعيكاتي ، وأول صوت نسائي هدى الشعراوي ، وكانت الأعمال المقدمة مرتبطة بالأحداث التي تمر بها المنطقة العربية في ذلك الحين 
كان بث الإذاعة يغطي فقط أماكن محدودة من سورية ، ثم تم تركيب أجهزة إرسال في كل المحافظات السورية ومن ثم تقوية البث الذي غطى جميع أنحاء سورية ، واليوم يتم البث باللغة العربية ليغطي سورية وجوارها عبر موجات FM و AM وعبر الأقمار الاصطناعية وعبر الإنترنت لتصل إلى كافة أرجاء العالم ، إضافة إلى برامج موجهة للناطقين باللغات الإنجليزية والفرنسيةوالإسبانية والعبرية والألمانية والروسية والتركية تبث عبر محطات تقوية وإعادة بث 
أما في فترة الوحدة بين سورية ومصر عام 1958، توأمت  إذاعة دمشق مع إذاعة القاهرة التي كانت آنذاك من أهم وأكبر الإذاعات العربية ، وتم إقامة- مسابقات ودورات تدريبية وتبادل إعلامي بين الإذاعتين ، مثل مسابقة اختيار مذيعين ومعلقين سياسيين ، وكُتّاب إذاعة ومخرجين وممثلين 
وعاشت الإذاعة في تلك الفترة حدثين هامين أولهما الوحدة بين سورية ومصر ، والثاني نشوء التلفزيون العربي ،وهو التلفزيون العربي السوري اليوم ، الذي أثر على الإذاعة والذي استلب خيرة الإذاعيين والمذيعين كسامي جانو ، ومروان شاهين وخلدون المالح ، وعادل خياطة حينها عانت الإذاعة من ان كبارها غادروها نحو التلفزيون الذي أصبح حلماً أمام مذيعي الإذاعة، لكنها بقيت صامدة وحاولت التقدم مستغلة الفرص التي تتيحها إذاعة القاهرة إضافة إلى الجهد الكبير الذي بذله فؤاد الشايب ويحيى الشهابي لكي تبقى الإذاعة واقفة على قدميها أمام التلفاز 
قدمت إذاعة دمشق ومازالت عبر تاريخها العريق العديد من البرامج والمسلسلات الإذاعية التي تحاوزت شهرتها حدود سورية منها
مسلسل يوميات عائلية بطولة وفاء الموصللي وعصام عبه جي
مسلسل حكم العدالة بطولة نخبة من فناني سورية
مسلسل ظواهر مدهشة ، تاليف طالب عمران
برنامج مسابقات على الهواء طالب يعقوب
برنامج حكواتي الفن ، إعداد وتقديم رفيق السبيعي 
ومن أجمل ما سجله التاريخ كواليس قصف الإذاعة المصرية على يد العدوان الثلاثي ، في 2 نوفمبر عام 1956 وانتقال البث الإذاعي المصري إلى دمشق بشكل مفاجئ في إطار القومية العربية ومقولة " من دمشق هنا القاهرة" 
كان آنذاك الشعب المصري ينتظر خطاب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ،وقبيل الخطاب بساعات قليلة ، شن العدوان الثلاثي قذائفه على أجهزة الإرسال الخاصة بالإذاعة المصرية في منطقة " أبو زعبل" لتتوقف الإذاعة عن البث ، وتنقطع أخبار العدوان عن الجمهور في مصر وخارجها 
في مدة لا تتجاوز السبع دقائق تقريباً ، قرر المذيع السوري عبد الهادي بكار ، ومع نشرة الثانية ظهراً عبر إذاعة دمشق أن يتضامن مع الدولة المصرية وأن يغير في النشرة ليقول " من دمشق .. هنا القاهرة " بدلاً من إذاعة الجمهورية العربية السورية من دمشق ، ليلقَ حفاوة كبيرة آنذاك ، ليبقى اسمه محفوراً في ذاكرة الجمهور العربي
.