اجتمعت إرادة الجد مع «سعيد نعمان» الذى أفتى بـ(جواز تزويج البنت فى بطن أمها) و«عبدالله رشدى» الذى أكد على جواز وطء الطفلة (إن كانت كانت مربربة تحتمل الوطء).. وكان الشيطان رابعهم.فى محل الذهب اشترى الجد الدبلة الذهب للعروس «10 سنوات» ودبلة من الفضة للعريس «12 سنة» (لاحظ التقوى فالذهب حرام للرجال)، وأخذ الأبوان المتدينان (كما يظهر من هيئتهما بالصور) القرار. العريس خلع المريلة -ثانية ابتدائى- واتمطع فى البدلة، وارتدت البنت التى لم تبلغ سن الرشد ولم تحض أصلاً الفستان الأبيض.. وظهرت الفضيحة فى هيئة تريند ملعون يقدم الصورة العصرية لأسواق النخاسة والاتجار بالبشر رغم أنف القانون وعلى جثة كل المعايير الإنسانية.. ونكاية فى المجتمع الذى جاهد لرفع سن الزواج إلى 18 سنة وحارب «زواج القاصرات».. وإهداراً لكل جهود القيادة السياسية والمجالس التشريعية: (المهم جدو يفرح)!«إنشالله عنه ما فرح» العجوز الذى بدلاً من أن يتفرغ للعبادة كرّس جهده لنسف ما تصنعه الإدارة المصرية حماية للطفولة والنشء.. وحماية للإناث.. «ملعون الفستان الأبيض على البدلة والدبل والتريند» التى أعلنت تسيُّد «المناخ السلفى» والجهل على كل ما نفعله من أجل التطور والحداثة والتحضر!عن أى تحضر أتحدث؟.. هل تلك الطفلة التى أمسك يدها طفل بحثاً عن هرمونات لم تنشط بعد سوف تتفرغ للدراسة وترغب فى دخول كلية مرموقة والالتحاق بمهنة متميزة؟.. لا أظن، لقد تحولت البنت الطاهرة البريئة إلى «أداة جنسية» فى لحظة، اغتالوا أحلامها، انتهكوا طفولتها وأسقطوها فى قاع «الجوارى» اللاتى لا يعرفن من الحياة إلا تقديم المتعة (لمن يرغب وقتما يرغب): هذه الدمية العجوز فى ثوبها الأبيض لم تعد طفلة!فى قلب هذه البيئة الرجعية الهمجية سوف يسجن الطفل/العريس نفسه تحت «المريلة» بينما يعيش عقله فى حمى الأوهام والتخيلات حول جسد البنت وملمسها ومعنى الزواج وليلة الدخلة (أما نحن فلنا الأيام السوداء التى تسببوا فيها جميعاً).فى مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ -قبل أربع سنوات- أقيم حفل خطوبة طفلين يبلغان من العمر 14 عاماً، وتم تداول صور الخطوبة وفيديو لها على نطاق واسع على مواقع التواصل.. ومع تصاعد غضب الناس تدخل «المجلس القومى للطفولة والأمومة» لوقف هذا الزواج، وتقدم ببلاغات للنائب العام ضد أولياء الأمور الذين عرّضوا أطفالهم لهذه الانتهاكات، مؤكداً أن الأطفال يتعرضون لانتهاكات، وفقاً لأحكام قانون الطفل 126 لعام 2008، واصفاً ما يفعله أولياء الأمور بأنه إساءة لكرامة وحقوق الأطفال وخرق لقانون الطفل.. أثناء كتابة هذا المقال، تحرك «المجلس القومى للطفولة والأمومة».. وفى انتظار بيان من النيابة العامة قد يصدر خلال وقت نشر المقال.. المؤسف أن بعض الناس أصابتهم «حالة تبلد» تجاه الأحداث المشابهة.لو حدث هذا فى «الغرب الكافر» لتم انتزاع الأطفال من الأسرتين لعدم صلاحيتهما للتربية، مما يعنى «عدم أمانتهما».. لكننا قد نكتفى ببوست غاضب على السوشيال ميديا وننتقل لباقى جدول أعمال الكوارث المجتمعية!بكل أسف لا يوجد قانون رادع يعاقب أولياء الأمور على «زواج الأطفال».. فقط لدينا فتاوى رجال الدين، (بعضهم ينتمى للأزهر)، أما البنت هنا فمجرد «سلعة» ليس لها رأى فى المشترى الذى اتفق معه النخاس المدعو «ولىّ أمرها».. إنها «سلعة» تباع حتى قبل أن تخرج للحياة، فنحن شعب قبل بفتاوى نكاح المتوفاة.. فلماذا لا نتاجر فى الأجنّة؟لقد ارتضينا أن يكون بيننا من علماء الأزهر من يحلل «تجارة الرقيق»، ومنهم (سعاد صالح، وعبدالمنعم فؤاد.. وغيرهما)، ولم يحاسبهم الأزهر ولا الجامعة التى يعملون بها.. وارتضينا أن يكون الزواج «لمن يملك فقط» والجد فى هذه الواقعة سلب الجميع إرادتهم واشترى الدبلتين ربما حرصاً على «طين» يملكه!القانون المصرى رقم ٦٤ لسنة ٢٠١٠ ينص على اعتبار «الزواج المبكر» حالة من حالات «الاتجار بالبشر» تصل عقوبتها للمؤبد وغرامة ١٠٠ ألف جنيه على المسئول المباشر عن تزويج الفتيات الصغيرات.. ورغم ذلك فلا أحد يعاقب.. ولم نفكر فى تطبيق هذه المادة لردع المتاجرين بلحم بناتنا؟ولدينا فى المقابل تراث هائل من الفتاوى التحريضية على الاتجار ببناتنا، فنحن نسير على منهج «ابن تيمية» الذى يرى جواز إجبار الصغيرة البكر غير البالغة على الزواج دون استئذانها. وكذلك رأى جمهور العلماء «المذاهب الأربعة»، الذى يجيز عقد النكاح «الزواج» دون التقيد بسن محددة حتى الرضيعة.. لكن الخلاف فى موعد الوطء أو المباشرة (الجماع) وتمكين الفحل من الطفلة! عند المالكية والشافعية لا تُسلم الصغيرة للزوج حتى تكبر وتبلغ التاسعة، وإذا كانت تتحمل الوطء بأقل من ذلك فلا مانع!إذا انتصرت فتاوى «تسليع الطفولة» على القانون فهذا معناه أن تسقط كل القوانين أمام الفتاوى الشاذة القبيحة.. سوف نسقط جميعاً فى دوامة الحلال والحرام.. وينتصر «الحكم الدينى» على «الدولة المدنية» وهنا تكمن الكارثة.