خالد السلامي يكتب : بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم .. هل حاولت العيش مع الجياع؟!

خالد السلامي يكتب : بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم .. هل حاولت العيش مع الجياع؟!
خالد السلامي يكتب : بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم .. هل حاولت العيش مع الجياع؟!

ها هو شهر رمضان الكريم قد طرق  أبوابنا من جديد بكل ما يحمله من كرم وإيمان وطاعة لله سبحانه ومحبة ومودة وتجانس بين المؤمنين بالله وكل ما فرضه عليهم من متطلبات هذا الإيمان من فرائض الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة لمن استطاع إليهما سبيلا  وسبحان الله الذي جعل لكل عبادة  أو فريضة صفة وأهمية تتميز بها  فالصلاة المفروضة لا تنقطع على مدار السنة وفي كل أيامها وجعل للزكاة حدودا وأوقات ونسبا ثابتة لا يحاسب عليها تاركها إذا لم يصل إليها بينما لا يتخلص من عقابها من وصل إليها أو تجاوزها وجعل لفريضتي الصيام والحج ميزة تختلف عن سابقاتهما حيث جعلهما يدوران على كل أيام السنة الشمسية وفصولها (الصيف والخريف والشتاء والربيع) وما يهمنا هنا صيام رمضان  فهذا الشهر الكريم وعبر أكثر من ثلاثين سنة يمر على كل أيام وشهور وفصول السنة الشمسية فمن يبدأ صيامه في الشتاء ويتواصل صيامه باستمرار وأطال الله عمره فسيمر في كل أيام تلك السنة وبتدرج عجيب قدره القادر العظيم سبحانه وتعالى ذلك خلال أيام الشهر نفسه بحيث يزداد طول النهار يوميا دقيقة واحدة أو أكثر وإذا به في نهاية الشهر قد تجاوز النصف ساعة  وشهرنا الكريم كما يزورنا الان في الأجواء المعتدلة و قد يأتينا في اقصر الايام وابردها قد صمناه في اشد أيام السنة طولا وحرارة مما جعلنا في اختبار وامتحان عسير لمدى قوة إيماننا والتزامنا بفرائض ديننا الحنيف فكثيرا ما سمعنا خلال تلك الأيام العديد من المتخوفين من صيامه وخصوصا من المُتخمين والمترفين والذين قد لاتخل بطونهم من الشبع ولاتهدأ افواههم من قضم أشهى انواع المأكولات وهذا ما دعانا إلى أن نضع هذا العنوان لمقالنا هذا وبصيغة التساؤل أعلاه.
 حيث أن الجياع لايهمهم طول النهار وقُصره  أو شدة حرارته وقسوة برودته لان الجوع رفيقهم طيلة المواسم وبكل ظروفها الجوية المتقلبة.
ومن الطبيعي أن لا يشمل ذلك التساؤل الجياع من الناس لأنهم ليسوا بحاجة إلى تجربة الجوع الذي لازمهم ويلازمهم في ما مضى وماهو آت من حياتهم وهم يعلمون جيدا معاناته ويتحسسون آثاره ويعيشون لوعاته وهم يتضورون جوعا وأمام أعينهم أطفالهم وعوائلهم يذوبون ويتضاءلون شيئا فشيئا من الجوع واعتصاراته.
    لكن المعنيون بالسؤال أعلاه ممن لم تفتهم وجبة طعام واحدة طيلة حياتهم بل وأحيانا يتناولون مابين الوجبات الاعتيادية وجبات إضافية أخرى يسمونها في مجتمعاتنا وخصوصا الريفية منها بالاضحوية وهي مابين الإفطار الصباحي والغداء والعصرية مابين الغداء والعشاء والأخرى التي يكون تناولها ما بعد العشاء إلى نهاية السهرة تسمى بالتمساية والتمتوعة التي تشمل الحلويات والكرزات للتسلية  بها وهم يشاهدون التلفاز خلال السهرة ناهيك عن تلك الوجبات السريعة في أماكن العمل والطرقات وجلسات الأصدقاء الخاصة , فهل لمثل هؤلاء أن يشعروا بما يعانيه الجياع وهل يتألمون عند مشاهدتهم في بلادنا والبلدان الأخرى من على شاشات التلفاز وهل تعتصرهم اللوعة وهم يرون الأطفال  يبحثون عن رزقهم ورزق ذويهم بين القمامة وفي الشوارع وأماكن العمل الثقيلة كالبناء وحمل الأثقال وغيرها من الأشغال التي لا يطيقها حتى الكبار في المدن وعزق البساتين وتهيئة مزارع الخضراوات وحقول الدواجن والحيوانات في القرى والأرياف وبأجور لا تكاد تسد رمقهم فكيف بهم ومن خلفهم ربما أعدادا كبيرة من أفراد عوائلهم ؟ بالتأكيد هم لا يشعرون بكل ذلك حتى وان كانوا يمتلكون كل الأحاسيس الإنسانية والطيبة والخلق الرفيع لان الألم لا يؤذي إلا  من يعانيه ولا يشعر به غير صاحبه مصداقا للحكمــــــــة التي تقول ( ما يحس بالألم إلا صاحبه) وهي حقيقة ثابتة لان من ليس به الم لا يشعر به مثل ما يعاني من به ذلك الألم , ربما لهذا شرع الله سبحانه وتعالى فريضة الصيام لإجبار الناس المؤمنين على الإحساس بهذا الألم وليتساوى الغني مع الفقير والمتخم مع الجائع في هذا الإحساس القاهر ذلك الإحساس الذي تمناه سيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أن يكون رجلا فيقتله حين قال رضي الله عنه (لو كان الفقر رجلا لقتلته) .
ورغم أهمية الصيام ودوره في إشراك الأغنياء بمعاناة الفقراء  ولكي يشعر هؤلاء المترفين بقسوة ما يعانيه المحرومون  نقترح عليهم أن يحاولوا تجربة ذلك الجوع لفترة أطول من فترة الصيام التي قد تبلغ في ذروتها ستة عشر ساعة من اليوم الرمضاني الواحد وذلك في أحر أيام الصيف فيصوموا يوما كاملا ويتناولوا وجبة بسيطة واحدة في اليوم ولفترة محدودة كأن تكون أسبوعا واحدا وبهذا قد يتسلل إلى نفوسهم ذلك الشعور الرهيب الذي يعانيه الجياع في مجتمعاتنا المحلية والعربية والإسلامية وحتى في معظم بلدان العالم ولا نستثني  البلدان المتقدمة من ذلك لأنها لا تخلو من محتاجين وفقراء ولكن ما يهمنا هو ما يعانيه فقرائنا  لأنهم وصية الله لنا .