أمينة خيري تكتب : نخوة الضرب

أمينة خيري تكتب : نخوة الضرب
أمينة خيري تكتب : نخوة الضرب

 

تدين العلقة الساخنة التى تلقتها عروس الإسماعيلية وتحولها إلى ترند لأجواء المشهد وليس لمحتواه. فالمحتوى «عادى». واحد وبيأدب مراته أو أخته، ما المشكلة؟، ولماذا يتدخل هذا بالمنع وتلك بالشجب؟!، هذه مسألة خاصة وعادية ومعتادة وسلو بلدنا. والأهم من ذلك أنه راض وهى راضية، مال القلة المندسة إذن بهم؟، ولماذا تحشر نفسها بينهما؟، لا سيما أن العروس مبتهجة ووجها منور، ليس هذا فقط، بل إن العروس هى ابنة عم العريس، أى أن حق الضرب والتأديب مضاعف. ويسعدنى أن أبلغ القراء الأعزاء أن الصدمة الحقيقية لم تكن فى انتشار ما جرى عبر مقاطع التقطها أحدهم، أو ردود فعل بعض الناس التى لا تعى أن الضرب شىء عادى خارج «البندر» (وأضيف فى داخله أيضًا)، بل كانت الصدمة للعريس وليس من تابعوا. العريس مصدوم من صدمة البعض الذين ألمح لهم بأنهم «بلا نخوة». فهو يرى أن «الصعيدى سيبقى صعيدى حتى لو سافر فرنسا أو أمريكا». صحيح أنه لم يذكر أنه لو فعل فعلته فى فرنسا أو أمريكا- هذه الدول التى لا تعترف بنخوة الصعيدى فقط نخوة القانون- فإن مصيره فى أيدى قانون صارم. وفى فرنسا مثلًا، لا يسمح للضارب بالاقتراب من المضروب مسافة يحددها القاضى، ولو فعل فإن «أسورة» يرتديها المضروب(ة) تنذره(ا) بالخطر لتستدعى الشرطة.
لكن العريس معذور، فحتى فى هذه الدول، كثيرًا ما تتمسك العروس بالعادات والتقاليد والتفسيرات الدينية التى تجعل الضرب أمرًا عاديًا ومجرد «كسر كبريائها» لا أكثر ولا أقل.
عروسنا اليوم تقول إنها تحب عبد الله، وإن عبد الله يحبها، وإنها ليست مغصوبة «على الجوازة». بمعنى آخر، «باضّرب أيوه عادى. وهافضل أضّرب. أنتم مالكم؟!»، ليس هذا فقط، بل لو كانت هناك شبهة تعدٍّ من عبد الله، فإنها السبب فى ذلك. الميك أب أرتيست يا جماعة عصّبتها، أى إنها السبب فى المشكلة، لو افترضنا أنها مشكلة أصلًا. والبشرى التى يحملها السبق الصحفى «الرائع» حيث صورة العروسين (ربنا يهنيهم) ومعهما زميل صحفى والثلاثة يبتسمون ابتسامة عريضة هى أن العروسين الضارب والمضروبة يستعدان لقضاء شهر العسل فى الجونة. والرسالة واضحة وصريحة.
إنها زيجة الأصالة والمعاصرة. أصالة الزوج فى الضرب والنخوة، وأصالة الزوجة فى الرضا والسعادة بالضرب، ومعاصرة شهر العسل فى الجونة!.
ولو تم التعامل مع ضارب الإسماعيلية ومضروبتها باعتبارهما ترندًا لطيفًا، وشاهد قبل الحذف وإضحك كركر، فإن المسألة ستتبدد فى هواء السوشيال ميديا والصحافة «العصرية»، كما حدث مع دعوة أحدهم ذات الطابع الدينى لزوجة «غزها» زوجها بالسكين أن تتذكر أنه يحضر الطعام لها ولأبنائها وتتقى الله، وغيرها كثير وكثير. ما حدث نقطة فى بحر وضع المرأة فى مصر، لا أن كل نساء مصر يتم ضربهن، ولكنها تتعلق بنظرة المجتمع لأى كائن أنثوى: جنس وتكاثر وحمام ونخوة من نوع خاص.