فرانسوا باسيلي يكتب: الثورة الدينية في الإسلام والمسيحية

فرانسوا باسيلي يكتب: الثورة الدينية في الإسلام والمسيحية
فرانسوا باسيلي يكتب: الثورة الدينية في الإسلام والمسيحية

طالب الرئيس السيسي بثورة دينية في الإسلام لكنها لم تبدأ بعد، ومنذ أيام قال الرئيس مخاطباً شيخ الأزهر، "إنت تعبتني". 

وفي هذا المقال أستذكر ثورة دينيه حدثت في المسيحية، ليمنحنا التذكار دروساً قد يستفيد منها من سيضطلعون بالثورة الدينية التي لم تبدأ بعد في الإسلام.

البروستانتية والثورة الدينية

 في هذا العام 2017 الذكري الخمسمئة أي مرور 500 عام علي حدث من أهم الأحداث الدينية التاريخية في العالم، ففي هذا اليوم قام القس الكاثوليكي مارتن لوثر بتعليق عريضة احتجاجية نقدية هائلة تتضمن خمسة وتسعين نقطة نقد واحتجاج ضد الكنيسة الكاثوليكية وعلقها علي جدار الكنيسة-القلعة في ويتنبرج بألمانيا، وفيها انتقاده لتصرفات البابوات والكهنة مثل منح صكوك الغفران والتسلط الشديد لرجال ألدين علي كل مناحي حياة الانسان

وكذلك كان ضد تبتل القساوسة فتزوج من راهبة وأنجبا عدداً من الاولاد، فقام بثورة دينية هائلة أدت إلي إنشقاق الكنيسة ولكنه إنشقاق جاء في مصلحة الكنيسة لأنه أنقذ الكنيسة الكاثوليكية من نفسها ومن طغيانها فاضطرت أمام هجومه الكاسح أن تكبح جماح رجالها وتعيد النظر في سلوكياتها وتطرفها في بعض معتقداتها مثل قضية المعجزات وقضية القديسين فقامت بوضع شروط أكثر دقة لها

وعموماً لم تنتهي المسيحية علي يديه بسبب اصلاحاته كما يخشي عادةً التقليديون ولكن ازدهرت البروتستانية وكانت أكثر حيوية في جذب الناس إليها لتحررها من قيود الشعائر والطقوس والمظاهر والعبادات وتركيزها فقط علي جوهر الإيمان المسيحي ونشره بالوعظ والترتيل فقط وبلا "قداس"، وقضت علي كل "أسرار" الطقس الكنسي، وأهمها سر التناول وسر مسحة المرضي، وأعادت البروستانتية المسيحية إلي وضع أقرب إلي وضعها الأول في التركيز علي التعاليم المسيحية وليس الطقوس التي ادخلها الكهنة في إستمرار لدور الكهنة في الديانة اليهودية

 وفعلاً صارت العبادة في الكنيسة البروستانتية بسيطة وخالية من الشعائر والتفاصيل الزائدة، فلاقت دعوة مارتن لوثر قبولاً سريعاً لدي الكثيرين خاصة من يريدون علاقة مباشرة مع الله بدون وساطة كهنوتية، ولكن بعد رحيله كما يحدث عادة في كل الأديان والمذاهب قام اتباعه بالتشدد بطرق أخري ففي تركيزهم علي الإيمان وليس الأعمال منحوا فكرة الخلاص الفردي مكانة مبالغا فيها وتحولت لديهم إلي جوهر المسيحية، بينما من يفحص سيرة السيد المسيح في الثلاث سنوات التي قضاها يعلم من سن الثلاثين وحتي صلبه بعد ثلاث سنوات يجد أنه كان "يتجول يصنع خيراً" أي أن الأعمال لديه كانت ذات أهمية قصوي وليس مجرد الإيمان فقط، كما أن تركيزه كان علي محبة الناس بعضهم لبعض بل حتي محبة الأعداء، وليست فكرة الخلاص الفردي التي يركز عليها البروستانت اليوم 

الثورة الدينية في الإسلام

وفي النهاية فإن هذا الحدث التاريخي يمكن أن يجد فيه المسلمون اليوم دروساً وهم يبحثون قضية تجديد الفكر الديني في الإسلام أو الثورة الدينية بتعبير السيسي، لأن حجة المحافظين دائماً هي أن أي محاولة للتجديد قد تقضي علي "الثوابت" أي علي الدين نفسه، ولا شك كان رجال الدين الكاثوليك يقولون مثل هذا وهم يهاجمون مارتن لوثر ولكن كما قلت فالإصلاح لم يهدم المسيحية بل خدمها

 وهكذا كل إصلاح سواء كان دينياً أو فكرياً أو سياسياً، ويبدو أن الإسلام اليوم قد وصل إلي وضع يشبه ما وصلت إليه المسيحية الكاثوليكية منذ 500 سنة، ولاحظ أن الإسلام جاء بعد 600 سنة من المسيحية، ونأمل أن يستطيع المصلحون المجددون للفكر الديني أن يقوموا بثورة دينية في الإسلام ينقذون بها دينهم مما أوصله إليه المتطرفون والإرهابيون اليوم.

عصرنة الفكر الديني 


هذه أفكار أطرحها من أجل البحث عن أساليب لتطوير الفكر والخطاب والتفسير الديني السائد اليوم في مصر والبلاد العربية 

  • في المكتبة الضخمة لوالدي أبونا بولس باسيلي قرأت في صباي كتاباً عنوانه "مقارنة الأديان"، وفعلاً أفادني وأوسع مدار رؤيتي، ومن يومها استغرب أن يعتبر أي إنسان نفسه متعلماً مثقفاً دون أن يقرأ كتاباً في الأديان المقارنة، فكيف يمكن منطقياً أن ترتاح إلي الإيمان بأي دين وأنت تجهل الأديان الأخري؟
  • قال أنا مسلم وأفتخر، وقال آخر أنا مسيحي وأفتخر، فقلت إفتخروا بأفعالكم وليس بصدفة ميلادكم
  • كلنا عنصريون وطائفيون، فقط نختلف في الدرجة 
  • دولة تدلل من يعالجون بصباع الكفتة وبول البعير لا تنتظروا منها نهضة 
  • مصر في أمس الحاجة لمستشفي للأمراض الدينية