صموئيل نبيل أديب يكتب: الي مجند "سندبيس قليوب" شكرا لك

صموئيل نبيل أديب يكتب: الي مجند "سندبيس قليوب" شكرا لك
صموئيل نبيل أديب يكتب: الي مجند "سندبيس قليوب" شكرا لك

 

توفّيَ والد صديقي صباح يوم الأربعاء… لم تكن الساعه تجاوزت السابعة صباحا  عندما اتصل بي باكياً " تعال عايزك"..

و بعد إجراءات طويلة، و تجهيز  الصندوق و الكفن و إبلاغ الأقارب و انتظار القادمين من الصعيد و حجز القاعة… تحركنا الى بلدهم

" سندبيس قليوب ".

ساعة ونصف استغرقها الطريق لتدخل السيارات إلى طريق القرية المُترب.. فبوابة المدافن على أطراف القرية  أمام طريق ترابي يحملك إلى داخل القرية.

بينما علت أصوات البكاء، دخل الجميع إلى داخل المدافن ،و بقيت أنا خارج  البوابة.

 

مرت دقيقتان  قبل أن يظهر على أول الشارع الترابي  مجند أسمر نحيل الجسم ،  بملامح وجه أنهكه التعب  عَلَتْه قطَراتُ العرقِ الغزيرِ   راكبا   عجلة قديمة ؛ بينما  يحمل  مجموعة أسلاك كهربائية حول جسمه  من الكتف إلى أسفل.. و لكنه فعل شيئًا جعلني أتسمر واقفا..

 

فبينما كان  يقترب من البوابة، ترجَل عن العجلة، و نزل يمشي على قدميه ببطء و عينيه  إلى الأرض حتى تجاوز البوابه بمسافة ثم ركب العجلة مرة أخرى…

تصرفه، ضربني فى ذاكرتى ،وأعادنى  ثلاثين   عامًا إلى الوراء؛ حينما كان الجيران يُغلقون المحلات إذا ما مرت جنازة أمامهم.. و ينزلون الباب الصاج إلى  المنتصف أو يغلقون  الباب الزجاجي.. ثم يخرجون ليقفوا خارج الدكان احترامًا لجنازة الميت… و ينزل من يركب العجلة أو حتى السياره   و يقف على جانب الطريق منتظراً حتى تبتعد الجنازة..

احترامًا لميت لا يعرفونه، و لجيران قد يكونون أساسًا من بلدة  أخرى ،و بديانة أخرى..

عالمين  أن الحزن جبل كبير.. يقع فوق القلوب فيهشمها.. و أننا نذهب إلى العزاء لكى نحمل جزءًا من هذا الجبل معهم..

يحمله أحدهم بحمل الصندوق ، و يحمله آخر بالوقوف بجوار المتوفَّى يدعو له.. و يحمله ثالث في شكل أكياس الشاي و السكر  التى يحضرهم معه..

بينما يقف الجميع بجوار أهل المتوفَّى عالمين أن الحمل ثقيل و مؤلم، في رسالة لأهل المتوفِّى  اننا جاهزون لحمل الحزن  معكم بأي طريقة كانت …

 

مجند نحيل  أسمر اللون،  ربما لم يدرس في مدرسة، و ربما حصل على الدكتوراه.. . لا أعرف.. و لكني اعرف انه  انسان..

انسان أثبت  أن الأخلاق لا تموت، و أن القيم تنتقل عبر أولاد الأصول  مهما حاول الزمن أن يغيرهم….

..  مجند متغرب عن أرضه   ، فعل  ما يفعله أصلاء المنشأ ، و عظماء الأصل،. حاملين الدين الحقيقي في قلوبهم..

 

إلى هذا المجند  الذي لا أعرفه… شكرا لك لأنك أثبت أن القيم لم تنقرض و أن الحب باقى في القلوب…

شكرا لك

====

قصة حقيقية حدثت يوم الأربعاء 22 سبتمبر الساعه 5 مساء