السفر من الهوايات الجميلة، كما أنه من الجميل أيضاً أن يكون لدي الإنسان شجاعة الإقدام علي خوض التجارب والمغامرات، طالما جري ذلك في إطارالمعقول والمقبول وتحت مظلة القانون الذي نحترمه جميعاً ونوقره .
التجربة التي أقدم الشاب السوهاجي صاحب ال29 عام علي خوضها، والمتمثلة في سفره من الجيزة إلي أسوان مرتحلاً ومتنقلاً خلال محافظات الصعيد بمدنه وقراه بهدف توثيق تقاليد وعادات أهله، والتي قطع شوطاً كبيراً فيها بمساعدة حماره المسكين، الذي لا يملك من أمر نفسه شيئ، أنا لست ضدها علي الإطلاق، ففي السفر 7فوائد كما يقولون، وسأذهب لأبعد من هذا وأقول أنني مؤيد تماماً لأخينا "الرحالة" ولتجربته حتي وإن كان هدفها غير المعلن هوالحصول علي الشهرة وجذب الإنتباه، فاليحقق الشهرة التي أرادها، ويلجذب إليع الإنتباه الذي تمناه ونحن نتمني له ولغيره الخير وندعو للجميع بالتوفيق ..
ما أنا ضده تماماً، وأرفضه بكل جوارحي، هي الوسيلة التي إستخدمها صاحبنا في إتمام رحلته والتي لم تكن سوي حمارغلبان ظل ماشياً مطأطأ الرأس مجبرا ً إلي أن ذابت حوافره!
أكرر .. أنا مع الإقدام علي خوض التجارب طالما تمت في إطار المعقول والمقبول، ولكن هل من المعقول يا سادتنا أعز الله قدركم، أن يقطع حمار ضعيف 845 كيلو متر، هي المسافة الفاصلة بين الجيزة وأسوان سيرا علي الأسفلت ؟!
ما قاله لنا الخبراء ومن هم علي دراية بمجال تربية الحيوانات، أن الحمار لا يستطيع المشي طويلاً ، وأنه من المستحسن أن يمشي يوم ويرتاح يوم، وأن أقصي مسافة بإمكانه أن يمشيها هي 25 أو 30 كيلومتر في اليوم فلو صدقنا ما قاله الرجل، من أن رحلته التي قطعها بحماره من الجيزة إلي سمالوط قد استغرقت 8 أيام، ولوأجرينا عملية حسابية بسيطة وقسمنا 250 عدد الكيلو مترات بالتقريب مابين سمالوط والجيزة علي ال 8 أيام التي استغرقتها رحلتة، فإن النتيجة ستكون 31 كيلومتر في اليوم تقريباً ، وهو مايزيد بالطبع عن قدرة الحمار، وهو مايدلنا أيضاً علي أن صاحبنا لم يأخذ بأي من نصائح الخبراء بشأن ضرورة إراحة الحمار، بحيث يمشي يوماً ويستريح يوماً، ولكنه استمر في التنقل مثقلاً علي حماره الذي ركبه ليركب من خلاله التريند "حسب ما أظن وليس كل الظن إثم "وركوب التريند ليس عيباً في حد ذاته، ولكن ما ذنب الحمار الغلبان ؟!
وإذا كان الغرض من الرحلة هو توثيق عادات وتقاليد أهلنا في الجنوب، فما علاقة الحمار بالموضوع؟
هناك 10000 طريقة كان بإمكانه إستخدام أي منها .. لماذا لم يلجأ" حضرة الرحالة" مثلاً إلي امتطاء حصان أو جمل بدلاً من حماره المسكين، أوليس كلٌ ميسر لما خلق له؟
إن أي حصان حتي وإن لم يكن قوياً يفوق بكثير أقوي حمار من حيث السرعة والقدرة علي الإحتمال والتحمل ؟
لماذا لم يركب دراجة نارية أوهوائية، أوحتي يركب رجليه وياخدها مشي وكان برضو هيركب التريند ؟!
التجربة قد تكون مقبولة، ولكن الطريقة مرفوضة من كل جوانبها، مرفوضة إنسانياً ودينياً وحتي قانونياً .. لأن ديننا الحنيف قد حثنا، لا بل أمرنا بالرفق بالحيوان، كما أن المادة ( 355 )من قانون العقوبات المصري تنص( في الفقرة أولاً) علي أنه يعاقب بالحبس مع الشغل كل من قتل عمداً دون مقتضي حيواناً من دواب الركوب أو الجر أو الحمل، أو من أي نوع من أنواع المواشي أو أضر به ضرراً كبيرا) .
أوليس في سير الحمار من الجيزة إلي أسوان ( 845 كيلو متر) ضرراً كبيراً عليه ؟!
ثم ما الذي إستفدناه نحن من كل ما قاله الرحالة النشيط أو ما حكاه عن معاناته ، وما واجهه من صعوبات خلال رحلته الإستكشافية سوي رفض أهالي بعض القري لإستضافته أو المبيت داخل قراهم؟
ما يمكن صعب عليهم الحمار يا أخي !
( الرجل والحصان ) عنوان مسلسل كان قد قدمه العملاق الراحل محمود مرسي سنة 1982 قبل ظهور التريند!
( الرجل والحمــار ) عنوان مقالنا اليوم في 2021 بعد أن ظهر التريند وساد وتوغل وتغلغل وانتشر ...
قد يبدو العنوان متشابه، ولكن شتان الفرق ما بين رجل الحصان ورجل الحمار!