الحربُ كلمةٌ موجعة قاسية حروفها حمراء اللون تنشب أظفارها في الأحشاء فتمزقها وتوسوس للعقول فتسير خلفها أما عن الحرب من المنتصر في حروب البشر؟ ومن الخاسر؟ عندما يرفع القادة راية النّصر ترفعُ على جثث الآلاف من الضحايا وتحلق مع لهاثِ آلاف المتعبين الجرحى المنكوبين وأما الأيامى واليتامى ينظرون من بعيد يستمعون لعبارات التهليل ويرقصون مع المطبلين والمزمرين. يرقصون ويتمايلون على ترانيم آلامهم من فقدهم لمن كان المنارة والسند والحبيب . القوانين البشريّة حبرٌ على ورق تضعها عقول لأجسادٍ بملابس أنيقة تبحثُ عن امتيازات لهذا أو ذاك وتتناسى الاختلاف وبذلك يصدرُ قانون دولي يقرأ على الفقراء وتطبقه عصا الأقوياء. في بلادي ملايين المهجرين المعدمين الباحثين عن زوايا مظلمة في هذه الأرض الموغلة في القدم والتي تحاول أن تهب الحياة فيُقتل أبناؤها وتهب الخيرات فتسرق وتنهب الخيرات وتخبو المسرات ويسود الوجوم. هل بحثت عن الحياة وأنتَ على قيد الحياة؟ هل تفقدت روحك وصفعت نفسك لتشعر بأنّك موجود ومعلق بين أرضٍ مشتعلة وسماء نحاسية ملتهبة؟! نتساءل من يقتل الإنسان؟ من هو عدوك أيّها الإنسان ولقد وهبك النظام الكوني أرضا ضاقت بما رحبت وكونا مترامي الأطراف والامتداد وفضاءً يخيف العقلاء ويدفعهم للتحليق بنشوة المكتشف للبحث عن مكان آخر. بلدي دمرها الأخوة والغرباء باسم القانون. ذبحونا باسم القانون جعلوا من رؤوسنا المصلوبة وحفلات الشواء مادة إعلامية تبعث النشوة في تلك النفوس الشيطانية ليحكموا بقوانين على من لا يتفق وفكرهم بالتجويع حتّى الموت. لا دواء ولا غذاء ولا حياة لمن يقول لا لهذه العصا التي جعلها بعض المنافقين سيفا لا يرحم. يا شرفاء العالم لا تصدقوا كذب السياسيين التي تقوم على كلام الخائنين فمن خان حليب أمه لا كرامة له. الكون يرمم نفسه يلفظ الجميع بطريقة احترافية لا تصل لها عقولكم التي صدقت أنها سيطرت على الكون سترحلون ويرحل من يختلف عنكم وستأتي أجيال تشبهكم وأجيالا تنبذكم والبطل يصبح مجرماً حقيراً والمتطرف يلبس ثوب البطولة.
في أفلامكم الهوليودية وتتعاطفون معه ولو مشى على جثث آلاف البشر. أيها البشر الأقوياء انظروا برحمة لهؤلاءِ المستضعفين في الأرض ولا تقولوا معارض ومؤيد. يرفضني أو يساندني بل قولوا هذا بشر مثلي ونحن نكون معا أو سنرحل معا والمستقبل سيكشف عن جيش جرار من البشر الحدديين يقودهم وحشٌ لا يعرف الرحمة. هل زرتم يوما تدمر هل قرأتم عن أوغاريت وهل استمتعتم بالسير في أزقة الرصافة وجعبر وركبتم المراكب إلى جزيرة صغيرة أما بحركم العظيم، هل استمتعتم بخضرة الجزيرة . نحن العرب بناة حضارة ولكنّ الدول العظمى دعمت الخونة لسرقة ونهب الكنوز وأغمضت العيون عن جرائم بحق البشريّة جمعاء. عندما نبكي على كنوز أجدادنا هي رمز من الحجارة الصلبة تعلمنا أن نبقى في هذه الأرض التي قطع الهمج أوصالها صرخنا للمساعدة ليس لأننا ضعفاء بل لأنّ الشر يقوده الشيطان الأكبر الفكر الاجرامي الذي يدمر الحجر قبل البشر. يا حكماء العالم أيها القادة النبلاء كنوز بلادي تدمّر وأطفالي يموتون جوعا ارفعوا دعمكم عن هذا الشيطان الذي عضّ أثداء أمه سورية وقطع الخير عن أخوتهِ نريد أن نحيا بسلام ونثق بحكمتكم .
الأديبة الباحثة السوريّة راغدة شفيق محمود.