يبدو ان المثل الشهير "يخاف مايختشيش" ينطبق علي تركيا التي ظنت أن أسلوب البلطجة الذي تمارسه في البحر المتوسط من أجل الاستيلاء علي الغاز والبترول والجور علي حقوق ومقدرات عددا من الدول هو الأسلوب الأنسب لتحقيق أطماعها .. ولكن اليونان وقفت لها بالمرصاد وأعلنت حالة التعبئة والطوارئ لمواجهة الأوهام التركية واطلعت الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الأمريكية علي هذه التصرفات التركية الطائشة ..
وعلى وقع الضغوط الدولية والتلويح الأوروبي بإمكانية فرض عقوبات على أنقرة جراء أعمالها التنقيبية في شرق البحر المتوسط، عادت سفينة التنقيب "عروج ريس" التركية إلى ميناء أنطاليا جنوب تركيا .. ورحبت الحكومة اليونانية بتلك الخطوة بعد أن أثار إرسال تلك السفينة إلى منطقة متنازع عليها في شرق البحر المتوسط في يوليو الماضي للبحث عن النفط والغاز في المياه مزيدا من التوتر بين البلدين ..
وبعد عودة سفينة التنقيب قالت الحكومة اليونانية أن تركيا بدأت تفهم أن سياسة التهديد غير مفيدة واكدت أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسياسته الحالية لا يمكن أن يواجه العالم المتحضر .. وقالت أن تركيا بدأت تفهم أن سياسة الاستفزازات هذه لا تقودهم إلى أي مكان ..
ولم تأت هذه الخطوة المتراجعة من تركيا إلا بعد ان أعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس تفاصيل برنامج لتعزيز القدرات الدفاعية لليونان، وسط تصاعد التوترات مع تركيا .. وكشف عن خطط لشراء أسلحة متطورة من بينها 18 طائرة من طراز "رافال" التي تصنعها شركة "داسو" الفرنسية، وأربع فرقاطات. كما اعلن الاستعانة بنحو 15 ألفا من أفراد الجيش خلال السنوات الخمس القادمة .. وقال ميتسوتاكيس إن اليونان "ستعزز" أيضا قدراتها الدفاعية بأسلحة جديدة وطوربيدات وصواريخ الي جانب تحديث صناعة الدفاع المحلية ..
وأدى التوتر المتزايد في البحر إلى مخاوف من أن يتحول الوضع إلى صراع مسلح بين البلدين العضوين في "الناتو".. واتهمت تركيا اليونان بمحاولة الاستيلاء على حصة غير عادلة من الموارد البحرية، كما تتهم قبرص بتجاهل حقوق القبارصة الأتراك في الجزيرة المنقسمة.. ولأن تركيا تعلم جيدا انها لن تقدر علي مواجهة كل هذه الضغوط العالمية تراجعت واستجابت علي مضض للضغوط الدولية بناء علي تحركات يونانية مكثفة .. والمؤكد أن اليونان لن تأمن للأتراك حتي بعد التراجع لأنها دولة يعلم الكثيرون انها لاتوفى بوعودها ابدا ..