عقليات البشر بين ، الثبوت والنمو، تتباين تباينا تاما ؛ منها العقليّة الثابتة هي العقليّة التي تعمد علي استخراج النجاح الداخلي والذي هو يولد مع الإنسان، ينمو بالممارسة و يتغييربالترك والإهمال وينمو العقل من خلال سبل التعلم ومن المحاولة، وتزداد احتمالية النجاح لدي الأشخاص؛ الذين يبحثون دوماً عن طرق لتطوير المهارات والعمل نحو النجاح.
ويمكن تبنّي خطوات ترقي العقل بالإيمان بأهمية المحاولة والمجهود المبذول في تعلم واستدراج تخطي صعوبات التفكير،و النظرللأخطاء على أنّها تجارب للتعلم؛يمكن تفاديها في مرات قادمة وليس كل الأخطاء -طبعا- ويعرف العقل، بأنه التثبّت في مقاييس الأمور، والخشية من الإيقاع في المهلكات، وهوالعنصر الأساسي في الفعل البشريّ المعرفيّ، إذ أن العقل هو القاعدة الأولى في الإدراك، والتمييز، والقدرة على اتخاذ القرارات ،وتختلف شخصية الفرد علي حسب بنية عقله ونوعها ؛فالعقول البشرية ليست كلها سواء إذا أن الفطرة التي جبل الله الخلق عليها هي الاختلاف والتنوع ليس من زاوية الذكاء وحدته والغباء وحماقته ،وانما الشخصية التي تدرك مفاهيم الاحداث ،وتتبني تفسير ظواهرها ،وهذا لا يقتصر علي كوّن العقلية البشرية صاحبها يرتقي لدرجةٍ وظيفية عليا أو يعمل تحت مسمي وزاري معين ،وكثير ما نلاحظ شخصيات تسكن الوظائف العليا؛ إلا أنها تقع في أخطاء جسيمة لا يقع فيها أدني موظف لديها، وكم من الشخصيات التي تستقل وظائف قليلة الشأن إلا أنه يظل محور هذه المنظومة التي يعمل بها ،ويظل مدرائه يعولون النظر عليه ،وقد يكون محور عقله ومكوناته العقلية- هذه -سببا لتدرجه وظيفة مرموقة بالقطاع الذي يخدم فيه.
وبعض العقول لا تتضح قيمتها الا إذا استندت في تفكيرها إلي عقلية أخري تحاورها وتناقشها؛ فينتج عن عقليته هو روائع من الفكر والابداع، ولكن لو ظلت تفكر بمفردها تراها تميل للعقم ولا فائدة من جوده كعقلية منفردة، وخاصة في مجال ريادة الاعمال وكما يختلف الناس في قدراتهم الجسدية و احجامهم و مهاراتهم الحركية ، فهم يختلفون -ايضا -في عقولهم و في قدراتهم العقلية من شخص لآخر، و يتباينون عن بعضهم البعض في آلية التفكير و هذا حسب الوراثة و النشاة الاجتماعية و البيئة ومؤثرات أخري كثيرا، تجد مع تجدد العصور، وهنا جاءت تعدد أنواع العقول التي فطر الله- سبحانه وتعال- الخلق عليهم منذ خلق آدم- عليه السلام- وولديه قابيل وهابيل ومحور عقليتهم ،تلك التي تميل إلي الشر ونزع الحب وإرهاب النفس وإزاقها ،وهذا الذي يستجدي السلم ويطرب لنداء الخالق فلا اعتراض ولا إرهاب منه،
وأما العقلية الفلسفية التي عادة ما تبني شخصية الفلاسفة والعلماء والعباقرة وبعض المستنيرين الذين كثيرا ما تراهم يرون مالا يرونه غالبية الملتفون حولهم .والعقلية المعرفية التي ينصب معظم تفكيرها علي استنباط حلول للمشكلات الخاصة به أو بغيره تطوعا منه ويتسلح بهذه العقلية النخبة،سواء في الاسرة أوالعائلة أو البلدة أو المجتمع الأكبر لا يركن إلي تفضيل مصلحته،ولا يتشبث بتفاصيل ،تقلل من أهمية الأفكار المحورية لقضية ما أو مشكلة ، علي عكس هذا الذي يعتمد في تفكيره علي منطق اللامبدأ ويتصبغ حسب المصلحة التي تصب في منفعته وما اكثر هذه العقول ،والذي لا يحاول - صاحبها- جاهدا أن يفكر عكس الاتجاه؛ حتي لو كان هذا العكس هو الصواب،واصحاب هذا النوعية غالبا ما يكونوا من الاستغلاليين،واللصوص و الانتهازيين و بعض رجال الاعمال الاحتكاريين . والعقلية التي تفكر بتعصب وتنهج منهج التشددية،وهم قلة قليلة من الناس يفتضح أمرهم بسهوله ويمكن من خلال أول جملة ينطقها،أن يفصح عن مكنون عقليته،والذي لم تنضح بعد- علي الرغم من كبر سنه- ، وهم في الغالبية أنانيين و متعصبين ومتشددين لآرائهم ،لا تثمرمخاوراتهم أبدا .والعقلية التحاورية المستندة في أفكارها وأقاويلها علي الممكن ومحاولة مناقشته والتفاعل بأريحية مع كل من يجادلها، مهيئ لتقبل الآراء المعارضة برحابة صدر، فهو مقر بخطأ آراءه، يعترف بتقصيره، -إن جانبه الصواب- وإن كان على حق دافع عن رأيه دون تعدّى أو مجاوزة ، ويحتل اسلوبه اللبق علي اطراف الأحاديث . وياتي االعقل المتقلب الذي لا يثبت على رأيه علي فكر واحد ؛وقلما تراه ثابتا علي منظومة فكرية بعينها ؛ بل يتأرجح بافكاره ، لا يعتمد على مصدر ثابت في مقارنة أفكاره بغيرها أو ليس لديه معلومات محددة، ويتنقل بالافكار لاكثر من زاوية بشكلٍ غير منظّم،دائم القلق، تجاه الآخرين علي نحو ؛هل تنال أفكاره رضا المخالطين؟ ،أم أنها سوف تقابل بالرفض؟ ويعد الحوار معه شبه صعب لعدم تحديد أفكاره ،إلا إنه أخف وطأة من العقل المتعصب والذي يستحيل النقاش والحديث معه إلي مشاجرة؛ إذ لا يعترف بصحة آراء الطرف الآخر، ويعتقد بأنّ الآخر دائماً على خطأ، وأنّه هو الوحيد صاحب التفكير الناضج والسديد ، ويدخل في النقاشات بصوتٍ عالٍ، ليضغط على الطرف الآخر، وليثبت صحة فكره وإن كان خطأً، الأمر الذي يجعل النقاش معه مفرط للطاقة ومسلب للوقت.وتشبه عقلية المتعصب العقل المتحجر،والذي توقّفت آلية التفكير بعقله عند درجة معيّنة، لايتثني له أن يتعداها -مهما كانت قضية المناقشة ،وكأن عقله قد تيبس عند هذا الحد من التفكير ، ويظل متشبثاً برأيه ولا يحاول الخروج به إلى العالم المحيط، الأمر الذي يجعله صامتاً عند إجراء حوار مع الطرف الآخر. وكأنه عقل جاهل وهو لا ينفك عن كونة لا يفرق عن العقل الجاهل كثيرا إذ يظن صاحب العقل الجاهل أنه قد بلغ أعلي مراتب الفكر ووصل حد اليقين ،وأنه قد اكتفي وليس بحاجة التزوّد من الآخرين،غير عابئ بآرائهم وليس بحاجة إلي نقاوة أفكارهم؛ مما يظهر سطحيته، وسذاجته، وبساطة معلوماته خاصةً عند الخوض معه في أي مجال من المجالات . والعقل المضن بافكاره هو الذي يكون مخزناً للافكار المبهرة وبالمعلومات، إلا أنه يخشي مشاركة الآخرين في حواراتهم ،لا يناقشهم، ويخاف من مواجهتهم، إضافةً إلى أنه يتجنب الحديث في القضايا الكبيرة، مثل القضايا الدينية والسياسية، ولايشارك إلا في الأحاديث التي يرى أنها بسيطة، ولا تلحق به أي مساءلة، ويتأثر صاحب النوعية العقلية الضنينية علي نفسيا؛ إذا أنه لا يكون راضياً عن هذه التصرفات ،ولا عن نفسه. .ويأتي العقل ذو الوجهين والذي يمتلك القدرة علي التفكير بطريقتين متناقضتين ؛فهو يتحدث عن الفضيلة ويوشك أن يجعل مستمعيه أن يتحلوا بها ، ويناقش الآخرين بطريقة متحضرة كونه قوي الحجة، ، إلا أنّه في الواقع قد لا يكون مقتنعاً بما يقوله أو يفعله،ويرتاد الحانات ويقع بالمنكرات،وقد لا يلاحظ -حتي المقربين منه- هذه التناقضات أوالازدواجية العقلية بشخصيته . والعقلية المتخلفة والتي لا يعيش بافكارها سوي الايمان بالخرافاات، والتخلي عن التفكير في مآرب لعلم، ولا يأمل في التطور؛ إذ أن التطور ومواكبة الظواهر العصرية شيء يخالف عرفه وتقاليدة، وإن كان لا يخالف الدين، الا انه بعقليته المتخلفة يبتعد عن هذا التطور ويحاول بشتي الطرق أن يحاربه، ويحاول إخفاءه ، ويميل إلي الآراء التي تتماشي مع أفكاره ؛ من مدعي العلم والدين ،وقد تراه -مثلا- يقف في وجه المرأة ويمنعها من ممارسة حقوقها ويغلق كل الطرق التي قد تفتحها لها دراستها ومؤهلاتها بدافع التخلف العقلي والذي يعود به إلي القرون المتاخرة من عدم خروج المرأة للعمل -علي سبيل المثال -وليست العقلية المتخلفة قاصرة علي شخصيات لم تتلق العلم ،بل الكثيرين منهم قد بلغ أقصي غايات العلم ، ونالوا أعلي الشهادات، ولكنها في الغالب، كرتونية لم تلبث أن تعلو جداران المنزل ؛ لتزينه ،ولم يستوعب عقله أي فكرة تعلمها منها ؛ ليتزين بها في مشوار حياته العلمي.