أجمل التهاني بعيد القيامة المجيد للجميع سواء الذين احتفلوا به في 31 مارس أو الذين سيحتفلون به في 5 مايو؛ مهما اختلف تاريخ الاحتفال لكن القيامة واحدة ؛ لكن أكررها ثانية وثالثة ودائما ؛ لماذا الاختلاف ؟! ؛ أيهما الأفضل ؛ التمسك بتواريخ الله الأعلم بمدى دقتها أم القيامة المجيدة والتي تقوم عليها العقيدة كلها ؟! ؛ توحيد موعد الاحتفال بالحقيقة التي لا نقاش فيها وهي القيامة المجيدة نفسها أم تواريخ مبنية على حسابات بشرية نسبة الخطأ فيها واردة أو تقريبية ؛ أعلم أنني أتحدث عن موضوع دائرة النقاش فيه أو عنه من أصحاب المذاهب المختلفة يقع تحت فكر أيهما الأول الدجاجة أم البيضة . المهم أن أقول ونقول جميعا بكلإيمان: المسيح قام بالحقيقة قام وفتح الأبدية أمام الجميع. كلماتي تحت هذا العنوان ستكون شاملة لثلاث نقاط ؛ كل نقطة منها لو أفردنا لها مكتبة كاملة تحمل ما يمكن أن يقال فيها أو عنها لا تسعها ؛ لأنها أحداث تحكي عن محبة الله لخليقته البشرية ؛ محبته لأول خليقته التي حبل بها في فكره ووضعها بيديه " آدم والمرأة أو حواء الأولى " ؛ أخطأوا خطيئة كبرى ؛ نالوا العقاب ؛طردوا من الجنة وصدر حكم الموت الأبدي عليهما وعلى نسلهم ؛ لكن الله الذي حبل بهما في فكره ووضعهما بيديه لم تهن عليه خليقته ؛ قرر العفو عنهم ؛ لكن هذا العفو كلفه الكثير؛ كم تألم عندما قرر أن يرسل ابنه الوحيد المساوي له في الجوهر ليفديهما ونسلهما ؛ حتى يكتب لهما الحياة الأبدية مرة ثانية ؛ ويرى أول خليقته آدم وحواء الأولى ونسلهما في الفردوس وكأن شيئا لم يكن بعد فداء الأبن الذي لا يقدر بأثماننا الأرضية كلها ؛ لأنه فداء سمائي لا يقدر عليه البشر لأن الخطيئة عنوانا لهم منذ البداية. كلماتيستسير في ثلاث اتجاهات: ما قبل القيامة؛القيامة؛ الصعود وحلول الروح القدس.
1_ ما قبل القيامة " أحداث الصلب "
*****************************
أحداث لو وُضِعت أمامها كل علامات واستفهام اللغة، بل كل لغات العالم لا تكفيها؛ حقيقة كتبت العنوان وأنا في غاية الألم وكأنني أنا الذي فعلت هذه الفعلة المجردة من كل إنسانية وفهم والتي غضبت لها حتى الطبيعة؛ كأنني أنا الذي حاكمت وحكمت بصلب السيد المسيح الأبن الكلمة وملك المجد؛ ولو أنه في الحقيقة أنا السبب؛ فلولا خطيئتي التي ورثتها من الأب آدم والأم حواء ما كان وضع أبن الإنسان نفسه تحت رحمة القلوب الحجرية! هل هو خطأ في التعبير أن أكتب كلمة " الرحمة " بجانب " القلوب الحجرية "؛ بالتأكيد هو تعبير خاطئ؛ لكنه أقل تعبير يمكن أن يكتب عن سير محاكمة السيد المسيح وطريقه نحو الصليب وهل للقلوب الحجرية أدنى رحمة؟! لم يكن لها التمييز العقلي المضبوط لتفهم من الذي سيحاكمونه ؟!من الذي أهانوه ؟!؛ من الذي سيصلب؟!؛ الخوف على مناصبهم ومكاسبهم وحقد قلوبهم أعماهم عن أنه رب المجد. أحداث المحاكمة المخزية؛ أحداث أكثر من حزينة انتهت بانتصار الظلام في النفوس البشرية التي حكمت وأقرت بصلب الأبن الكلمة. حقيقي وقفت تائها وأنا أقرأ أحداث الصلب في الأنجيل المقدس التي بدأت بالقبض على يسوع؛ استدعيت قول السيد المسيح لهم ليخفف عني " كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصيي لتأخذوني؛ كل يوم كنت معكم في الهيكل أُعلم ولم تمسكوني" ولكن لكي تكمل الكتب". نعم لتكمل الكتب والنبؤات التي قالت إن الأبن سيأتي ليهان ويصلب من أجل فداء البشرية. نقاطوجب التنويه عنها في سياق هذه الأحداث.
1_ الشر يوجد داخل النفوس الضعيفة الخائفة على جاهها ومنصبها ؛ يحاول دائما أن يزيح عن طريقه أي شيء يَحرِمه أو يوقف شر شهواته الدنيوية الشيطانية ؛ من كان أمامهم هو ابن الإنسان الخالي من كل خطيئة ؛ فقط يجول يصنع خيرا ؛ تعاليمه ممتلئة بالنعمة ؛ جذبت كل من قبل هذه النعمة وهذا يمثل خوفا عظيما على جاههم وسلطانهم وشر شهواتهم الدنيوية ويفقدهم أبواق الدعاية التي تتقدمهم في كل أعمالهم المظهرية ؛ جاءت الفرصة ؛ فرصة سلطان الظلمة والشر وخيانة الشيطان يهوذا فخرجوا كما تخرج شياطين الظلام للقبض على يسوع المسيح ؛ لا يعلمون أي شر يفعلونه ؟!
2: الكل تركوه وهربوا؛ الخوف البشري والضعف الإنساني أمام المواقف الصعبة؛ التلاميذ الذين هربوا هم أنفسهم الذين تقدموا للاستشهاد برؤوس مرفوعة ؛ بل البعض منهم طلب أن يصلب منكس الرأس لأنه لا يستحق أن يصلب كما صُلب معلمهوسيده يسوع المسيح ؛ هربوا بخوفهم أمام الموت وهم يعلمون شر من أرسلوا هؤلاء الخدم والجند للقبض على يسوع ؛ لم تكن فكرة الفداء قد تجسدت تماما في عقولهم وأن معلمهم سيذهب بإرادته للموت من أجلهم ومن أجل البشرية كلها وبنفس الإرادة وقوة الجوهر سيقوم من الموت منتصرا ليدفع داخلهم قوة " الروح القدس " لا يغلبها الشر أو الخوف أو الموت بل هم من كانوا يبحثون عنه من أجل أسمه.
3: قول السيد المسيح للذي ضرب عبد رئيس الكهنة بالسيف فقطع أذنه: رد سيفك إلى مكانهلأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون؛ هو درس ليقول لنا أثبتوا على ما علمتكم إياه في الموعظة على الجبل؛ من ضربك على خدك فحول له الآخر؛ أحبوا أعدائكم وباركوا لاعنيكم.
4: أنه قادر أن يطلب من أبيه أن يرسل له اثني عشر جيشا من الملائكة؛ لكن هو جاء خصيصا من أجل هذا لكي تكمل الكتب؛ بمعنى أن الأمر مرتب له من قبل هذا بكثير بين الآب والأبن؛ أمر الفداء على عود الصليب. قبلة يهوذا ويالها من قبلة؛ هل الشيطان عندما يحكم قبضته على إنسان يسيره كما يريد إلى هذه الدرجة؟!؛ التلميذ يبيع معلمه بكل تعاليمه ومعجزاته وقواته ومحبته التي رآها رؤيا العين ولمسها في كل أعماله وأقواله ومحبته لهم؛ يالها من قبضة؛ لا يحفظنا منها سوى التمسك بقوة من صُلب من أجلنا ولنكون مستحقين رحمته عندما يأتي بنا أمامه يوم الدينونة في الآخرة.
5: رحلة الظلام التي اقتيد لها يسوع المسيح بين حنان حما رئيس الكهنة في ذلك الوقت ثم قيافا رئيس الكهنة ثم إلى خوف وجبن المنصب والكرسي في أقوى صوره أمام بيلاطس الوالي؛ وكيف كانت المناقشات تدور بين سلطان الظلمة وقوة ووداعة السيد المسيح وتسقط كلها تحت قدميه وهو موثق اليدين؛ لكن كان لا بد أن يتغلب سلطان الظلمة لكي يتم الفداء.
6 : استمرت المحاكمة المجرمة والأثمة في حق الناسوت الطاهر الذي بلا خطيئة والقادر بلاهوته أن يحاكمهم جميعا لكنه لا يريد لأنه أتى من أجل هذه الساعة؛ لم أسمع عن محاكمة مخزية عبر التاريخ مثل محاكمة السيد المسيح أمام رئيس الكهنة وحماه وكأنها اتفاقية على القتل مقدما وأمام والي " بيلاطس البنطي " ؛ حاكم متخاذل وخائف وجبان أمام المقعد وأمام السلطة وأمام قيصر وقد اصطكت ركبتاه عندما أخافوه بأنه إذا أطلق يسوع فهو غير محب لقيصر ؛ يقول الكتاب المقدس أن الوالي بيلاطس كان يود أن يطلقه ؛ وأنا الآن أقول له لماذا لم تطلقه وفي يدك السلطة ؛ لماذا سمحت بجلده وإهانته وسمحت بأكليل الشوك فوق رأسه ؛ أكيد كنت جاهلا بأنك لو كنت أطلقته كنت ستمرح وتفرح في الفردوس ؛ بالتأكيد أنا لا أستطيع أن أحكم كيف سيكون موقفه في الآخرة ؛ من يعلم فقد يجد الرأفة أمام محبة الذي سيدين الجميع في الآخرة.
7: تغلب سلطان الظلمة واختاروا البراءة ل " باراباس " اللص صاحب الفتنة والقتل بدلا من براءة البريء يسوع المسيح؛ لأن الشر دائما يبحث عن نظيره الشر ولا يمكن أن يصاحب أو يصادق الخير.
8 : الصليب المرتفع إلى السماء يحمل أغلى وأثمن وأقدس وأبر إنسان منذ بدء الخليقة وحتى نهاية العالم ؛ أبن الإنسان الذي يخفي بداخله لاهوت يمكنه لو أراد أن يصلب به العالم كله لصلبه ؛ لكن ليس هذا عمله وهو الذي طلب المغفرة للذين صلبوه ودمه الطاهر ينزف وألام مبرحة بالتأكيد لا ندرك مدى ألمها الجسدي ؛ لكن لا شك نتألم كل ما فكرنا في آلام هذا البار الذي سفكت دماؤه الطاهرة من أجلنا ؛ نتألم ونفرح في ذات الوقت ونحن نعلم أنه داس الموت وقام منتصرا ونصرنا معه على الموت الأبدي الذي كان يمكن أن يبتلعنا دون رحمة لولا رحمته ومحبته للبشر الذي لا يريد أن يهلك أحدا منهم ويريدهم جميعا في الفردوس معه ورجاء للجميع بأن باب المغفرة مفتوح لآخر لحظة ؛ حتى لا يصينا اليأس والإحباط وهذا وارد في كل لحظة ولحيظة لأننا بشر والخطيئة من أصغرها لأكبرها عنوانا لنا ؛ من أصغرها لأكبرها ؛ قد تختلف لكن كلها تقع تحت بند الخطيئة ؛ لم ينس المصلوب والمتألم حتى وهو على الصليب أن يضيء لنا الضوء الأخضر لتشجيعنا ولا نفقد الرجاء أبدا ؛ بكل محبة قال للص المصلوب إلى جانبه اليوم تكون معي في الفردوس ؛ آمن اللص وتاريخه القاتل بالمصلوب إلى جانبه في لحظة وكسب الفردوس في لحظة ؛ إشارة بأن الطريق مفتوح أمام الجميع لآخر لحظة ؛ المهم أن تحدث التوبة والروح لا تزال في الجسد .على الصليب طلب المغفرة للذين عذبوه وأهانوه وصلبوه ؛ أي قوة هذه ؛ أي محبة هذه ؛ أي إصرار ان يرسخ في داخلنا وصيته دائما في أذهاننا لنكون مثله ؛ أحبوا أعدائكم باركوا لاعينكم وصلوا من أجل الذين يسيئون أليكم . على الصليب والألم الهائل يصرخ في كل جسده الطاهر لم ينس أمه السيدة العذراء مريم ؛ وقد يكون هذا الحدث إشارة لكل من لا يؤمنون بالقديسة العذراء مريم وينكرون ظهوراتها ومعجزاتها ؛ أقول لم ينس أمه ؛ سلمها لتلميذه يوحنا الذي كان يحبه ؛ وكلمة يحبه هنا لا تفيد ان يسوع المسيح كان له ميزانين في الحب ؛ لكن تفيد أنه رأى في هذا التلميذ البتول ما لم يره في غيره ؛ لم ينس أن يقول له هذه أمك ؛ ويقول لها هوذا أبنك ؛ الذي سيرعاك على الأرض بعد مغادرة ابنك ؛ابن الإنسان الذي حملتيه في أحشائك بقوة الروح القدس تسعة أشهر وأرضعتيه من ثديك حتى كبر وغمرتيه بحنانك وحبك حتى صار رجلا وبدأ في رسالته . معذرة إن كنت أتحدث كما لو كنت أتحدث عن إنسان عادي وأنا أتحدث عن أمومة السيدة العذراء بكل عظمتها للأبن الإنسان الحامل للاهوته منذ اللحظة الأولى التي حل فيها في أحشائها المقدسة لأن القدوس لا يمكن أن يسكن سوى في أحشاء مقدسة ؛ فهل يمكن لله الذي قدسها وقدس هذه الأحشاء التي سيحل فيها القدوس وحل فيها بالفعل بعد أن يخرج منها القدوس يقول لها أذهبي لا أنت مقدسة ولا أنت أمه وما أنت سوى كومبارس في فيلم هزلي أديت دورك فاذهبي إلى حالك ؛ حاشا أن يحدث هذا من السماء وحاشا للأبن الذي كان ينظر إلى جميع الأمهات على أنهن أمه ثم ينكر أمه ؛ انتهت رسالته على الأرض وأراد أن يطمئن عليها فسلمها إلى تلميذه يوحنا وهو يقول في ذاته سأرعاك من السماء لتعيشي وسط التلاميذ كنور لهم فأنت أم النور ؛ لن آخذك الآن إلى مكانك ؛ حتى لا تقول كل الأمهات وماذا عنا نحن وأنت الذي قلت لنا وأنت معنا على الأرض أننا جميعا أمهات لك لأننا سمعنا لك وأنت تعطينا كلمة الله ؛ نعم يا والدتي ستأخذي عمرك الذي كان محدده لك أبي الذي في السموات منذ ولادتك وحين تحين الساعة سأقول له هذه أمي وأجذبك إلى أعلى ؛ ولأثبت للجميع أن الأبن يحب أمه سأعطيك كرامة في ظهورات عظيمة سيراها جميع من في الأرض ويقولون لأنها أم المخلص.
9 : كلمات أقولها في غمرة تأثري الشديد بالموقف ونسيت أن كل شيء كان مرتبا له بالثانية والدقيقة ليذهب البريء إلى الصليب ؛ أشكرك بيلاطس لأنك غسلت يديك لتبرئ نفسك من دم البار فهذا كل ما استطعت أن تفعله أمام خوفك على منصبك ؛ نعم محاكمة مخزية وباطلة لبرئ لو علموا من هو لسجدوا أمامه ؛ المفروض انهم كانوا قد علموا من قواته ومعجزاته التي سمعت الجميع من هو ؛ لكن أعود وأقول أن عيونهم قد عميت وأذانهم قد صُمت " أصابها الصمم " ليتم المكتوب كله وليتمم يسوع المسيح البار عمله الذي كان دائما يخشى بناسوته أن يحدث ما يعوقه عن هذه المهمة التي كلفته العار على الصليب وجلدات وبصق وإهانة وأكليل الشوك فوق رأسه .ثلاث أسئلة لن أجيب عليها؛ سأتركها لكل من يريد أن يفكر:
1_ هل السيد المسيح بكل الفضائل التي علمنا إياها في الموعظة على الجبل وفي كل تعاليمه كلها يمكن أن يترك غيره ليصلب بدلا عنه، حتى لو كان خائنا مثل تلميذه يهوذا أو أي إنسان آخر.؟!
2_ ما الذي دعا نيقوديموس ويوسف الرامي وهم من معلمي اليهود ورؤساء في المجمع لأن يحضروا الطيب والحنوط الغالية الثمن ويكفنوه ويضعوه في القبر الجديد؛ ما أو من الذي دفعهما للقيام بهذه المخاطرة التي يمكن لو انكشفت تتسبب في طردهم من المجمع؟!
3_ هل كل هذه الأحداث بتفاصيلها خطوة بخطوة والأسماء التي جاءت والتاريخ الذي كان يمكن أن يكذبها وحوارات لم يفلت عن تسلسلها حرفا واحدا؛ هل هي حقيقة؟ أم يمكن أن تكون مجرد فيلما للرعب أعدها مخرج كان شديد البراعة في إخراج أفلام الرعب مثل الفريد هتشكوك؟!!!
إلى اللقاء في العدد القادم مع:
2- القيامة.
3- الصعود وحلول الروح القدس.