خلال أربعة ساعات فقط، وزير السياحة والآثار يفتتح مسجد أثري بالقاهرة ويزور كنيسة قبطية بالإسكندرية ، بمناسبة أعياد عيد الميلاد المجيد، ويفتتح المعبد اليهودي الأثري إلياهو هانبي بالإسكندرية، تأكيدا على رسالة التسامح الديني التي تميز مصر، العظيمة أرض التسامح و مهد الحضارات.
افتتح الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار، اليوم الجمعة ، جامع الفتح الملكي بحي عابدين بالقاهر بحضور الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف، واللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، حيث أقيمت به شعائر صلاة الجمعة.
وأوضح المهندس وعد الله ابو العلا ، رئيس قطاع المشروعات بالوزارة، انه تم البدء في أعمال ترميم الجامع عام 2017، بتكلفة بلغت مايقرب من 16 مليون جنية، شملت ترميم وتنظيف التجاليد الرخامية للحوائط، وأعمال تنظيف وترميم المنبر والمحراب وكافة الأعمدة الرخامية والجرانيتيه بالمسجد، و القباب والقباوات من الداخل وانهاء الأعمال الزخرفية بها، بالإضافة إلى تركيب اجهزة النظام الصوتي ووحدات الإضاءة الداخلية وكاميرات المراقبة.
كما تم الانتهاء من تنظيف أحجار الواجهات والمئذنة، والقباب النحاسية بالأسطح، وأعمال عزل بلاط أرضيات الأسطح، وأعمال تركيب أرضيات حجرية بالموقع العام داخل المسجد وجهة المدخل الرئيسي، واستكمال أعمال الإضاءة الخارجية.
ثم توجهه د. العناني ، إلى محافظة الإسكندرية لتفقد أعمال ترميم المتحف اليوناني الروماني الذي يجمع الآثار المصرية من العصرين اليوناني والروماني، المغلق منذ ما يقرب من 15 عام، ومن والمقرر افتتاحه في ديسمبر 2020 بعد انتهاء مشروع تطويره، ليصبح مقصد سياحي وأثري هام بمدينة الإسكندرية.
ثم زار الكنيسة المرقسية والمعروفة باسم الكنيسة القبطية، وذلك لتقديم التهنئة للإخوان الأقباط بمدينة الإسكندرية بمناسبة عيد الميلاد المجيد.
و تعد الكنيسة القبطية ، هي أول كنيسة في مصر وأفريقيا تم إنشاؤها عام 1961، وهي تحتفل هذا العام بمرور 15 عام على إنشاءها، و تعرضت الكنيسة لعمل ارهابي غاشم، الذي لن يستطيع أبدا المساس بالنسيج المصري والوحدة الوطنية .
ثم توج الوزير ، الى معبد الياهو هانبي ، الموجود على بعد دقائق من الكنيسة والذي بني في منتصف القرن التاسع عشر، بعدما تنازل بابا الكنيسة في ذلك الوقت بقطعة الأرض لبناء المعبد عليه حيث كانت أرض المعبد جزء من الكنيسة التي أهداها قداسة البابا ليهود مصر لبناء المعبد و إقامة شعائرهم.
حضر الافتتاح محافظ الإسكندرية اللواء محمد الشريف، الدكتور مصطفي الفقي ، رئيس مكتبة الاسكندرية و عالم الآثار د. زاهي حواس ، وأحمد يوسف رئيس هيئة تنشيط السياحة، ورئيس القطاع سامية سامي
وأكد الدكتور خالد العناني، في كلمته أن اليوم يعتبر يوما استثنائيا، فخلال 4 ساعات فقط تم افتتاح مسجد الفتح الأثري فى قصر عابدين، ثم توجهنا الى محافظة الإسكندرية لزيارة المتحف الروماني واليوناني تمهيدا لافتتاحهم بعد 15 سنة من اغلاقه لرؤية الآثار المصرية الرائعة من العصرين الروماني واليوناني، بالاضافة الى زيارة كنيسة القديس مرقس التى شهدت بداية المسحية في مصر ، ويرجع تاريخها الى القرن الأول الميلادى .
وتابع العنانى قائلا : اننا الآن نشهد الاحتفال بافتتاح المعبد اليهودي الأثري " الياهو هانبى" الذى يبعد مسافة عشرة أمتار عن الكنيسة المرقسية، لافتا إلى أن أرض هذا المعبد كانت تابعة للكنيسة وتنازل عنها البابا آنذاك لإقامة هذا المعبد ، مضيفا " هذه هي مصر" التي تُمكن الجميع من زيارة آثار متنوعة تنتمي الى عصورعديدة، لافتا إلى أن مصر متفردة بطبقات حضارية تعكس أن مصر نسيج واحد يكمل بعضه البعض.
وأضاف وزير الاثار ، إن ترميم هذا المعبد يبعث رسالة للعالم أن الحكومة المصرية تهتم بالتراث المصرى الذى يعود الى فترات متعددة تعاقبت على مصر، مشيرا إلى أنه تم افتتاح مساجد وأديرة وكنائس في كافة المحافظات المصرية، بالاضافة الى العديد من المتاحف التي تضم آثار تنتمي لعصور مختلفة.
وأعرب خالد العنانى ، عن تفاؤله بأن عام 2020 سيكون عام خير على قطاع السياحة والآثار في مصر، متوجها بالشكر لكافة القائمين على الانتهاء من إنجاز ترميم هذا المعبد مع مراعاة الجانب الأثري به مما يمثل تضافر النسيج الوطني الواحد.
كما وجه الشكر لكافة العاملين بوزارة السياحة والآثار والمجلس الأعلى للآثار، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وشركة المقاولين العرب، ولكل من ساهم في ترميم هذا المعبد الذي يعد الأقدم على الإطلاق في مدينة الإسكندرية على ما بذلوه من جهد طوال عامين لنقف هنا اليوم معكم لنحتفي بأثر جديد ينضم بأيدينا إلى تراث الإنسانية.
وخلال كلمته اعرب الدكتور مصطفي الفقي ، عن اعتزازه وفخره بهذا اليوم الذي يعد يوما من أيام مصر الحقيقية التي تدرك وتؤكد على معنى وعمق العلاقات الانسانية بين البشر ، لافتا إلى مصر لا تفرق بين ابنائها باختلاف دياناتهم ( مسلم ومسيحي ويهودي)
كما أشار الفقى ، الى أن الاحتفال اليوم بتدشين هذا المعبد الذي عكفت وزارة السياحة والآثار علي ترميمه ، و هو يعد برهان جديد علي أن مصر هي دائما بلد الحضارة والثقافة والديانات، لافتا الى أن مصر بدأت عمليات ترميم المعابد منذ عدة سنوات وان اليوم نعزز ذلك بافتتاح هذا الصرح القديم.
وأكد الدكتور مصطفى الفقي، علي أن مصر على مر العصور لم تعرف التعصب والتشدد، مؤكدا علي أن الوحدة الوطنية في مصر تعيش الان ازهى عصورها، وأضاف ان الرئيس عبد الفتاح السيسي ، يكرس معاني الوحدة الوطنية بمصر .
وتبلغ مساحة المعبد 4200م، و هو مكون من طابقين، طابق للرجال والثاني للسيدات، ويحتوي على مكتبة مركزية قيمة، يعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر من الميلاد، كما يضم صفوفًا من المقاعد الخشبية تسع 700 شخصاً، وصناديق من الرخام مخصصة لجمع التبرعات وعدد من المكاتب الخدمية الخاصة بالطائفة اليهودية.
وأوضح العميد هشام سمير، مساعد وزير الاثار للشؤون الهندسية، أن مشروع الترميم بدأ منذ اغسطس 2017م، و تضمنت رصد الشروخ والعناصر المعمارية والإنشائية الحرجة ووضع الخطط اللازمة لترميمها، وفك ورفع العناصرالمنقولة، كما تم تقسيم محاور ترميم المعبد إلى عدة محاور تتمثل في الترميم الإنشائي والمعماري والترميم الدقيق وتنسيق الموقع العام .بتكلفة مقدارها 64 مليون جنية، مشيرا الى أن ٰأعمال الترميم الدقيق شملت ترميم العناصر المنقولة والثابتة مثل المقاعد الأثرية والأبواب والتجاليد الخشبية ونقل وحدات الإضاءة مثل النجف والمشاعل ومقتنيات أداء الشعائر الدينية اليهودية والزجاج المعشق بالرصاص والمشغولات النحاسية والخشبية والبلاطات من الرخام والمزايكو، والشواهد الأثرية الباقية من المعبد القديم. كما تم إعداد الدراسات التفصيلية لعرض الشواهد الأثرية لآثار المعبد القديم تحت إشراف طاقم متخصص من آثري ومهندسي المجلس الأعلى للآثار.
وعقب الانتهاء من أعمال الترميم، تم تزويد المبنى بأحدث أنظمة إنذار الحريق، وأحدث وسائل الإضاءة طبقا للمعايير العالمية التى تتناسب وطبيعة المبنى الدينية والأثرية.
ومن جانبه أشار الدكتور جمال مصطفى ، رئيس قطاع الآثار الاسلامية ،القبطية واليهودية، أن المعبد ينسب إلى " النبي إلياهو هانبي " أحد أنبياء بنى إسرائيل الذى عاش في القرن الثامن قبل الميلاد، يعد من أقدم وأشهر المعابد اليهودية بالإسكندرية، ويقع بشارع النبي دانيال في وسط المدينة مجاوراً للعديد من المعالم التاريخية الهامة. وقد شيدته الجالية اليهودية سنة 1354م ، وتعرض للتدمير على يد الحملة الفرنسية، وأعيد بناؤه مرة أخرى عام 1850م فى عصر والى مصر عباس حلمي الأول ، كما أعيد بناء المعبد أكثر من مرة آخرها عقب الحرب العالمية الأولى حيث تم زيادة مساحته وتكسية الأعمدة بمادة الأسكاجولا ( عجائن الرخام ) .
هذا الخبر منقول من اليوم السابع