ارتبط اسم الإرهابي هشام عشماوي، بحادث مذبحة كمين الفرافرة، والتي استشهد خلالها ما يزيد عن 22 من خيرة رجال القوات المسلحة، وما تلاه من حوادث إرهابية بمنطقة سيناء.
والعجيب في الأمر أن عشماوي كان يومًا ضابطًا في صفوف قوات الصاعقة بالقوات المسلحة المصرية، والتي تعد مدرسة للوطنية ومصنعًا للرجال.
ولأن عشماوي ليس أهلًا لحمل شرف الانضمام لجيش مصر، سرعان ما لفظته القوات المسلحة، عقب ظهور أفكاره المتطرفة وآرائه المتشددة، التي راح ينثرها يمينًا ويسارًا في محاولة لترويجها، ولكنه كان مرصودًا، ولم تخفَ تصرفاته على رجال القوات المسلحة، وسرعان ما تمت محاكمته وتسريحه من الخدمة عام 2011، بعدما تم نقله أولًا للأعمال الإدارية بالقوات المسلحة على أمل أن يعود لصوابه، إلا أنه واصل نفث سموم التطرف بين زملائه، فتمت محاكمته وتسريحه من الخدمة.
ولد عشماوي في عام 1978، وظل لفترة طويلة مواظبًا على لياقته البدنية، وكان حديثه عنها قد أخفى جانبًا كبيرًا من توجهاته السياسية، بحسب أقاربه.
انضم عشماوي بعد ذلك إلى وحدة القوات الخاصة التي تسمى "الصاعقة"، ولم يظهر أي معارضة للرئيس الأسبق حسني مبارك.
يوضح أحد الضباط الذي كان يعرفه: "كان معتادًا على تشجيع النوادي الكروية معنا على التليفزيون، وأنه لم يكن متشددًا بأي شكل من الأشكال"، قبل أن يضيف أنه كان لاعب كرة قدم جيد.
بداية التطرف
بعد عام، بدأ عشماوي ليكون أكثر تقوى، بحسب المقربين منه ذلك الوقت، والذين أكدوا أنه شُوهد يعطي كتب أدب إسلامي وكتيبات لضباط آخرين.
يبين سعيد إسماعيل، الضابط السابق، الذي عرف عشماوي لما يقرب من عامين، أنه على الرغم من معاقبته إلا أنه استمر في تجهيز تجمعات بعد صلاة الصباح.
وتابع إسماعيل: "تحدث معنا حول ضرورة أن يكون لدينا شخصيتنا الخاصة، وألَّا نقبل الأوامر بدون التفكير فيها".
وبدأ في التحول السريع وتوجيه انتقادات للحكومة، وفي أحد الأيام، صاح عشماوي على اثنين من المجندين: "الانتصار سوف يأتي فقط من خلال القوة"، بحسب ما يتذكره إسماعيل.
عشماوي ينشر أفكاره المتطرفة
بعد أربعة أعوام في الصاعقة، قامت السلطات بنقل عشماوي إلى إدارة أخرى، حيث اعتقدت أنه بذلك سيكون أقل خطرًا، لكنه التقى بضباط آخرين، وتحدث معهم في الإسلام السياسي، واستمر في توزيع الكتب المحظورة.
نقطة التحول
يقول أحد أقارب هشام عشماوي إن نقطة التحول قد حدثت عام 2006، حينما اعتقل أمن الدولة صديقًا مقربًا من عشماوي، ويعتقد أن الرجل تعرض للتعذيب وتوفي في الحجز، وهو ما أدى إلى تحول حاد في مزاج عشماوي.
يقول ابن أخيه، أسامة محمد، الذي كان مقربًا منه: "قبل هذا الحادث، كان متدينًا مثل المصريين الآخرين، لكنه لم يكن يكره رجال الأمن الوطني أو الجيش، كما كان له العديد من الأصدقاء في الشرطة"، يشير محمد إلى أنه بعد هذا الحادث قطع علاقته بجميعهم ما عدا اثنين.
تسريحه من الجيش
في عام 2007، قضت محكمة عسكرية بفصل عشماوي من الجيش، واتجه بعدها للعمل في الاستيراد والتصدير في القاهرة، من خلال التجارة في الملابس وقطع غيار السيارات، كما حافظ على لقاء ضباط جيش سابقين في مسجد قريب من شقة والده، وخلال الفوضى التي أنهت حكم مبارك في 2011، استطاع عشماوي أن يفلت من مراقبة المخابرات العسكرية.
عشماوي ينضم لأنصار بيت المقدس
ومع الإطاحة بمرسي من الحكم عام 2013، بدأت جماعة تطلق على نفسها اسم أنصار بيت المقدس شن هجمات على قوات الأمن والجيش من سيناء، وانضم عشماوي لأنصار بيت المقدس في 2012، وبعد عام واحد، ظهر كمفتاح رئيسي في العمليات، بحسب مسؤولين أمنيين، حيث كان يتولى خلية تعلم المقاتلين كيف يمكنهم تنفيذ مهمات تفجير انتحاري وزرع قنابل على جوانب الطريق وإطلاق النار على الجنود.
في عام 2013، وبعد نجاة وزير الداخلية من محاولة الاغتيال، داهمت قوات الأمن منزل عشماوي، ووجدوا معدات تدريب مكثف، من بينها حبال تسلق الجبال متدلية من السقف.
كما داهمت الشرطة مركز "الجيم" الذي اعتاد عشماوي أن يرتاده 3 ساعات كل جمعة، يوضح مدير الجيم: "لم يكن يتحدث مع أحد، حينما يأتي وقت الصلاة، كان يصلي بداخل الجيم، وكان لا يحب الحديث عن السياسة".
محاولة اعتقاله
قال أحد المسؤولين الذين شاركوا في عملية المداهمة، إن عشماوي مؤثر جدًا؛ لأنه يعرف كيف يفكر رجال الأمن والجيش الذين يلاحقونه: "لقد تمكن من الفرار بطريقة جريئة حينما كنا نحيط به".
في نهاية 2013، قامت قوات الأمن بمحاصرة عشماوي و24 مقاتلًا آخرين لمدة 24 ساعة في الصحراء بالقرب من العين السخنة، وقتل 5 في هذه العملية، لكن عشماوي وواحد آخر تمكنا من الفرار، يعلق ضابط من القوات الخاصة: "لا أعلم كيف حدث هذا، حيث قال مسؤول الأمن الذي يتعقب عشماوي إنه على معرفة قوية بطرق الهروب الصحروية ونقاط التفتيش، في بعض الأحيان يرتدي كبدوي، وأحيانًا بنطال جينز وقبعة".
في يوليو جاءت اللحظة الفارقة، ربما كانت قوات الأمن على مقربة من أسر عشماوي أكثر من أي وقت مضى، حينما قاد هجوم بالرشاشات الآلية والقذائف الصاروخية على نقطة تفتيش في الفرافرة، والتي أودت بحياة 22 جنديًا من حرس الحدود، وبحسب كلام بعض المسؤولين فإن عشماوي قد أصيب لكنه هرب.
عشماوي ينضم لأرهابيي ليبيا
واتجه عشماوي بعد ذلك إلى ليبيا مستغلًا الفوضى التي تضرب بالبلاد منذ سقوط معمر القذافي، ومن الصعب على القوات المصرية تعقبه، فعلى الرغم من أن الجيش شن ضربات جوية على داعش في درنة فبراير، إلا أن هناك ترددًا في البحث عنه.
لحظة القبض على عشماوي في ليبيا
في نوفمبر، أعلن تنظيم أنصار بيت المقدس ولاءه لداعش، وانفصل عشماوي عنهم بحسب مصادر أمنيه، وانضم إلى درنة بواسطة 3 ضباط سابقين ورجلين أمن، وفي النهاية تم القبض عليه في ليبيا، وتم تسليمه لمصر بعد القبض عليه في ليبيا؛ ليقدم اعترافات تفصيلية حول أسلوب عمل الجماعات الإرهابية، ومخططاتهم خلال الفترة المقبلة، علاوة على كشف غموض الحوادث الارهابية التي وقعت في سيناء.
وحكم على عشماوي اليوم الأربعاء، بالإعدام شنقًا، وهو الحكم الذي تنتظره أسر الضحايا منذ سنوات.
هذا الخبر منقول من الفجر