اليوم تأتى الذكرى الـ18 لهجمات 11 سبتمبر الإرهابية، هذا الحدث الذى كان بداية لتغيرات عالمية واسعة شملت كافة الدول، وبمرور 18 عاما على هذه الأحداث تشكل جيلا كاملا ومختلفا فى الولايات المتحدة الأمريكية لم يعش أى من أحداث الحادى عشر من سبتمبر لكنه بالتأكيد عاش تأثيراتها المختلفة، فكيف استقبل هذا الجيل فكر ما بعد 11 سبتمبر، وكيف تأثر عالمه بهذه الإحداث؟
جوردان برودر أصغر من أن تتذكر هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، لكنها تتذكر أنها نشأت وهى تعتقد أن اللوم فى هذه الهجمات قد وُضع "بشكل مباشر على المسلمين"، وهى لائحة اتهام ما زالت تلاحق بعض الأشخاص فى البلدات التى نشأت فيها، فى جنوب وسط إلينوى حسب كلامها لصحيفةDaily Herald .
وقالت برودر، وهى طالبة فى السنة الثانية تدرس العلوم التجارية والسياسية فى كلية لينكولن لاند المجتمعية فى سبرينجفيلد: "لقد كان كل شيئ متعلق بهذه الحادث مموه وغير واضح بالنسبة لى .
وأضافت أنها بدأت عملية إعادة التوجيه - "اكتشاف الذات" - بالتحدث مع والديها، إريك برودر، مدرس تاريخ المدرسة الإعدادية، بالإضافة إلى إجراء بحثها الخاص حول أحداث 11 سبتمبر لفهم الأوضاع بشكل أفضل بدلا من توجيه اللوم بشكل دائم للمسلمين .
بايج كالفرت، طالبة من بيكين بجامعة إلينوى أوربانا شامبين، قالت إنها لا تعرف عن الهجمات الإرهابية سوى ما تسمعه فى المحادثات العائلية، من خلال وما تعلمته فى المدرسة، قائلة " بالنسبة لشخص ولد قبل أقل من ثمانية أشهر من 11 سبتمبر، فإن الأحداث "تبدو وكأنها لحظة تاريخية بعيدة".
تقوم كارولين بيك، أستاذة علم النفس فى معهد اليونسكو للإحصاء، بنسج أحداث الحادى عشر من سبتمبر فى إحدى الدراسات، لتشجيع الطلاب الذين ليس لديهم ذاكرة عنها على فهم الحجم الحقيقى لهذا الحدث الضخم.
وتعتمد بيك فى دراستها على سرد مقابلات مع الناجين من هجمات الحادى عشر من سبتمبر، قائلة أن رؤية تلك المقابلات مع الناجين أو أقارب أولئك الذين توفوا فى ذلك اليوم، يجبر الطلاب والذين وُلد اغلبهم بعد هذا التفجير حقًا على الانتباه"، "هذا يجعله أكثر من درس للتاريخ"
وأضافت: "نحن ننظر إلى ما تغير منذ 11 سبتمبر عبر فهمنا لميثاق الحقوق، وحرية التعبير، وحرية المعلومات، أعتقد أنهم يعرفون أنه قد تغير، لكنهم لا يعرفون ما كان عليه من قبل، لذلك من الصعب عليهم أن يشعروا به ".
ووفقا لتقرير آخر نشر بمركز أبحاث Center For American Progress فإن هجمات الحادى عشر من سبتمبر هى أهم تأثير وقع على مواقف ومعتقدات جيل الألفية.
الحريات المدنية والأمن
وأشار البحث الذى أعدته إيلينى تاونز الباحث المساعد فى مبادرة الإيمان والسياسة التقدمية بالمركز، إلى أنه فى فى السنوات العشر التى انقضت منذ 11 سبتمبر، بررت أمريكا، باسم الأمن، تقييد الحريات المدنية، وبالتالى عاش هذا الجيل معظم حياته البالغة فى هذا العالم وسط التدابير الأمنية المتزايدة.
الانفتاح على الثقافات الأخرى
وأوضح التقرير أن الخوف أو الغضب لم يسبب عزلة للجيل الذى ولد بعد أحداث 11 سبتمبر، على العكس فهذه الأحداث جعلت الشباب أكثر شغفا بالتفاعل مع ثقافات أخرى .
و على الرغم من ذلك فمنذ الحادى عشر من سبتمبر، أصبحت المواقف تجاه المسلمين والإسلام أكثر سلبية، إلا أنه فى نفس الوقت زادت الجهود لزيادة المعرفة بالدين الإسلامى أيضا، وأصبح جيل الألفية أقل قبولًا للاتجاه الأول وأكثر انخراطًا فى الاتجاه الثاني.
وأوضح البحث أنه خلال السنوات التى تلت أحداث 11 سبتمبر، ارتفعت المشاعر المعادية للإسلام، ولكن الآن أصبح الأمريكيون الأصغر سنا أكثر حساسية لهذه المعاملة غير المتساوية للمسلمين.، حيث يعتقد أن 48 % من جيل الألفية أن المسلمين مستهدفون بشكل غير عادل مقارنة بنسبة 27% من البالغين الذين يبلغون من العمر 65 عامًا أو أكبر والذين يعتقدون نفس الشيء.
ووفقا لاستطلاع رأى أجرته مؤسسة بيو الأسبوع الماضى فإن الأشخاص الأصغر سنًا هم أيضًا الأكثر دراية بالمسلمين والإسلام والأكثر تسامحًا مع التنوع الدينى والمهاجرين عمومًا، وأشارت المؤسسة إلى أنه ازدادت دراسة الدين 22 % فى العقد الماضى، وفقا للأكاديمية الأمريكية للدين، حيث حدثت زيادات مماثلة فى عدد وتنوع الدرجات العلمية المرتبطة بالدين، بين عامى 2000 و2005 وحده، كما تضاعفت عدد الدورات الجامعية حول الإسلام والهندوسية تقريبًا، توسعت أقسام الدين فى جميع أنحاء البلاد من جامعة تكساس إلى ولاية أوهايو وولاية جورجيا.
و من هنا فإن جيل الألفية، على الرغم من هجمات 11 سبتمبر أو ردًا عليها، أكثر شغفًا من أسلافهم بالتفاعل مع الثقافات الأخرى بشكل مباشر، وقد احتضن البعض الفرص ليصبحوا جيلًا عالميًا أكثر.
جيل الألفية يتواصل مع الثقافات فى الخارج، هذا ما خلصت اليه الدراسة السابقة، فالمزيد من جيل الألفية الذين يدرسون فى الخارج مقارنة بالأجيال السابقة، وازداد الاهتمام بالوجهات غير التقليدية، وهو أمر لم يكن يقتصر فقط على ابناء جيل 2000 وما بعد 11 سبتمبر ولكن على الأطفال أو المراهقين وقت وقوع التفجيرات، ومن بينهم نيك ابن الـ 26 عامًا، الذى قال " أشعر أن 11/9 كان العامل المساعد الذى ضم الجيل إلى مجتمع عالمي.. إنه الحدث الذى ربطنا ببقية العالم ... لقد تعلمنا أن ننظر إلى أنفسنا بشكل مختلف كعنصر فاعل على المسرح العالمى، وليس فقط كأمة فردية."
المنح الدراسية للغات الأجنبية أيضا تنوعت. نظرًا لبرامج حوافز الحكومة الفيدرالية وزيادة عامة فى الفضول، حيث يتعلم المزيد من الطلاب اللغة العربية والفارسية والأردية والبنجابية والتركية والإندونيسية والهندية والبنغالية أكثر من الماضي. هذا الاتجاه ليس غير مسبوق.
استجابة للحرب الباردة، أدت الدراسات اللغوية المدعومة من الحكومة إلى دفع 30000 أو أكثر من طلاب الجامعات الأمريكية إلى دورات اللغة الروسية كل عام. وو بالتالى فان دراسة اللغة العربية هدفا آخر لطلاب المجتمع الأمريكى فى ظل الرغبة فى الانفتاح على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والعالم الإسلامى البالغ عددهم 1.2 مليار شخص .
النظرة المختلفة لجيل الألفية للثقافات الأخرى بما فيها الإسلام يعطينا مؤشرا لما ستؤول إليه السياسة الأمريكية مستقبلا على أيدى أبناء هذا الجيل حينما يتولون حكم بلدهم والطريقة التى سينظرون بها إلى العالم الإسلامى وبالتحديد دول الوطن العربى.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع