عن أزمة ارتداء علامات تجارية مزورة.. هل الحيازة بحسن نية لمنتج به علامة مقلدة للاستعمال الشخصي يعد جريمة؟.. المشرع جرم الاستعمال بسوء قصد بالسجن والغرامة.. وقانونى يؤكد: العقوبة تقع على «المقلد» لا المستهلك

العلامة التجارية تلعب منذ زمن بعيد دوراَ بارزاَ فى الدلالة على مصدر المنتجات، ولا شك أن هذا الدور كان أقدم وظائف العلامة ظهوراَ من الناحية التجارية، إذ عُرفت هذه الوظيفة التقليدية للعلامة فى المجتمعات القديمة، واستمرت العلامة إلى يومنا هذا تؤدى دورها فى الدلالة على مصدر المنتجات، ثم تطورت وظيفة العلامة نتيجة للتغيرات الاقتصادية وقيام الإنتاج الكبير، فلم تقتصر على الدلالة على المصدر، بل أصبحت رمزاَ لصفات وخصائص المنتجات ودرجة جودتها، فوجود العلامة يوحى بالثقة وضمان الجودة للمستهلك.

وفى الحقيقة فإن تزوير العلامات التجارية وتقليدها يعرقل أداء العلامة لوظائفها، ويلحق ضرراَ جسيماَ بالمجتمع، إذ لا يقتصر الضرر الناتج عن التزوير والتقليد على الصناعة والتجارة، بل يمتد إلى المستهلك الذى يقع ضحية الغش والخداع وخاصة بعد أن اتسعت دائرة الاتجار فى السلع التى تحمل علامات تجارية مزورة، فشملت كل أنواع المنتجات والبضائع من ملابس ونظارات وساعات وقطع غيار سيارات وآلات صناعية وأجهزة كهربائية، كما امتدت تجارة البضائع المزيفة إلى سلع يؤدى تقليدها إلى المساس بصحة الإنسان وتعريض حياته للخطر مثل المنتجات لغذائية والأدوية والأجهزة الطبية وفرامل السيارات، وقطع غيار الطائرات. 

cc167e9e-54c7-469e-816f-4582ce7cc92e

السؤال أو الإشكالية التى تطرح نفسها هنا..ما هو الوضع القانوني للشخص الذي يستخدم المنتج «المضروب» الذى يحمل علامة تجارية مزورة؟ وإذا كانت هناك عقوبة ملحة فهل تقع على المنتج والمستهلك على حد سواء أم أن المستهلك لا يعتبر مسئول عن مثل تلك الأفعال؟ 

تعتبر العلامات التجارية – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر فاروق الأمير - أيا كان شكلها أو نوعها والتي تم تسجيلها لصالح شخص طبيعي أو معنوي مملوكة له علي اعتبار أنها تندرج تحت لواء حقوق الملكية الفكرية طبقا للقانون رقم 82 السنة 2002 ولقد عرفت المادة 63 العلامة التجارية: «بأنها كل ما يميز منتجا سلعة أو خدمة عن غيره، وتشمل على وجه الخصوص الأسماء المتخذة شكلا مميزا، والإمضاءات، والكلمات والحروف، والأرقام والرسوم، والرموز، وعناوين المحال والدمغات، والأختام والتصاوير، والنقوش البارزة، ومجموعة الألوان التي تتخذ شكلا خاصًا ومميزًا، وكذلك أي خليط من هذه العناصر إذا كانت تستخدم أو يراد أن تستخدم أما في تمييز منتجات عمل صناعي أو استغلال زراعي، أو استغلال الغابات أو لمستخرجات الأرض، أو أية بضاعة، وأما لدلالة على مصدر المنتجات أو البضائع أو نوعها أو مرتبتها أو ضمانها أو طريقة تحضيرها، وأما للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات وفي جميع الأحوال يتعين أن تكون العلامة التجارية مما يدرك بالبصر».

69093185-jpg

كما جرم القانون – وفقا لـ«الأمير» فى تصريح لـ«اليوم السابع» - في المادة 113 العديد من الأفعال التي تشكل اعتداء علي ملكية العلامات التجارية، إذ نصت المادة 113 على أنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة اشد في أي قانون أخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهرين وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين:

1-كل من زور علامة تجارية تم تسجيلها طبقًا للقانون أو قلدها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور.

2-كل من استعمل بسوء قصد علامة تجارية مزورة أو مقلدة.

3-كل من وضع بسوء قصد على منتجاته علامة تجارية مملوكة لغيره.

4-كل من باع أو عرض للبيع أو التداول أو حاز بقصد البيع أو التداول منتجات عليها علامة تجارية مزورة أو مقلدة أو موضوعة بغير حق مع علمه بذلك.

وفي حالة العود تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن شهرين والغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، وفي جميع الأحوال تقضى المحكمة بمصادرة المنتجات محل الجريمة أو المبالغ أو الأشياء المتحصلة منها، وكذلك الأدوات التي استخدمت في ارتكابها، ويجوز للمحكمة عند الحكم بالإدانة أن تقضى بغلق المنشأة التي استغلها المحكوم علية في ارتكاب الجريمة مدة لا تزيد على ستة أشهر ويكون الغلق وجوبيًا في حالة العود.  

download

ومن ثم فإن من يستعمل علامة تجارية بحسن نية دون سوء قصد كأن يرتدي تشيرت عليه علامة مقلدة أو سلسة بها علامة مقلدة أو حذاء عليه ماركة مقلده أو يمسك بحقيبة مقلده لا يرتكب جريمة، وكذلك الشأن من يحوز أو يحرز أشياء بها علامات مقلدة لحسابه الشخص دون قصد البيع أو التداول، وإذا كان هذا هو حال القانون المصري فإن معظم دول العالم تسير علي ذات الدرب فهي لا تجرم الاستعمال بحسن نية أو الإحراز للاستعمال الشخص، وكذا الاتفاقيات الدولية ومن ثم فلا مجال للهلع مما تناقلته بعض برامج «التوك شو» من استيقاف الأشخاص في المطارات لهذا الغرض، إذ يتم ذلك عند الاشتباه وبمجرد التأكد من الاستعمال بحسن نيه أو أن الأحراز بغرض الاستعمال الشخص يتم تخلية سبيل الشخص فورا – الكلام لـ«الأمير».

الاتفاقيات الدولية

وعن الاتفاقيات والمعاهدات المتعلقة بالحفاظ على العلامات التجارية، يقول أيمن عويان – الخبير القانونى المتخصص فى العلامات التجارية – أنه انتشر في الوقت الحاضر ظاهرة الاعتداء على العلامات التجارية وخاصة المشهورة منها - الماركات العالمية -  بتزييفها وتقليدها،  مما يؤدي إلي إحداث لبس لدي جمهور المستهلكين بخصوص العلامة التجارية  حيث أن هذه الظاهرة  تشكل مخاطر سلبية ليس علي مالك العلامة التجارية فحسب إنما علي جمهور المستهلكين وعلي الاقتصاد الوطني للدول.

Rolex-Day-Date-Replica-Watch-Movement-Silver-Dial

ولذلك تلجأ الدول – وفقا لـ«عويان» - إلي سن تشريعات وطنية وتعقد اتفاقيات دولية تنظيم عملية استخدام العلامة التجارية لتشجيع المنافسة المشروعة بين المشروعات المختلفة وتجرم المنافسة غير المشروعة ونتيجة لذلك وجدت الاتفاقية الدولية تنظيم العلامة التجارية ابتداء من اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية سنة 1883 م وتعديلاتها وانتهاء بمعاهدة سنغافورة بشأن العلامات التجارية لسنة 2006 التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2009 بالإضافة إلي إدراج موضوع الملكية الفكرية ضمن اتفاقية التجارة العالمية  «الجات»  والذي تم التوقيع من ضمنها علي اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة اتفاقية «التربس» .

وفي إطار الجهود المبذولة علي مستوي التشريع الوطني المصري  قامت مصر بإقرار قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري رقم 82 لسنة 2002 م، والذي نص المشرع المصري  من خلال المادة 113 منه علي عقوبة الحبس مدة لا تقل عن شهرين والغرامة التي لا تقل عن خمسة الألف جنيه ولا تتجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كعقوبة أصلية أن لكل من زور علامة تجارية تم تسجيلها طبقا للقانون أو قلدها بطريقة تدعو إلي تضليل الجمهور.

images

ويتضح مما سبق ذكره أن هذه الجريمة تقع إذا ما تم تزور العلامة التجارية المسجلة وفقا لأحكام القانون أو تم تقليدها بطريقة تحدث  تضليل وخلط ولبس لدي الجمهور، ويتضح أيضا أن العقوبات تقع علي المزور أو المقلد وليس علي جمهور المستهلكين الذين هم من ضمن المستفيدين الذين تم سن التشريعات والقوانين الوطنية وتم عقد الاتفاقيات الدولية من أجل حمايتهم لا من أجل حبسهم أو مصادرة أشياء ومنتجات تم خداعهم عند شراءهم لها.

وكل التشريعات والقوانين الوطنية في كل دول العالم بل العالم أجمع وكافة الاتفاقيات الدولية التي تم إقرارها من الحكومات العالم وكافة التشريعات والقوانين الوطنية التي سنها المشرع في كل دول العالم، إنما تم وضعها وإقرارها لحماية جمهور المستهلكين من الخداع والنصب عليهم وأيضا لحماية اقتصاديات دول العالم  ووجود منافسة مشروعة بين الشركات التجارية  وحماية رأس المال العالمي.

ويُضيف «عويان» -بشأن ما تم إثارته من جانب وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بشأن تطييق إجراءات قانونية لمحاربة الاعتداء على العلامات التجارية وخاصة المشهورة منها حيث أن ما تم إثارته لا يمتد إلي الحقيقة سواء بالنسبة للتشريعات الوطنية في تلك الدول أو بالنسبة للاتفاقية الدولية التي تحكم ذلك الأمر بخصوص العلامة التجارية، فلا يمكن مصادرة منتج من مستهلك تم شراؤه لأنه غير حقيقي أو أن يتم دفع مبالغ مالية كبيرة لأنه اشترى منتج تم تقليده، إنما تم سن التشريعات والقوانين الوطنية وتم عقد الاتفاقيات الدولية من أجل حماية جمهور المستهلكين وليس لمصادرة أموالهم أو منتج تم خداعهم عند شرائهم له.  


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع