قوة الإرادة والعقلية مصدر نجاح محمد صلاح المتواصل فى التغلب على لحظاته الصعبة، باستثمارها كدوافع ذاتية لاستمرار تحقيق أمجاده الشخصية فى عالم كرة القدم، وأخرها قيادة فريقه ليفربول للتتويج للمرة السادسة بدورى أبطال اوروبا على حساب توتنهام.
بداية من خلع فى الكتف وضياع حلمه الأوروبى أمام ريال مدريد فى نهائى كييف 2018، مروراً بالتشكيك فى مستواه بالمقارنة بأرقامه الموسم الماضى، ومن ثم استبعاده الغير عادل من المنافسة على لقب أفضل لاعب فى انجلترا الموسم الحالى، نهاية بخسارة بطعم المرارة لقب البريميرليج بفارق نقطة وحيدة لصالح السيتى، كل ماسبق لحظات كفيلة بكسر عزيمة ومعنويات أى لاعب عادى، ولكن النتائج مختلفة بالقطع إذا مر بتلك اللحظات لاعب بعقلية وإرادة ابن مصر محمد صلاح.
هف صلاح المبكر فى الدقيقة 2 من ركلة جزاء، فتح طريق التتويج الأوروبى للريدز، وكان له انعكاس مهم على تعديل كلوب المدير الفنى لليفربول لاسلوب لعب فريقه فى المباراة، التى لم ترتقى للمستوى المتوقع من الجانبين خاصة فى شوطها الأول.
صلاح كان أيضاً أكثر لاعبى فريقه فاعليه على مرمى السبيرز، بـ6 تسديدات من أصل 14 طوال أحداث اللقاء.
3 تعديلات تكتيكية لـ كلوب وبوتشتينو تلخص المباراة فنياً
الالمانى كلوب اعطى درس لكل المدربين، بمرونة تفكيره فى تعديل استراتيجية فريقه بعد الهدف المبكر، من الهجوم الضاغط المعتاد الى الدفاع فى وسط ملعبه ورد الفعل باقى زمن المباراة، مع الإحتفاظ بأسلوب الضغط العالى لعناصر فريقه على دفاعات توتنهام أثناء بناء اللعب من أسفل، ولهذا منح ليفربول الاستحواذ تماما 36-64 % لصالح توتنهام، ولكن بدون فاعلية كبيرة أو فرص محققة على مرمى الريدز.
كلوب لجأ أيضا بالأمس إلى الاعتماد على الكرات الطويلة فى المساحات على فترات، وهى من المرات القليلة طول الموسم التى ينتهج فيها هذا الأسلوب، لمحاولة استغلال فارق سرعات خط هجومه عن قلبى دفاع السبيرز فيرتونخين والديرفايريلد، كانت أخطرها شبه انفراد لصلاح فى الدقيقة 54 من تمريرة حارس مرماه اليسون.
محمد صلاح كان يعود للدفاع فى الجانب الأيمن على عكس المعتاد طول الموسم، ببقائه كمهاجم فى الأمام مع عودة مانى يسارا وفيرمينو يميناً للدفاع، وذلك بسبب عدم اكتمال الحالة البدنية للمهاجم البرازيلى العائد من الإصابة والغائب الحاضر عن مباراة الأمس، ولم يتعدل هذا السيناريوالدفاعى سوى بعد نزول اوريجى فى الشوط الثانى بنفس الطريقة المعتادة 4-5-1، خاصة فى الربع ساعة الأخيرة من المباراة التى ضغط خلالها توتنهام بقوة.
كلوب كان فى قمة حضوره الذهنى بالأمس، وظهر ذلك فى سرعة رد فعله بإجراء تغييرين متتاليين مؤثرين، قبل نظيره بوتشيتينو بالرغم من تقدمه فى النتيجة، فى الدقيقة 58، 62 بنزول اوريجى وميلنر للتنشيط، بدلاً من البعيدان عن المستوى فيرمينو وفينالدوم.
اوريجى حسم نتيجة المباراة بالهدف الثانى فى الدقيقة 87، وميلنر كان له دور كبير فى المساندة الدفاعية لجبهات فريقه اليسرى بعد نزوله فى مواجهة أخطر لاعبى توتنهام سون، وانتقاله للدفاع فى الجبهة اليمنى فى الدقائق الأخيرة مع ضغط السبيرز بنزول لورينتى كمهاجم ثانى بجوار كين.
على الجانب الأخر لجأ بوتشتينو إلى 3 سيناريوهات وتعديلات تكتيكية خاصة فى الشوط الثانى لمحاولة إدراك هدف التعادل.
السيناريو الأول، بعد مرور نصف ساعة إعادة توظيف " السلاح الكورى سون" بنقله من اليسار الى اليمين لمحاولة استغلال المساحات خلف الظهير الهجومى روبيرسون، ولكن قابله كلوب بتحفظ غير معتاد فى انطلاقات مدافعه الاسكتلندى، وإلزامه بواجب دفاعى قوى خاصة مع تقدمه فى النتيجة.
وفى الشوط الثانى منح بوتشتينو تعليمات جديدة لـ سون بمحاولة الإختراق من العمق واللعب تحت هارى كين، مع تفضية المساحات على الجبهة اليمنى لحرية انطلاق الباك اليمين تريبير.
السيناريو الثانى، بتنشيط الهجوم فى الدقيقة 66 بعد نزول مورا بدلا من وينكس، وبالتالى تعديل طريقة اللعب من 4-2-3-1 الى 4-1-4-1، بتعليمات بالتركيز على الاختراق من العمق.
السيناريو الثالث، بضرورة المخاطرة فى الدقيقة 82 بنزول لورينتى كمهاجم ثانى بجوار كين وخروج ديلى الى ، وبالتالى تحويل طريقة اللعب من 4-1-4-1 الى 4-1-3-2، مع تأكيد ميل الثلاثى تحت رأسى الحربة للعب كثيراً فى العمق، مع تفضية المساحات للباكين تريبير وروز.
كلوب قدم مباراة دفاعية جيدة وتفاعل تكتيكيا لإغلاق جبهاته دفاعياً مع تعديلات منافسه الهجومية فاستحق التتويج والفوز، وفى المقابل الأرجنتينى بوتشتينيو لجأ لكل الحلول والأسلحة المتاحة لإدراك التعادل فاستحق الإحترام.
بالأرقام التوفيق أهم من الأداء فى النهائيات
أرقام وأحداث مباراة الأمس تؤكد أن التوفيق أهم كثيراً من مستوى الأداء فى المواجهات الحاسمة، وأن كرة القدم كثيراً ما تكافئ البطل على مجمل أدائه فى الموسم وليس بالضرورة أن يكون الأخطر أو الأعلى مستوى بفارق كبير عن منافسه فى النهائى.
ليفربول قدم واحدة من أقل مبارياته بالمقارنة بأدائه المميز طول الموسم، فقد الاستحواذ 36-64%، التسديدات على المرمى بين القائمين والعارضة لصالح توتنهام 8-3، دقة التمريرات كانت الأقل طول الموسم للريدز 64% فى مقابل 80% للسبيرز.
ليفربول أيضاً لم ينجح فى تشكيل خطورة بسلاح الهجمات المرتدة والسرعات المميز بها سوى مرة وحيدة فى المباراة، ولكن الأهم كان الحسم والتوفيق فى توقيت الأهداف القاتل، الأول لصلاح فتح طريق التتويج فى الدقيقة 2، والثانى لأوريجى قتل المباراة فى الدقيقة 87.
درس يتكرر مجدداً فى المستطيل الأخضر، الاستحواذ ودقة التمريرات وعددها والفرص ليست كل شيئ، ولكن الأهم دائماً التوفيق فى استثمار أقل عدد من الفرص على المرمى
أخيراً البرازيلى اليسون بيكر حارس الريدز، أثبت أنه حارس مرمى كألف، وأنه الأفضل بمركزه فى العالم حالياً، بـ8 تصديات مؤثرة منهم 4 تسديدات قريبة من داخل الصندوق، استحق معها لقب رجل نهائى دورى أبطال أوروبا 2019.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع