لماذا صوت المصريون بـ"نعم" على التعديلات الدستورية؟.. رفض أفكار الغرب "المعلبة" حول الديمقراطية وحقوق الإنسان.. إدراك تجارب دول الجوار ورفض الانزلاق للفوضى.. وإبهار العالم بوحدتهم خلف القيادة السياسية

لماذا صوت المصريون بـ"نعم" على التعديلات الدستورية؟.. رفض أفكار الغرب "المعلبة" حول الديمقراطية وحقوق الإنسان.. إدراك تجارب دول الجوار ورفض الانزلاق للفوضى.. وإبهار العالم بوحدتهم خلف القيادة السياسية
لماذا صوت المصريون بـ"نعم" على التعديلات الدستورية؟.. رفض أفكار الغرب "المعلبة" حول الديمقراطية وحقوق الإنسان.. إدراك تجارب دول الجوار ورفض الانزلاق للفوضى.. وإبهار العالم بوحدتهم خلف القيادة السياسية

حملت نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية، رسائل واضحة وموجزة لكل من يريد أن يفهم اختيارات الشعب المصرى، وكيف انحاز المصريون للاستقرار والأمن واختاروا بإرادة حرة استكمال مسيرة البناء، ولترد على العديد من الأسئلة الحائرة فى عقول الغرب وإعلامه وفى مقدمتها: "لماذا التف المصريون حول قيادتهم السياسية؟"، خاصة بعدما شارك فى الاستفتاء 27 مليون و193 ألفا و593 ناخبًا، منهم 23 مليون و416 ألف و741 ناخبًا موافقون على التعديلات الدستورية بنسبة 88.83%.

 

 

كلمة السر التى ربما مازال لا يدركها هؤلاء هى الأمن والأمان، والذى تمكنت الحكومة المصرية من تحقيقه، بفضل الجهود الكبيرة التى بذلتها، من أجل إعادة الاستقرار فى البلاد، بعدما كانت على شفا الفوضى العارمة، فى أعقاب سنوات الربيع العربى، والتى كادت أن تضع مصر فى موقف مشابه لما تشهده دول أخرى فى الفترة الراهنة، حيث تسيطر عليها حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، بينما يطل عليها الإرهاب بوجهه القبيح بين الحين والأخر.

 

المحيط الجغرافى والإقليمى.. ورود الربيع تحولت إلى أشواك

 

فلو نظرنا إلى الجانب الغربى، نجد أن الصراع الحالى الذى تشهده ليبيا بين قوات الجيش الوطنى، بقيادة المشير خليفة حفتر، والميليشيات المسلحة، تجسيدا صريحا للمأساة التى يعانيها الليبيون منذ اندلاع ما يسمى بـ"الربيع العربى"، والتى ظن قطاع كبير من الشعوب العربية أنها بداية الخلاص من الديكتاتورية، لتدشين عهد ديمقراطى جديد، بينما استيقظوا من أحلامهم الوردية، ليجدوا أنفسهم أمامهم الكابوس الذى بات يلاحقهم منذ 8 أعوام، بعدما تمكنت الميليشيات المتطرفة من بسط هيمنتها على مساحات واسعة من الأراضى الليبية، بينما وضعوا أياديهم على النفط، والذى يمثل أحد أهم مصادر الثروة فى البلاد.

 

وعلى الرغم من النجاحات التى يحققها الجيش الليبى، تبقى بقايا الميليشيات الإرهابية تهديدا صارخا للأمن الليبى، حيث تقوم بالعديد من العمليات التى تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد، والعودة بها من جديد إلى المربع الأول، وفى النهاية يتحمل المواطن الليبى تداعيات ذلك كله عبر تردى الأوضاع الاقتصادية، بسبب الصراعات المسلحة التى تشهدها البلاد منذ سنوات طويلة، بينما يعانى آلاف المواطنين من البطالة، بعدما انقطعت مصادر أرزاقهم، فى الوقت الذى أصبحت فيه حياتهم مهددة جراء بطش التنظيمات الإرهابية، وبالتالى صاروا يطوقون لانتصارات الجيش الليبى حتى تستعيد بلادهم قدرا من توازنها.

 

أما فى الجنوب، فربما يتكرر السيناريو الذى شهدته دولا أخرى فى المنطقة فى السنوات الماضية، حيث خرج الآلاف للمطالبة بعزل البشير، بينما استجاب الجيش، ولكن تبقى محاولات تأجيج الفوضى قائمة من قبل قوى ذات أجندات معينة، تقوم عليها جهات تحركها المصالح الشخصية، وشهوة السلطة، لتتحول المظاهرات من المطالبة بعزل الرئيس، إلى محاولات صريحة لتأجيج الفوضى، وعدم الاستقرار، عبر محاولات بعض الجهات لإثارة الوقيعة بين الجيش السودانى والشعب، وهو الأمر الذى يهدد استقرار السودان فى المستقبل.

 

وكذلك، فهناك الجزائر، والتى طالب الملايين من مواطنيها باستقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بينما لم يجدوا مجيبا سوى الجيش الجزائرى، والذى أصر على تطبيق الدستور، باعتباره الملجأ الوحيد للخروج من المأزق الذى شهدته البلاد، داعيا إلى تطبيق المادة 102 من الدستور، وهو الأمر الذى تحقق فى النهاية، إلا أن قوى الشر مازالت تحاول تأجيج الصراعات والفوضى فى الجزائر، عبر الدعوة للتظاهرات والاحتجاجات من أجل تأجيج الأوضاع هناك، لتحقيق المصالح الشخصية على حساب الأمن والاستقرار.

 

الواقع الدولى.. كابوس الإرهاب يطل بوجهه القبيح على العالم

 

ولعل إدراك المصريين الذين خرجوا بالملايين إلى لجان الاستفتاء للتصويت بـ"نعم" على التعديلات الدستورية الأخيرة، لم يقتصر على نطاق محيطهم الجغرافى أو الإقليمى، وإنما امتد إلى الواقع الدولى بأسره، وهو ما يبدو واضحا فى التهديدات التى تشهدها مختلف مناطق العالم، بسبب تنامى خطر الإرهاب بصورة كبيرة، وهو الأمر الذى يفسر كذلك مباركة الشعب المصرى ليس فقط للتعديلات الدستورية، ولكن أيضا لكافة الإجراءات التى اتخذتها الحكومة منذ عام 2014، والتى كانت تهدف فى الأساس إلى تقويض الإرهاب، عبر محاربته، ليس فقط على المستوى الأمنى، ولكن أيضا على المستوى الفكرى، والتى دعا لها الرئيس عبد الفتاح السيسى صراحة عبر دعوته لإرساء خطاب دينى معتدل.

 

ففى أكتوبر الماضى، استهدف متطرف أمريكى معبدا يهوديا فى ولاية بنسلفانيا الأمريكية، تزامنا مع وقت الصلاة، ليسقط أكثر من 10 قتلى، فى حين أصيب المئات، فى الوقت الذى تتشدق فيه واشنطن منذ عقود بكونها الواحة التى تلتقى فيها الثقافات والديانات، حيث كان الحادث بمثابة مؤشر هام على امتداد شبح الإرهاب، حيث أنه لم يعد يقتصر على دول الشرق الأوسط، ولكنه امتد إلى الدولة الأقوى فى العالم.

 

بينما تكرر المشهد المتطرف من جديد، ربما بشكل أكثر بشاعة فى أوروبا، وتحديدا فى نيوزلندا، عندما استهدف متطرف المصلين فى مسجدين بمقاطعة "كرايست تشيرش"، مما أسفر عن مقتل 50 مسلمًا لم يرتكبوا جرمًا، سوى أنهم كانوا يتقربون لربهم بالصلاة، بينما أصيب أعداد كبيرة ممن كانوا متواجدين داخل المسجد، فى حادث يعد من أبشع الأعمال الإجرامية التى شهدتها القارة العجوز عبر تاريخها.

 

أكذوبة حقوق الإنسان.. العالم أدرك رسالة السيسى متأخرًا

 

يبدو أن السلطات سواء فى الولايات المتحدة أو أوروبا الغربية، كانوا بانتظار مثل هذه الكوارث حتى يلتفتوا من جديد للنصائح التى قدمها الرئيس السيسى لهم فى خطاباته، والتى أكد خلالها أن حماية الدولة والقضاء على الإرهاب هى بمثابة جزء رئيسى من حقوق الإنسان، والتى طالما تشدق بها الغرب، فى دعواته التى تبناها للضغط على دول المنطقة لحماية النشطاء وأعضاء الجماعات التى لاقت دعمهم إبان سنوات الفوضى لتكون بمثابة أذرع لهم لتحقيق مخططاتهم، وعلى رأسها إعادة تقسيم الدول.

 

ولعل التغريدة التى أطلقها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، تزامنا مع افتتاح كاتدرائية ميلاد المسيح ومسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة فى يناير الماضى، كانت بمثابة دليلا دامغا على وصول رسالة مصر للعالم، حيث اعتبر ترامب أن الحدث العالمى مؤشرا للجهود المصرية الكبيرة التى تهدف إلى خلق مجتمع أكثر شمولا.

 

أما فى نيوزلندا، فكانت الإجراءات التى اتخذتها رئيس الوزراء جاسيندا أرديرن، بعد الحادث الإرهابى، بمثابة محاولة لاستلهام التجربة المصرية، والتى قامت فى الأساس على الحفاظ على وحدة المجتمع، وهو الأمر الذى لاقى إشادة دولية كبيرة، على الرغم من أنه جاء متأخرا إلى حد كبير.

 

ولم تقتصر التهديدات على أوروبا والولايات المتحدة، وإنما امتدت إلى آسيا، فى ظل الهجمات الإرهابية التى شهدتها سريلانكا مؤخرا، والتى استهدفت عدة كنائس تزامنا مع احتفالات المسيحيين بأعياد القيامة، ربما لتعطى دليلا جديدا على ما سبق وأن أكدته مصر فى العديد من المحافل الدولية أن خطر الإرهاب لن يقتصر على بلد بعينه أو فئة بعينها، وإنما سيمتد ليشمل الجميع، وهو الأمر الذى لم يلتفت له القادة إلا عندما شهدوا بلادهم تغرق فى بحور من الدماء.

 

لهذا قرر المصريون التصويت بـ"نعم".. لأنهم رفضوا قبول أفكار "معلبة" سعى الغرب إلى تصديرها لهم لسنوات طويلة، حول الحرية والديمقراطة وحقوق الإنسان، بينما لم تؤدى تلك الأفكار إلى الفوضى والإرهاب، حتى تذوقوا فى النهاية من نفس الكأس التى أذاقوها لغيرهم، فى الوقت الذى يجدوا أمامهم سوى التجربة المصرية لاستلهامها من أجل تحقيق التناغم المجتمعى، ودحض التهديدات الإرهابية.



 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع