-
الإصلاحات التى تتبناها الدولة المصرية مؤخرًا لدعم القطاع الخاص والتى بلغ عددها (144) إصلاحا خلال الفترة (مايو 2022 - سبتمبر2023)
-
الإصلاحات تستهدف المزيد من تعزيز جاذبية بيئة الأعمال فى مصر وتمكين الاقتصاد المصرى من الانطلاق لآفاق أرحب
-
نبذل جهودًا غير مسبوقة لتحفيز مستويات أداء عدد من القطاعات الاقتصادية الداعمة لمرونة الاقتصاد المصرى على رأسها الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لرفع مساهمتها فى الناتج المحلى الإجمالى إلى 50% فى عام 2030
ألقى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، كلمة خلال فعاليات "القمة العالمية للحكومات 2024" المنعقدة بمدينة بدبى، وسط حضور مؤثر لعدد من رؤساء الدول والحكومات، ورؤساء الوفود المشاركة، وكبار المسؤولين، والخبراء العالميين.
وفى مستهل كلمته، أعرب رئيس الوزراء عن سعادته بمشاركته اليوم فى فعاليات القمة العالمية للحكومات، التى اعتبرها حدثًا عالميًا فريدًا مُلهمًا لمختلف حكومات العالم، كما قدم شكر وامتنان جمهورية مصر العربية قيادة وحكومة وشعبًا لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة؛ لدعوتها الكريمة لمصر للمشاركة فى هذه القمة، متوجهًا بالشكر والتقدير إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبى، مثمِّنًا عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين على جميع الأصعدة.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولى إلى أن فعاليات القمة العالمية للحكومات تنعقد هذا العام وسط ظرفٍ عالمى دقيقٍ، فى ظل ما يشهده الاقتصاد العالمى من أزمات متلاحقة وتطورات جيوسياسية مؤثرة ذات انعكاساتٍ تطال جميع الدول، نظرًا لما أسفرت عنه من تحديات وتهديدات لعل من أهمها ما شهده العالم من نوباتٍ تضخميةٍ واسعة النطاق، استلزمت تغييراتٍ فى أولويات السياسات الاقتصادية، وعلى رأسها السياسة النقدية؛ باتجاه رفع متلاحق لأسعار الفائدة لمحاربة التضخم، وهو ما نتج عنه تداعيات غير مواتية على النمو الاقتصادى وتمويل التنمية، فى العديد من الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة.
ولفت مدبولى، إلى أنه فى ظل هذا الظرف الدقيق، تتجسد أهمية "القمة العالمية للحكومات" والتى تنعقد هذا العام تحت شعار "استشراف حكومات المستقبل"؛ بهدف التحديد الدقيق لطبيعة التحديات التى تواجه "حكومات اليوم"، والتفكير المُلهم فى آليات مواجهة تلك التحديات، ومن ثم التحرك نحو دورٍ أعمق وأشمل وأكثر كفاءة لـ "حكومات المستقبل".
وأوضح رئيس الوزراء، أن حكومات اليوم تواجه العديد من التحديات والتهديدات القائمة للأدوار التقليدية للحكومات، ولعل على رأسها الانعكاسات الاقتصادية للأزمات العالمية المتعاقبة والمركبة والتى أدت إلى موجات تضخمية تعتبر الأعلى على مدار عقود سابقة، إلى جانب تراجع ملموس لوتيرة نمو الاقتصاد العالمى والتى من المتوقع أن تبقى خلال العامين الجارى والمقبل أدنى من مستوياتها التاريخية المسجلة خلال الفترة من 2000 - 2019 وفق تقديرات صندوق النقد الدولى، فى ظل ارتفاع أسعار الفائدة والحاجة كذلك إلى تشديد السياسات المالية، فيما نتج عن تصاعد التوترات الجيوسياسية، تراجع مستويات التعاون الدولى، وانحسار موجات العولمة فى العديد من المجالات، وتشتت وتجزؤ الاقتصاد العالمى، قُدرت كُلفتها بما قد يصل إلى 7% من الناتج الإجمالى العالمي.
وأضاف رئيس الوزراء، أن كل تلك التطورات كان لها تأثيرات متصاعدة على تمويل النمو والتنمية الاقتصادية فى البلدان النامية واقتصادات الأسواق الناشئة، التى واجهت تحديات غير مسبوقة تمثلت في: ارتفاع ملموس لتكلفة التمويل، وضغوطات على عملاتها المحلية، وتراجع عائداتها من النقد الأجنبى، كما أثرت على قدرة تلك البلدان على تمويل أهداف التنمية المستدامة فى ظل فجوة الاستثمارات المطلوبة لتحقيق تلك الأهداف، والتى قُدرت بنحو 4 تريليونات دولار من بينها تريليونا دولار للتحول نحو الطاقة المتجددة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، علاوة على التهديدات القائمة نتيجة التحولات التى ستشهدها أسواق العمل فى هذه البلدان جراء تسارع وتيرة نمو تقنيات الثورات الصناعية، حيث يتوقع أن تتأثر ما بين 25-40 % من الوظائف بانتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
كما أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، خلال كلمته، أن الدولة المصرية حرصت - فى ظل هذه التحديات غير المسبوقة - وبدعم من قيادتها السياسية الرشيدة على تبنى مختلف السياسات اللازمة لمواجهة التحديات السابق الإشارة إليها، كما واصلت مسيرتها نحو تبنى العديد من الإصلاحات الهيكلية الداعمة للنمو والتشغيل وعلى رأسها المزيد من تشجيع القطاع الخاص، والتى تُوجت بإطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة بهدف زيادة مشاركة القطاع الخاص فى الناتج والتشغيل والاستثمارات والتصدير، الأمر الذى مكنَّ الاقتصاد المصرى من الصمود أمام الأزمات المُركبة التى شهدها الاقتصاد العالمى، وأسهم فى مجمله فى تعزيز مستويات أداء الاقتصاد المصري؛ والذى أظهر خلال السنوات الأربع الماضية قدرة كبيرةً فى مواجهة تلك الأزمات، ليُصنَّف من بين عددٍ قليل من اقتصادات دول العالم التى شهدت زيادةً ملموسة فى مستويات الناتج المحلى الإجمالى وسط هذه الأجواء، بل وسجَّل فى المقابل معدلات نمو بلغت فى المتوسط 4.3% خلال الفترة (2020-2023).
وأضاف رئيس الوزراء، أن الدولة المصرية لم تغفل فى سياق مسيرتها نحو التعزيز المتواصل لمعدلات الأداء الاقتصادى، السعى لبلوغ أهداف التنمية المستدامة 2030، وهو ما عكسه إطلاق استراتيجية التنمية المستدامة "مصر 2030"، وجهود الدولة المصرية فى هذا المجال من خلال إطلاق العديد من المبادرات التنموية، على رأسها "مبادرة حيـــاة كريمـــة: مجتمعـــات قرويـــة مُســـتدامة" لافتًا إلى أنها تمثل أكبر مبادرة تنموية أطلقتها مصر وأدرجتها منظمة الأمـم المتحدة علـــى منصـــتها الدوليـــة من بين أفضل الممارسات الدوليـــة المُعـــزِّزة لتحقيق أهداف التنمية المُستدامة، علاوة على ريادة الدولة المصرية عالميًّا لتوطين "النهج المكـانى لأهـداف التنميـة المسـتدامة"، من خلال تلك المبادرة التى تحقق سبعة أهداف مجتمعة من أهداف التنمية المستدامة.
وأشار مدبولى، إلى أن الدولة المصرية عملت - فى سياق تطلعها إلى المستقبل - على صياغة أولوياتها وتوجهاتها الاستراتيجية خلال الفترة (2024-2030)، والتى تستهدف من خلالها تحقيق نمو اقتصادى قوى وشامل ومستدام ومتوازن، وسط تركيز أكبر على نوعية النمو الاقتصادى، من خلال تعزيز مساهمة كل من الاستثمارات والصادرات فى هيكل الناتج المحلى الإجمالى إلى نحو 50%، والتركيز على وتيرة نمو اقتصادى داعمة للتشغيل؛ لتوفير ما يتراوح بين 7 إلى 8 ملايين فرصة عمل خلال تلك الفترة.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولى، أن الدولة المصرية تضع نصب أعينها التركيز على دعم قطاعات اقتصادية دافعة للنمو الاقتصادى، خاصة فى مجالات البنية الأساسية بما يساعد فى جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، لافتًا إلى أن تلك الجهود أسفرت مؤخرًا عن تقدم مصر فى العديد من المؤشرات الدولية ذات الصلة ومن بينها - على سبيل المثال - تقدمها فى مؤشر جودة الطرق بنحو مائة مرتبة، مضيفًا أن الدولة المصرية تستهدف أيضًا مواصلة جهود التطوير الشامل للبنية اللوجستية للاقتصاد المصرى، علاوة على حرص الدولة المصرية فى هذا السياق على توسيع نطاق المشاركة بين القطاعين الحكومى والخاص فى الجهود المستقبلية لتنمية البنية التحتية، من خلال تطوير نماذج شراكة ناجحة بين القطاعين العام والخاص، حيث يوجد حاليًّا أكثر من 1000 شركة من شركات القطاع الخاص تشارك فى مشروعات وطنية عملاقة تسهم فى تعزيز جهود تنمية البنية التحتية فى مصر والتى نجحت خلال الفترة الماضية فى إيجاد 5 ملايين فرصة عمل.
وأضاف مدبولى، أن الدولة المصرية تهتم أيضًا بوجه خاص بتطوير البنية التحتية لمدن الجيل الرابع بهدف الارتقاء بمستويات التطوير العمرانى، وتوفير أفضل مستويات للبنية الأساسية والتكنولوجية.
واستطرد رئيس الوزراء: "إضافة إلى ما سبق، يتم بذل جهود غير مسبوقة لتحفيز مستويات أداء عدد من القطاعات الاقتصادية الداعمة لمرونة الاقتصاد المصرى، وعلى رأسها قطاعات الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بهدف رفع مساهمتها فى الناتج المحلى الإجمالى إلى 50% فى عام 2030 مقارنة بما يتراوح بين 30 إلى 35% حاليًا".
وأضاف: "ففى إطار مستهدفات الدولة لتحقيق أكبر قدر من الأمن الغذائى، قامت الدولة بتنفيذ عدد من المشروعات القومية الكبرى المرتبطة بالزراعة بمفهومها الواسع لزيادة الرقعة الزراعية بأكثر من 4 ملايين فدان، وأسهمت تلك المشروعات فى زيادة المساحة المزروعة إلى نحو 10 ملايين فدان، والمساحة المحصولية إلى 17.5 مليون فدان، وتسجيل الصادرات الزراعية الطازجة والمصنعة المصرية لزيادة قياسية فى عام 2023، لتسجل نحو 9 مليارات دولار خلال عام 2023 بارتفاع بلغت نسبته نحو 85% مقارنة بمثيلتها المسجلة فى عام 2014.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء فى كلمته أمام القمة العالمية للحكومات بدبى، إلى أن الدولة المصرية تسعى إلى المزيد من تحفيز وتعميق التصنيع المحلى، ورفع نسبة مساهمة قطاع الصناعة التحويلية فى الناتج المحلى الإجمالى إلى 20% خلال عام 2030، وذلك من خلال مواصلة العديد من التدابير التى تم تبنيها مؤخرًا لتشجيع الاستثمار الصناعى عبر تسهيل عمليات منح الأراضى الصناعية، وتبسيط إجراءات الحصول على الموافقات والتراخيص، والبدء فى توطين (152) فرصة استثمارية صناعية، بما يسهم فى تعميق الصناعة المحلية، لافتًا إلى أن مصر تستهدف كذلك - وفى سياق استراتيجية الذكاء الاصطناعى 2030 - زيادة نسبة مساهمة تلك التقنيات لتسهم بنحو8% من الناتج المحلى الإجمالى من خلال دعم القدرات البشرية المتخصصة، وتوفير الأطر القانونية والتنظيمية والمؤسسية المواتية، وتنمية الشراكات الإقليمية والدولية الداعمة.
كما أشار رئيس الوزراء إلى صلابة قطاع السياحة فى مواجهة الأزمات والتأكيد على الأهمية الاقتصادية المتزايدة لهذا القطاع فى الاقتصاد المصرى فى ظل تفرد وتميز وتنوع المنتج السياحى المصرى، لافتًا إلى أن ذلك ساعد فى تسارع نمو هذا القطاع ليسجل أعلى وتيرة نمو بين القطاعات الاقتصادية بلغت 28% خلال العام المالى 2022/2023، فيما شهد الربع الأخير من عام 2023 إقبالًا كبيرًا فى حركة السياحة الوافدة إلى مصر.
ولفت مدبولى إلى أنه فى خضم كافة هذه التطورات، لم يغفل الاقتصاد المصرى أهمية تسريع وتيرة التحول باتجاه الاقتصاد الأخضر، منوهًا إلى أنه فى سياق حرص جمهوريةِ مصر العربية على الوفاء بالتزاماتها فى إطار مواجهة تغيُّرات المُناخ، أطلقت مصر فى عام 2022 "الاستراتيجية الوطنية لتغير المُناخ فى مصر 2050"، والتى تركز على التقليل من الانبعاثات من جهةٍ، والتعامل مع التغيُّرات المُناخية المُحتَمَلَة من جهةٍ أخرى، بما يشمل مشروعاتٍ فى إطار شراكات إقليمية ودولية بقيمة 324 مليار دولار لكلٍّ من برامج التخفيف والتكيُّف مع التغيرات المُناخية.
وأضاف رئيس الوزراء أن الحكومةُ المصريةُ تسعى فى سياق التحول نحو الاقتصاد الأخضر إلى رفع مساهمة القدرات المركبة فى الشبكة من الطاقة المتجددة إلى 42% فى عام 2030 من خلال تنفيذ عدد من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون فى قطاع الطاقة المتجددة، وتُركِّز جهودَها فى المرحلة الحاليةِ على تنفيذ استراتيجية الهيدروجين الأخضر، بما يُمكِّن من تحويل مصر إلى مركز إقليمى للهيدروجين الأخضر بحلول عام 2026، ومركز عالمى لإنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، مضيفًا أن الحكومةُ المصريةُ تولى أهميةً خاصَّة لتمويل الاستثمارات الخضراء؛ حيث تستهدف رفع نسبة الاستثمارات العامة الخضراء بالخطة الاستثمارية لعام 2024/2025 إلى نحو 50% مُوجَّهة بالأساس للإنفاق على مشروعات تتميز بالاستدامة البيئية، وتُسهِم فى الحد من الانبعاثات الكربونية.
وخلال كلمته، لفت الدكتور مصطفى مدبولى إلى أن الاقتصاد المصرى وبما يتمتع به من سوق ضخمة وإمكانات واعدة وموارد بشرية متفردة، وقطاعات متنوعة، يوفر العديد من الفرص الاستثمارية الجاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب، كما أن الإصلاحات التى تتبناها الدولة المصرية مؤخرًا لدعم القطاع الخاص والتى بلغ عددها نحو (144) إصلاحا - فقط - خلال الفترة (مايو 2022 - سبتمبر2023) تستهدف المزيد من تعزيز جاذبية بيئة الأعمال فى مصر وتمكين الاقتصاد المصرى من الانطلاق لآفاق أرحب فى المستقبل بإذن الله.
وفى ختام كلمته، توجه رئيس الوزراء بخالصِ الشكرِ والتقديرِ لدولة الإمارات العربية المتحدة قيادةً وحكومةً وشعبًا، وإلى رؤساءِ الدولِ المشارِكةِ فى القمة، وإلى جميع رؤساءِ الوفودِ المشاركةِ، والحضورِ كافَّة، آمِلًا كلَّ النجاحِ والتوفيقِ لأعمال القمة التى باتت بحق منارةً ملهمةً لكافة حكومات العالم.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع