"اسمعى يا تيتة عايدة أنا بحبك كتير كتير..أنا صرت صف أول يا ستى ..يا حبيبتى يا تيتة"، هي آخر كلمات الطفل الشهيد يوسف محمد حميد لجدته عبر الواتس آب، وذلك قبل القصف على منزلهم في غزة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، والذى اشتهر على صفحات السوشيال ميديا ببحث أمه عنه قائلة "يوسف أبو شعر كيرلى.. أبيضانى وحلو".
يوسف طفل يبلغ من العمر 7 سنوات وهو فلسطيني مصري فجدته مصرية من محافظة الشرقية وتزوجت من فلسطيني، ونشر اليوم السابع لقاء خاصا من غزة مع والد الشهيد يوسف الطبيب محمد حميد أبو موسي، والذى ذكر فيه تفاصيل عن يوسف ولحظات استشهاده، وفى حوار خاص ولأول مرة التقي اليوم السابع مع جدة وخالة الشهيد يوسف فى القاهرة، وحصل على تسجيلات صوتية خاصة ومكالمات يوم القصف على بيت يوسف فى غزة، ورسائله لجدته قبل استشهاده.
قالت عايدة عبد العزيز جدة يوسف في لقائها مع اليوم السابع:،" أنا مصرية من محافظة الشرقية وجوزي فلسطيني، توفى زوجى وانا اللي كملت الرسالة وكبرت ولادى وعلمتهم كلهم، وولادى كلهم وأحفادي يحملون الجنسية المصرية، وفيه منهم جزء عايش في غزة وجزء في الإمارات وجزء في مصر، يوسف حبيبى كان دخل أولى ابتدائي وكان روحي من جوا وكان عمرى أصلا، كان دايما يكلمني ويقوللى يا تيتة يلا تعالي اشتقتلك يا تيتة ويبعت لي رسوماته وامتحاناته وخطه اللى في منتهى الجمال، هو كان نفسه يطلع مهندس، وكان يقوللى يا تيتة افتحيلى سورة يوسف ويقول أنا يوسف الصديق وكان يقوللى حفظينى سورة الكافرون يا تيتة، وكان دايما يقولى انا مش خايف من الحرب يا تيتة أوعى تخافى، قبل ما ينقصف بيته ويستشهد بربع ساعة بنتى كانت بعتالي فويس بتقولى "يا ماما كيفك إن شاء الله بخير، احنا كويسين وبخير متخافيش عليا وعلى الولاد".
تلتقط رغد خالة يوسف طرف الحوار قائلة:" عرفت إن بيت أختى انقصف من خبر كنت بعمله وأنا في شغلى"، وعن تفاصيل يوم الاستشهاد قالت :" أنا فلسطينية مصرية مقيمة في مصر بشكل كامل بقالى 8 سنوات، انا بشتغل في قناة تلفزيونية إعلامية، فجالنا على جروب الواتس أب إنه تم استهداف شقة سكنية في شارع أبو ليلى في حي الأمل في مدينة خان يونس عائلة موسى، كنت قاعدة بصيغ في الخبر فقرأته وعرفت إن ده بيت أختى وسيبت كل حاجة واتصلت عليها ماردتش، حاولت اتصل على زوجها مكنش فيه اتصال، حاولت اتصل تانى لغاية ما رد وقالى إن البيت انقصف وأختي روان وولادها كويسين ولكن للأسف يوسف استشهد، انهرت من العياط وماقدرتش امسك نفسى وبلغت أختى اللى معايا في مصر تقفل التلفزيون عشان ماما ماتشوفش الخبر" .
وأضافت رغد: "بيت أختى عبارة عن عمارة مكونة من أربعة طوابق أختى ساكنة في الطابق الرابع، فالصاروخ نزل على بيتها وكان الولاد كلهم بيلعبوا في نفس المكان وولاد عمهم معاهم وساعة القصف السقف اللي ما بين شقة اختي وشقة أخو زوجها وقع عليهم، لما وقع في حجر وقع على يوسف، وللأسف شعره الكيرلى ماقدرش يحميه من الحجر اللى وقع عليه وتوفى في لحظتها، ساعتها الدفاع المدنى والإسعاف والناس كلها جت عشان يلحقوهم فأخذوا أختى وولادها الاثنين جورى وحميد وماكنوش ساعتها لاقيين يوسف وأختى قعدت تقولهم ابنى يوسف هنا، و وقالولها هنجيبه".
ما بين غرف الإنعاش وثلاجة الموتى كانت الأم تبحث عن طفلها الصغير يوسف، وهناك استقبلها زوجها الطبيب محمد حميد والد الشهيد يوسف وبدآ رحلتهما في البحث عنه، حتى وجدوه في ثلاجة الموتى، في هذه اللحظة انهارت الأم والطفل الصغير حميد الذى ظهر في الفيديو وهو يصرخ ويقول لهم "بدى يوسف..هاتولى يوسف".
"أنا مش متصورة ولا متوقعة أروح غزة ويوسف مش فيها بس حاولت امسك نفسى واتصلت على بنتى و حاولت أكلمها وأصبرها، مارضتش أبكي قدامها وكنت بلبس نظارة عشان أدارى وشى عنها، قعدت أقول لها يا حبيتى شهيد وانتى أم الشهيد انتى ضمنتى الجنة، هو هيمسكك من إيدك ويقول مش هدخل الجنة غير بأمي وأبويا انتى يا بشراكى دى كلها كرامات من ربنا، ده ابنى اللى هناك في غزة حكالى وقالى والله يا ماما ريحت المسك طالعة منه"، هكذا وصفت الجدة وقع الصدمة عليها.
تصف الخالة حالة الناس فى غزة قائلة:"أي حد موجود حاليا في قطاع غزة محتاج لدعم نفسى ومصحة نفسية، أختى وولادها وزوجها منهارين وغيرهم ناس كتير"، مضيفة: "صعب جدا انك تفترقي عن شخص يعتبر قطعة من روحك بس احنا بنخفف عن أختى إنه مصابها أقل بكتير من مصاب أشخاص آخرين وفيه عائلتها كاملة استشهدت ، زوج اختى روان بيشتغل دكتور في قسم الأشعة في معهد ناصر الطبي في مدينة خان يونس وهو بيقدم خدمته للجرحى والمصابين، هو تلقى نفس صدمتي، انا دخل عليا خبر استشهاد ابن أختي وهو دخل عليه ابنه شهيد، يوسف موضوعه انتشر جدا على السوشيال وكان فيه تعاطف كتير لما تقرأي الكومنتات بالآلاف تلاقي الكل بيدعي انه ربنا يصبرها فأعتقد ده اللى صبرها ".
تتذكر الجدة حكاياتها مع يوسف قائلة:"دايما اقول له شعرك طويل زي البنات قصه ، يقولى لا يا تيتة انا كمان لو رحت على المدرسة انا مش هقصه ولو قالولى قص شعرك مش هروح المدرسة أنا بحب الكيرلى ومش عاوز شعرى غير كيرلى"، كان ذلك آخر حديث بين يوسف وجدته عايدة قبل دخوله المدرسة روته لنا وهى تبكى بحرقة على أعز ما فقدت، حبيبها وأعز الولد "يوسف أبو شعر كيرلى".
تسترسل الجدة حديثها بكل قوة وصمود:" الأم كل ما بتربي ولد من ولادها بيستشهد، هما بيقتلوا الأطفال، والنساء، والشيوخ، حرام، حرام لما الأطفال لغاية دلوقتى تحت الركام متوفين مش عارفين يطلعوهم، هما عايزين يقضوا على الشعب الفلسطيني لكن هيهات يقضوا علينا هيهات ، مفيش نزوح تاني أبدا، احنا هنموت في مكانا".
هنا تكمل الخالة عبارات الجدة المؤثرة قائلة:" احنا أرواحنا فداء فلسطين واحنا كمان زي ما بيقولوا مشاريع شهادة، بس على المقابل وعلى الطرف الآخر، احنا برضو ناس بنحب الحياة احنا ناس عاوزين نعيش، قالها محمود درويش" نحن نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا"، احنا بنحارب وبنقاوم عشان نحصل على الحياة مش بنحارب ونقاوم علشان نموت".واستكملت حديثها: "بنت أخويا اسمها عايدة طفلة عمرها أربع سنوات، ليه لما تكلمني تيجي تحكي لي وتقولى قولى للشمس تفضل انا ما بحبش الليل عشان بيحصل فيه مجازر، احنا على جروب العيلة الصبح لو الشبكة جمعت أو أي حد بيلقط معه الخط بتلاقيه بعت نقطة، النقطة بتدل إنه الحمد لله عايش ، ولا بسألهم عملتوه إيه ولا عاملين إيه، خوفا من إنه تكون المكالمة مسجلة ومراقبة أقفل من هنا ألاقي صاروخ نازل عليهم من هنا".
وأنهت رغد حديثها لـ اليوم السابع قائلا " إنتو مستنيين إيه ؟ امتى هنلاقى خبر على التلفزيون مكتوب بالبنط العريض "التوصل لحل وقف إطلاق النار وسيبدأ سريانه منذ الليلة".
بينما اختتمت الجدة حديثها برسالة لحفيدها الشهيد يوسف قائلة:"يا يوسف حبيبي يا نور عيني من جوه، الله يرحمك انت عصفور من عصافير الجنة انت دلوقتى مع ستنا سارة وسيدنا إبراهيم هما اللى هيربوك".
حكايات الجدة عن الطفل الفلسطينى (1)
حكايات الجدة عن الطفل الفلسطينى (2)
حكايات الجدة عن الطفل الفلسطينى (3)
حكايات الجدة عن الطفل الفلسطينى (4)
حكايات الجدة عن الطفل الفلسطينى (5)
حكايات الجدة عن الطفل الفلسطينى (6)
حكايات الجدة عن الطفل الفلسطينى (7)
حكايات الجدة عن الطفل الفلسطينى (8)
حكايات الجدة عن الطفل الفلسطينى (9)
حكايات الجدة عن الطفل الفلسطينى (10)
حكايات الجدة عن الطفل الفلسطينى (11)
حكايات الجدة عن الطفل الفلسطينى (12)
حكايات الجدة عن الطفل الفلسطينى (13)
حكايات الجدة عن الطفل الفلسطينى (14)
هذا الخبر منقول من اليوم السابع