ستظل حرب الكرامة والمجد التى قام بها الجيش المصرى ضد المحتل الإسرائيلى فى عام 1973، هى الحرب الأعظم فى التاريخ العسكرى على مستوى العالم، حيث قام أبطال القوات المسلحة المصرية بملحمة هى الأصعب والأكبر على مر التاريخ العسكرى، وذلك بعد حرب 1967.
ورغم كل العقبات والسلاح العسكرى الضخم الذى يمتلكه المحتل الإسرائيلى حينذاك ودعم الدول الكبرى للكيان الصهيونى ومشاركتهم ودعمهم له اثناء الحرب، ضف إلى ذلك خط برليف الحصين وإطلاق اسم الجيش الذى لا يقهر على جيش الاحتلال الإسرائيلى، كل ذلك محاه أبطال القوات المسلحة المصرية من التاريخ، وجعلوا العالم يتحدث عن أسطورة حقيقية تدرسها جميع المؤسسات العسكرية حول العالم حتى وقتنا هذا، وفى المقابل أثبت المقاتل المصرى أن كل جيوش العالم مهما امتلكت من تطوير للسلاح والإمكانيات الجبارة لا تقف عائقا إمام بسالة وشجاعة المقاتل المصرى، عندما يتعلق ذلك بالتراب المصرى الغالى والذى يعد بالنسبة للمصريين كأعراضهم، فلا تكذب مقولة المصريين عندما يقولون "الأرض كالعرض".
ومهما نتحدث عن تاريخ العسكرية المصرية فى تلك الحرب، تجد ملاحم جديدة لم يستوعبها ويذكرها التاريخ حتى الآن، فكل فرد من القوات المسلحة المصرية الباسلة، كان له دورا كبيرا وعظيما فى هذه الملحمة التى تعد مفخرة لكل الأجيال المصرية على مدار التاريخ.
ويرصد "اليوم السابع " خلال تقارير مختلفة للاحتفال بذكرى أكتوبر المجيدة، ملاحم وبطولات من أبطال "القوات المسلحة المصرية "خلال حرب الكرامة واسترداد الأرض بكل ما اوتوا من قوة وتضحية من أجل كل حبه رمل داخل الارض الطاهرة "سيناء".
والتقى "اليوم السابع" أحد أبطال القوات المسلحة المصرية، الذى شارك فى حرب الكرامة والفخر لدى المصريين، حرب السادس من أكتوبر العاشر من رمضان عام 1973.
قصص وبطولات الجبهة الداخلية قبل انطلاق ساعة الصفر
هناك قصصا لأبطال شاركوا فى حرب اكتوبر، لم يتواجدوا على الجبهة ولم يشاركوا فى عبور خط برليف ودخول "سيناء"، لكن هناك قصص أخرى وبطولات عظيمة، حدثت فى الجبهة الداخلية للوطن أثناء بدء حرب أكتوبر المجيدة، وانطلاق ساعه الصفر، وعبور القوات لخط برليف الحصين واسترداد الكرامة والأرض.
والتقى "اليوم السابع" خلال تقريره الخاص بذكرى "نصر أكتوبر" مع ضابط مهندس من القوات المسلحة المصرية، شارك فى حرب العزة والكرامة حرب أكتوبر 1973، وهو ضابط مهندس السيد محمد المهدى أحمد شبانه، من مواليد 1943 بمحافظة الدقهلية، والذى تخرج في كلية الضباط الاحتياط عام 1967، وهو أحد الأبطال المشاركين فى حرب أكتوبر، والذى كلف بتأمين منطقه شمال الدقهلية، وتأمين السلاح والذخيرة فى منطقه الشمال، والدفاع عنها وإرسال السلاح والذخيرة إذا لزم الأمر وتلقى إشارة بذلك من القوات المسلحة بنقل السلاح داخل سيناء، حيث اتخذت القوات المسلحة من منطقه المنزلة كمنطقة للتأمين والدعم أيضا المتواجدة داخل سيناء.
تدرج السيد المهدي فى المناصب العسكرية داخل القوات المسلحة المصرية، حيث كلف بتأمين معدات وأسلحة وذخائر داخل تمركزه فى منطقة شمال الدقهلية، وتمكن من أسر أحد الطيارين الإسرائيليين بعد إصابة طيارة من سلاح الجو الإسرائيلى وسقوطه فى منطقة شمال الدقهلية.
الروح المعنوية بعد خداعنا فى حرب 1967
ويتحدث ضابط القوات المسلحة المصرية، السيد المهدى شبانه، أن الروح المعنوية لدى جميع أفراد القوات المسلحة المصرية بعد خسارة حرب 1967، لم تكن محبطه ابدا، وكنا نجمع انفسنا ونستعيد طاقتنا للاستعداد لاسترجاع أرضنا، وكنا على يقين أننا سنستعيد كل حبه رمل فى أرضنا الغالية "سيناء" لأن الجميع يعرف كيف خسرنا حرب 1967.
وكل ما قيل عن تلك الفترة بأن روح المقاتل المصرى انتهت واصبحت انهزامية واننا تركنا الجيش وذهبنا إلى منازلنا، ونرفض العودة مرة أخرى للقوات المسلحة غير صحيح على الإطلاق، والأفعال خير دليل على ذلك، حيث اعطت القوات المسلحة المصرية الأوامر بالتوزيع وبدء خطه انتشار الجيش فى نقاط محدده على مستوى الجمهورية، للبدء فى الاستعداد للحرب مرة أخرى والتى لم نعرف موعدها ولكننا كنا ننتظر ساعه الصفر على أحر من الجمر.
خطة التمركز وتخزين السلاح والذخيرة بعد حرب السلاح الفاسد
ويحكى ضابط القوات المسلحة المصرية، أن قيادات الجيش المصرى قامت بتوزيعهم، حيث كلف أن يكون قائد سريه وكان مكان تمركزة فى مدينة المطرية أقصى شمال محافظة الدقهلية، والتى تعد قريبه من سيناء، وكانت نقطه التمركز الخاصة بهم داخل محطه كهرباء المطرية العمومية وذلك بعد عام 1967 مباشره، ومنذ ذلك الحين ويقومون بتجهيز انفسهم للحرب، دون معرفه موعدها، لكنهم يقومون بتنفيذ المهام فقط التى يكلفون بها من القادة فى القوات المسلحة المصرية.
وبدأت القوات المسلحة المصرية فى تغيير المهام والتحرك، وكان الضابط السيد المهدى فى ذلك الوقت، والتمركز داخل مدينة المطرية، وبدأت القيادة فى إعطاءهم مهام وتدريبات متنوعه للاستعداد للحرب وساعه الصفر التى لا يعلمون موعدها، ولكنهم يستعدون بكامل قوتهم وتركيزهم.
وأكمل فى ذلك الوقت تدربت على عبور اللانشات لقناة السويس، رفقه الكثير من زملائى فى القوات المسلحة المصرية، وذلك لانسداد القناة بمعرفة قوات الاحتلال الإسرائيلي.
لواء مدرع والاقتراب من ساعه الصفر
واستكمل الضابط: قضيت حتى عام 1972، وما زلت متمركز أنا وقواتى داخل محطة كهرباء فى مدينة المطرية، ومع منتصف عام 1972، جاء تكليف من قائد قطاع بورسعيد العسكرى، اللواء على غزى، بقيادة سرية والتحرك من محطة الكهرباء بمدينة المطرية، ونقل معدات وسلاح وذخيره إلى مدينة المنزلة.
وأتت التعليمات باتخاذ إستاد المنزلة الرياضى نقطه تمركز للقوات ونقل معدات وأسلحة وذخيرة وتشوينها داخل الإستاد الرياضى، ويقول الضابط قمت بالفعل بالتوجه ومعى القوات إلى مدينة المنزلة، وقمنا بنقل المعدات والأسلحة والذخيرة المطلوب تشوينها بنجاح إلى داخل الإستاد الرياضى بمدينة المنزلة، لتكون نقطة التمركز الجديدة، ومكان آمن وسرى لتخزين الأسلحة والذخيرة، وأصبحت مدينة المنزلة هى نقطة تمركزنا الجديدة، قبل الحرب بعام ونصف تقريبا
تطويق المنطقة من كل الاتجاهات لحمايه الأسلحة والذخيرة
عندها قمت أنا والقوات المرافقة لى، بعمل كردون وتطويق آمنى كامل فى جميع الاتجاهات لحمايه المنزلة من كل الهجمات المحتملة ومنع أى عدوان عليها، وذلك لشعورنا باقتراب ساعة الصفر التى لم نكن نعلم عنها أى شيء، لكن شعورنا بأنها تقترب كان يزيدنا عزيمه وإصرار نحو تنفيذ المهام التى نكلف بها، وحرصا على سلامة السلاح والذخيرة الموجودة داخل إستاد المنزلة الرياضى.
وأصبحنا على دراية كاملة بكل صغيرة وكبيرة فى منطقة الشمال المحيطة بمدينة المنزلة، والبلاد المحيطة بها، ونتحكم فى كل مقاليد المنطقة للحفاظ على العهدة من السلاح والذخيرة، التى تم نقلها وتشوينها داخل إستاد المنزلة الرياضى، وهى مهمتنا الرئيسية التى نتواجد فى المنطقة من أجلها، وننفذ كل المهام الموكله الينا من قيادتنا فى القوات المسلحة المصرية.
1973 ساعة الصفر وبدء الثأر من الاحتلال
واستمرت القوات فى حالة تأهب واستعداد وتدريب دائم، فى انتظار اليوم الموعود وساعة الصفر للآخذ بالثأر وعوده أرضنا "سيناء" الحبيبة إلى أحضاننا مرة أخرى من المحتل الإسرائيلي.
وجاءت ساعة الصفر فى تمام الساعة الثانية ظهرا بتوقيت القاهرة، فى يوم العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر عام 1973، لتبدأ المعركة الحاسمة والتى لم نكن على علم ببدء المعركة الحاسمة، لاسترداد الأرض مره أخرى، وكان لا يعرف موعد الحرب إلا عدد بسيط فى القيادة المركزية للقوات المسلحة المصرية، حتى جاءتنى الإشارة من القائد لى بالتحرك.
التحرك لفرض خط دفاع أمامى وحماية استاد المنزلة الرياضى
تلقيت إشارة من قائد منطقة بورسعيد اللواء على غزى فى ذلك الوقت، بالتحرك مع القوات داخل العمق فى منطقة الشمال، لفرض خط دفاع أمامى وحماية المنطقة الموجود بها السلاح والذخيرة المشونة داخل إستاد المنزلة الرياضى فى ذلك الوقت، وطالبنى القائد بخروج كل القوات وتطويق المنطقة بالكامل.
وقتها أخبرنى القائد أن حرب الكرامة والعزة قد بدأت، وتحركت بالفعل أنا والقوات المرافقه لى إلى الأمام، لعمل خط دفاعى أمامى، وأثناء التحرك تلقيت إشارة أخرى، بأن القوات تمكنت من إصابة طيارة من سلاح الجو الإسرائيلى، وسقوطها فى المنطقة المتواجد فيها، مع إخبارى بأن من المرجح أن الطيار الإسرائيلى سقط فى المنطقة وعلى قيد الحياة.
التحرك لمنطقه عزب الكردى وأسر طيار إسرائيلى من داخل منزل مواطن مصرى
تحركت بالفعل بالقوات وبدأنا فى تمشيط المنطقة، والبحث عن الطيار الإسرائيلى المطلوب، حتى وصلنا إلى منطقة الكردى، وكانت عبارة عن عزب تابعة للإقطاعين، بعد خروج اليهود منها، وصلنا إلى تمشيط هذه العزب وبدأنا فى البحث فى كل مكان عن الطيار الإسرائيلى، وكنت أحمل خريطه عن كامله المنطقة ونسير بناء عليها.
ووصلت القوات إلى المنازل المتواجدة داخل العزب والبحث عن الطيار الإسرائيلى داخل المنازل، حتى وصلنا لأحد المنازل والذى شعرت فيه بارتباك من أهل المنزل، وانتابنى الشك فى ذلك الوقت أنهم يعرفون معلومة عن الطيار الإسرائيلى، وقمت وقتها بإعطاء الإشارة للجنود بتفتيش المنزل جيدا، حتى قام أحد الجنود بشد أجزاء السلاح، وقتها توجهت نحو الصوت قبل أن ينادى المقاتل عليا، ورأيت الطيار الإسرائيلى مختبئا فى غرفة النوم أسفل السرير.
استدعاء الشرطة واستكمال التمشيط
قمت بإلقاء القبض على الطيار الإسرائيلى، وإعطاء إشارة للقائد، بالعثور عليه وإلقاء القبض عليه حيا، ليقوم القائد بتقديم التحية لنا، ويعطينى تعليمات باستدعاء الشرطة الموجودة فى المنطقة وتسليم الطيار إليهم، واستكمال باقى المهمة وتمشيط المنطقة، والاستعداد الجيد لحماية المنطقة من أى عدوان أو طيران يدخل المنطقة، مع التأكيد أن الهدف الرئيس حماية الأسلحة والذخيرة الموجودة داخل استاد المنزلة.
بالفعل قمت باستدعاء رئيس المباحث ووصل هو وقوة من الشرطة المرافقة له، وقمت بتسليم الطيار الإسرائيلى إليهم، واعطاء إشارة بذلك، والعودة مره أخرى بالقوات لاستكمال تمشيط المنطقة جيدا والتصدى لأى هجوم محتمل علينا من الطيران الإسرائيلي.
بسالة القوات المصرية لحماية تراب الوطن
واستكمل أحد أبطال حرب أكتوبر، فى حالة من الافتخار والتباهى بالقوات المصرية موجها رسالة للجميع بأنهم كانوا يقيمون فى الصحراء، ويترجلون مسافات 5 كيلومترات سيرا على الأقدام، ويشربون مياه مخزنه داخل براميل مختلطه ببعض الرمال.
لكن كان دائما الأهم بالنسبة لهم، هو استرداد كرامه المصريين، والدفاع عن كل شبر من أرض الوطن، والاستعداد الدائم للدفاع عن أرضنا ضد أى معتدى، وقام بتوجيه التحية والتقدير لكل أبطال القوات المسلحة المصرية، الذين ضربوا كل أنواع الوفاء والإخلاص والتضحية من أجل وطنهم، وضحوا بالغالى والنفيس من أجل أن نعيش وتعيش الأجيال القادمة مرفوعة الرأس مفتخرة بما حدث من أشرس حرب عسكرية على مر التاريخ العسكرى القديم والحديث.
رسالة بخط يده والإصرار على كتابتها بالون التضحية والوفاء
واختتم المقاتل البطل حديثة بكتابه رسالة خطية، وإصراره أن تكون باللون الأحمر، لتكون بنفس اللون التى ارتوت به أرض سيناء الحبيبة، من أجل استردادها، وعودة كل شبر من العدوان الإسرائيلي.. أبطال حرب 1973: أنا ضابط مهندس السيد محمد المهدى أحمد شبانة، بكل الفخر حضرت حرب أكتوبر 1973 م، فى تمام الساعة الثانية ظهرا بتوقيت القاهرة، ولابد أن تفتخروا بجيشكم القديم الذى زج فى المعركة الحاسمة، والتى كتب لنا فيها النصر الأكبر بفضل الله تعالى، وتماسك الجميع قلبا واحدا حتى يحقق النصر بفضل الله الذى مهما كتبنا لن تكفينا الكتب مهما كتبنا، ونطالب الجيل الحالى والقادم بالصمود والعمل.
بطل-من-أبطال-أكتوبر
رسالة-بخط-يد-بطل-من-أبطال-أكتوبر
رساله-بخط-يد-بطل-من-ابطال-اكتوبر-2
صوره-مهندس-ظابط-من-ابطال-حرب-أكتوبر-2
صوره-مهندس-ظابط-من-ابطال-حرب-أكتوبر-73
ظابط-مهندس-مشارك-في-حرب-أكتوبر-يوجه-رساله-خطيه-لشعب-مصر
هذا الخبر منقول من اليوم السابع