استقبل المسلمون، شهر شعبان ، حيث يتوسطه ليلة النصف من شعبان التى يتجلى فيها الله على خلقه بعموم مغفرته وشمول رحمته، فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويجيب دعاء السائلين، ويفرِّج عن المكروبين، ويعتق فيها جماعة من النار ويكتب فيها الأرزاق والأعمال.
وكان المسلمون، إذا دخل شعبان أكثروا من قراءة القرآن، والصلاة على رسوله الكريم، إذ يقول المفسرون إنه الشهر الذى نزلت فيه آية الصلاة والسلام على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهى قوله تعالى: " إن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما".
ومن فضائل شهر شعبان، أنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله، وفقا لما ورد فى الحديث النبوى الشريف، وشهد أيضا تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة .
تحويل القبلة
تم تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة فى شهر شعبان، وقد كان - صلّى الله عليه وسلّم- ينتظـر ذلك برغبة قوية، ويقوم فى كل يوم متطلعاً مقلّباً وجهه فى السماء، يترقب الوحى الربانى حتى أقرَّ الله عينه وأعطاه مُناه وحقق مطلوبه بما أرضاه ، ونزل قول الله تعالى: "قَدْ نَرَى? تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" .
وهو مصداق قوله تعالى: "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى" ، ويتحقق فيه قول السيدة عائشة له: "ما أرى ربك إلاّ يسارع فى هواك" رواه البخارى، وهو صلّى الله عليه وسلّم لا يرضـى إلاّ بما يرضى به الله.
وصلّى المسلمون إلى بيت المقدس سبعة عشر شهراً وثلاثة أيام سواء ، وذلك أن قدومه المدينة كان يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة من شهر ربيع الأول وأمره الله عز وجل باستقبال الكعبة يوم الثلاثاء للنصف من شعبان وهو المشهور بين العلماء.
رفع الأعمال
من مزايا شهر شعبان المعروفة رفع الأعمال الله ، وقد جاء ذلك فى الحديث عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شـهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يُرفع عملى وأنا صائم".
تقدير الأعمال
وفى شهر شعبان تُقدّر الأعمال، والمقصود إظهار هذا التقدير وإبرازه، وإلا فإن أفعال الحق سـبحانه وتعالى لا تُقيّد بزمان ولا مكان، "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" .
جاء فى الحديث عن السيدة عائشة رضى الله عنها أن النبى صلّى الله عليه وسلّم كان يصوم شعبان كله، قالت: قلت يا رسول الله أحب الشهور إليك أن تصومه شعبان؟ قال: "إن الله يكتب فيه على كل نفس ميتة تلك السنة، فأحب أن يأتينى أجلى وأنا صائم" .
وكان صلّى الله عليه وسلّم يكثر صيامه، فى هذا الشهر ، حيث يقول أنس بن مالك رضى الله عنه: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصوم ولا يفطر، حتى نقول: ما فى نفس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يفطر العام، ثم يفطر فلا يصوم حتى نقول: ما فى نفسه أن يصوم العام، وكان أحب الصوم إلـيه فى شعبان".
فضل الصيام فى شهر شعبان
وقد سُئل النبى صلّى الله عليه وسلّم: أى الصوم أفضل بعد رمضان؟ قال: "شعبان لتعظيم رمضان"، قيل: فأى الصدقة أفضل؟ قال: "صدقة فى رمضان" .
وتقول السيدة عائشة رضى الله عنها: "كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته فى شهر أكثر صياماً منه فى شعبان".
وفى رواية لأبى داود قالت: "كان أحب الشـهور إلى رسـول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان".
وفى رواية للبخارى ومسـلم قالت رضى الله عنها: "لم يكن النبى صلّى الله عليه وسلّم يصوم شهراً أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله، وكــان يقول: خذوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يملّ حتى تملّوا، وكان أحب الصلاة إلى النبى صلّى الله عليه وسلّم ما دُوْوِمَ عليها وإنْ قلّتْ، وكان إذا صلّى صلاة داوم عليها".
شعبان شهر القرآن
جاء فى بعض الآثار تسمية شعبان بـ (شهر القرآن) ومعلوم أن قراءة القرآن مطلوبة فى كل زمان ولكنها تتأكد فى الأزمنة المباركة والأمكنة المشرفة كرمضان وشعبان ومكة المكرمة ، وهناك العديد من المرويات عن فضائل الدعاء فى ليلة النصف فى شعبان .
وقد روى عن أنس بن مالك - رضى الله عنه - أنه قال: "كان المسلمون إذا دخل شعبان أقبلوا على المصاحف فقرؤوها، وأخرجوا زكاة أموالهم؛ تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان".
هذا الخبر منقول من اليوم السابع