فى الساعة التاسعة من صباح يوم 25 يونيو عام 1968م، استقبل البابا كيرلس السادس بطريرك الأقباط الأرثوذكس، الرئيس جمال عبد الناصر وبصحبته إمبراطور أثيوبيا "هيلاسلاسى"، لافتتاح مبنى الكاتدرائية الجديد فى العباسية.
وتحتفل الكنيسة اليوم 25 يونيو بالذكرى الـ 54 لافتتاح الكاتدرائية، حيث اصطحب الرئيس عبدالناصر وفدًا يتكون من حسين الشافعى نائب رئيس الجمهورية، وأنور السادات رئيس مجلس الأمة، وبحضور قداسة البابا كيرلس السادس وأعضاء المجمع المقدس للكنيسة القبطية، وضيوف قداسة البابا من أنحاء العالم من ممثلى كنائس العالم من نيوزيلندا والهند جنوبا إلى الدنمارك والهند شمالا ومن اليابان والفيليبين والاتحاد السوفيتى شرقا إلى كندا وأمريكا غربا.
وجاء ذلك بعد أن شارك الرئيس أيضًا فى إرساء حجر الأساس يوم 24 يوليو 1965، وكان مشهد الافتتاح مهيبا، حيث شهدت كلمات من البابا كيرلس السادس، وبطريرك أنطاكيا المشرق، وباقى رؤساء الكنائس والوفد الدينية، وبعدها حيث أزاح الثلاثة، عبد الناصر وهيلاسلاسى، وكيرلس السادس، الستار عن لوحة رخامية كٌتب عليها بماء الذهب.
البابا كيرلس والرئيس جمال عبدالناصر
التكلفة وأبرز الحضور
وكان من أبرز الحضور، الإمبراطور هيلا سلاسي إمبراطور الحبشة (إثيوبيا)، وممثلى كنائس العالم من نيوزيلندا والهند والدنمارك والهند واليابان والفلبين والاتحاد السوفيتى وكندا وأمريكا.
وبلغت تكلفة البناء 150 ألف جنيه قدمها الرئيس جمال عبد الناصر فى صورة تبرع، حسبما أعلنت الإذاعة المصرية التي نقلت الحدث.
وتشكلت لجنة لاختيار المهندسين المنفذين لهذا المشروع الضخم، ووقع الاختيار على الشقيقين الدكتور عوض كامل فهمي عميد كلية الفنون الجميلة العليا، والمهندس سليم كامل فهمي، كما المهندس ميشيل باخوم، أشهر مهندس للإنشأت في مصر وفى أغسطس 1967 بدء حفر الأساسات بمعرفة شركة النيل العامة للخرسانة المسلحة "سيبكو".
وحضر الحفل 172 صحفياً أجنبياً، ونقلته قنوات وصحف عالمية، كما تم ترجمة كلمة البابا كيرلس والرئيس عبد الناصر بكافة لغات العالم.
إفتتاح الكاتدرائية
إقامة أول قداس على مذبح الكاتدرائية
وفى صباح اليوم التالي، الأربعاء 26 يوليو 1968، تم إقامة أول صلاة قداس على مذبح الكاتدرائية الجديدة، بمشاركة الكنائس الأرثوذوكسية الشرقية.
ويبلغ طول المبنى 144 مترا، وعرضه 61 مترا تقريبا، وللكنيسة قبة واحدة ومنارتين، وهي على الطراز المعماري المصري، تم تصميم المبنى بيد المهندسين عوض كامل وسليم كامل فهمي، ونفذت شركة النيل العامة للخرسانة المسلحة "سبيكو"، المبنى الذى جاء على شكل صليب.
وبذلك أصبحت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، هي مقر بابا الإسكندرية منذ ذلك الحين، بعد أن كان بالكنيسة المرقسية بالأزبكية.
ويُجاور مبنى الكاتدرائية، كنيسة الرسولين بطرس وبولس "البطرسية"، وتتفرد الكاتدرائية الجديدة بوجود رأس الشهيد مارمرقس الرسول بها، بجانب عدد من أجساد البطاركة السابقين.
الكاتدرائية المرقسية
عودة رفات مارمرقس
وقبل هذا الحفل بثلاث أيام ذهب الوفد البابوى السكندرى ومعه أعضاء البعثة البابوية الرومانية فى موكب رسمى إلى القصر البابوى بمدينة الفاتيكان وقابلوا البابا بولس السادس وتسلموا منه الرفات المقدس في حفل رسمي كان يجلله الوقار الدينى ويتسم بالخشوع والتقوى ولقد كانت لحظة تسلم الرفات المقدس بعد أحد عشر قرنا كان فيها جسد مار مرقس محفوظا في مدينة البندقية (فينيسيا) بإيطاليا لحظة رهيبة بقدر ما هي سعيدة.
وفى اليوم التالى وهو الأحد 16 بؤونة الموافق 23 يونيو أقام الوفد البابوى السكندري قداسا حبريا احتفاليا بكنيسة القديس أثناسيوس الرسولى بروما خدم فيه جميع المطارنة والأساقفة العشرة والكهنة المرافقون وقد حضر أعضاء البعثة البابوية الرومانية وجميع المرافقين من القبط وعدد كبير من الأقباط المقيمون بروما ومن الأجانب ومندوبى الصحف ووكالات الأنباء وكان قداسا رائعا رفع بروحانية عميقة. وبعد قراءة الإنجيل حمل المطارنة والأساقفة صندوق الرفات المقدس وطافوا به 3 مرات أنحاء الكنيسة ثم بخر المطارنة والأساقفة أمام الرفات بحسب ترتيب أقدمية الرسامة وكان الكهنة والشمامسة يرتلون الألحان المناسبة.
وعاد الوفد البابوي السكندري ومعه أعضاء البعثة البابوية الرومانية يحملون الرفات المقدس في يوم الاثنين في موكب رسمي تتقدمه الدراجات البخارية إلى المطار. ومن هناك استقلوا طائرة خاصة قامت خصيصا من القاهرة ووصلت إليها في العاشرة والنصف من مساء اليوم نفسه. وكان البابا كيرلس في انتظار وصول الرفات وكان يصحبه مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وعدد كبير من المطارنة والأساقفة الأقباط والأجانب ورؤساء الطوائف والأديان مصريين وأجانب وألوف من أفراد الشعب مسيحيين ومسلمين يرتلون وينشدون أحلي الأناشيد الدينية وكان المطار كله يدوي بالترانيم وعند مارست الطائرة صعد البابا إلى سلم الطائرة وتسلم من يد رئيس الوفد الصندوق الثمين الذي يحمل رفات مار مرقس الرسول وفي هذه اللحظة رأي الكثيرون وخاصة المطلون من شرفات المطار ثلاث حمامات بيضاء ناصعة البياض حلقت فوق الطائرة ولما كان الحمام لا يطير في هذا الوقت من الليل فلم يكن هذا أذن بحمام عادي ولعله أرواح القديسين ترحب برفات القديس العظيم مار مرقس.
ونزل البابا كيرلس يحمل صندوق الرفات على كتفه بين ترتيل الشمامسة ويتبعه موكب ضخم من كتل بشرية تعد بالألوف يرنمون مع الشمامسة فرحين متهللين حتى أن رئيس البعثة البابوية الرومانية ذهل من تلك المظاهرة الدينية الكبيرة وأعرب عن تأثره البالغ بتدين الأقباط وعظيم إجلالهم وإكبارهم للقديس مرقس وقال أن ما رآه فاق كل تقديره فما كان يتوقع بتاتا أن يكون استقبال رفات مار مرقس بهذه الحماسة الروحية البالغة خاصة وان الجماهير ظلت منتظره بالمطار منذ الخامسة مساء -حيث كان مقررا وصول الطائرة- إلى الساعة الحادية عشرة مساء أو يزيد.
جانب من عودة الرفات
جانب من مراسم الافتتاح
عودة الرفات
مراسم الافتتاح
هذا الخبر منقول من اليوم السابع