ـ التصدى للتريند والترافيك يتطلب تنمية المسؤولية الذاتية والمجتمعية والمؤسسية لإعلاء مصلحة الوطن
حالة من الارتباك والفوضى سادت المجتمعات من خلال الكثير من الشائعات والمغالطات التى تسببت فيها الوسائل الإعلامية الحديثة، لا سيما السوشيال ميديا بروافدها المتعددة، والتى تشهد توسعا وتحديثا إلى حد كبير، حتى باتت خلال السنوات الأخيرة بندا رئيسيا فى حياة الكثير من الأفراد وبالأخص فئتى الشباب والأطفال. ولا تكمن المشكلة فى تحديث الوسائل الإعلامية وتعديها للحدود، ومساهمتها فى تنمية مفهوم العولمة وتحقيقه متكاملا، بل فى أنها أصبحت وسيلة فى يد كل من يرغب فى إثارة الرأى العام وتهديد السلم المجتمعى والثقافى من فكر قائم على صناعة الأزمات عبر بثّ شائعات وأقاويل من شأنها إثارة الجدل والتأثير سلبيا على كثير من مناحى الحياة يمكن أن يصل إلى حد التأثير على الأمن القومى.
حملة «خليك واعى» هى خطوة فى طريق تنمية الوعى لدى المجتمع المصرى، وإلقاء الضوء على هذه الظاهرة السلبية لتوعية المستخدمين للسوشيال ميديا وعالم الإنترنت بشكل عام من أنه أولا وأخيرا عالم افتراضى، لا قيود أو قيم أو أخلاق وأسس دينية تحكمه، ومن ثم فإنه ساحة مفتوحة تتيح لكل مستخدم أن يفعل ما يحلو له، لا نحارب هنا فكرة الانفتاح والتواصل الإيجابى، وكون هذه الوسائل منصة جيدة للتعبير عن الأفكار والآراء، وإنما نواجه هنا من يستغل مساحة الحرية والإبداع التى أتاحتها لنا التكنولوجيا الحديثة، لنشر الفوضى وهدم الأسس الأخلاقية ونشر كل ما من شأنه مخالفة قيم المجتمع.
السوشيال ميديا سلاح ذو حدين، مثل كثير من الأسلحة العسكرية التى تستخدمها القوى العالمية، فهو ناعم يمكنه أن يبثّ سموما تستهدف المجتمعات من خلال شبابها وأطفالها، لتسرى ببطء فى عقولهم، موجهة إياهم فى طريق بوصلة مذبذبة، وأهداف من يعمل على نشر مثل تلك السموم، فهو بذلك يتحكم فى أجيال المستقبل إلى حد كبير، وجدير بالذكر أن تأثير السوشيال ميديا وروافدها فى المجتمعات العربية أعلى بكثير من المجتمعات الغربية، لأنهم الأكثر استخداما وتفاعلا معها، خاصة «فيسبوك، وواتس آب، وتيك توك، ويوتيوب»، وذلك بحسب العديد من الدراسات التى تمت حول مجال استخدام السوشيال ميديا.
ولا تعد ثقافة الانفتاح أمرا سلبيا، بل على العكس، فالتواصل مع الآخرين وتبادل الثقافات والخبرات والمعلومات البحثية والعلمية وما إلى ذلك شيء جيد للغاية، فهو يعمل على توسيع مدارك الأفراد وإلمامهم بجميع الثقافات، وبالتالى القدرة على التعامل فى مختلف المواقف واتخاذ القرارات السريعة، إلى جانب ازدياد نسبة الابداع. ولكن يجب الوعى بمخاطر التعرض السلبى للمواد المنشورة على السوشيال ميديا، وما نراه فى الآونة الأخيرة من عبثّ يصدر من عدد من الحسابات واللجان الإلكترونية، أو من شخصيات أصبحت شهيرة على وسائل التواصل الاجتماعى، ممن أصبح كل همهم تحقيق الشهرة وجنى المزيد من الأموال من خلال ما يسمى «ركوب التريند»، فباتت الشائعات أو الفتاوى المغلوطة أو الإدلاء بآراء مخالفة عن طبيعة المجتمع وقيمة وأسسه الأصيلة أساسا واضحا فى مثل هذه الأمور، ولعل حادث «نيرة» تلك الفتاة التى تم قتلها بدم بارد، لدليل واضح عما نتحدث عنه، فبدلا من الحديث عن القاتل ومصيره ودراسة دوافعه لارتكاب هذه الجريمة، تحول الأمر إلى حالة من الفوضى بكل معانيها، فهناك من انتقد المجنى عليها، وهناك من أطلق الفتاوى دون منبر رسمى، وتحول المجنى عليه إلى فاعل فى الحادث يُطالب بمحاسبته! ولا يعد هذا الجدل الدائر الأول من نوعه، فهناك أحداث وقضايا ومواقف أخرى اتخذت المنحى ذاته على جميع المستويات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وجميعها يجب التصدى لها بشكل فردى قبل الجماعى.
فمن هذا المنطلق يجب أن نعمل جميعا يدا واحدة على توحيد الصف لتنمية المسؤولية الذاتية، والتى بدورها تتحول إلى مسؤولية اجتماعية، بمعنى أن يعى كل فرد مستقل بذاته أن لديه مسؤولية فى الحفاظ على أمن وسلامه مجتمعه، من خلال عدم المشاركة فى نشر الشائعات والمغالطات التى نشاهدها، وتحويل جميع الأمور إلى قضايا رأى عام تتخذ حيزا كبيرا من أوقاتنا وقوتنا النفسية والمعنوية إلى حد الاستنزاف، ما يؤثر على قدرتنا على الحياة بشكل صحى والعمل بشكل جاد وتقديم المزيد مما يفيد الفرد والمجتمع والوطن.
مع الأسف يرى البعض أنه بالمشاركة وطرح رؤيته وفكره أنه يقدم شيئا إيجابيا، بينما هو بذلك - ودون أن يشعر - يتسبب فى الانتشار المزيد من الأمور التى لا تحتاج كل هذا الجدل، ويجب أن يعلموا أن مكان مناقشتها ليس السوشيال ميديا، وإنما هناك جهات مختصة بكل شىء يمكن الرجوع لها، ونقر أن الخطأ لا يتوقف عند الأفراد والمستخدمين فقط، بل أيضا هناك بعض من الوسائل التى باتت تنشر هذه الأمور لتحقيق «الترافيك» دون إدراك من القائمين عليها تسببهم فى انتشار الجدل، وأنه يجب أن يتصدى الجميع لمثل تلك الظواهر السلبية، وأن يعى الجميع أن التكنولوجيا الحديثة تكمن قوتها فى توظيفها لما فيه خير لنا ولمجتمعاتنا، وليس فى أن نصبح عبيدا لها تحركنا جميعا لتحقيق أهداف خاصة مثل الشهرة وتحقيق الثروات.
ما هى الشائعة
هى خبر لا أساس له من الصحة يتم ترويجه من شخص أو جهة ما بهدف التشويه أو إثارة الرأى العام أو إشاعة الفوضى فى المجتمعات.
6 سلبيات مؤثرة على المجتمع نتيجة الاستخدام الخاطئ للسوشيال ميديا
• تهديد الأمن والسلم المجتمعى والثقافى.
• تهديد الأمن القومى.
• انتشار المشاكل النفسية، خاصة الاكتئاب والاضطراب السلوكى.
• انتشار ظواهر منافية للعادات والتقاليد.
• انتشار الكراهية والحقد.
• انتشار الجهل بكثير من القضايا فى كثير من الأحيان بسبب فكرة «الاستسهال» والاعتماد على المصادر المجهولة.
8 آليات لتحويل التكنولوجيا إلى فاعل بدلا من مفعول به:
• التذكير الدائم بأهمية التكنولوجيا وتوظيفها لما فيه الصالح الفردى والعام، والتوعية بسلبياتها.
• تنمية روح الشعور بالمسؤولية الذاتية.
• توحيد الصف والدفع بمفهوم المسؤولية المجتمعية.
• إعلاء مصلحة المجتمع والوطن.
• استغلال أوقات الفراغ بما فيه فائدة وخير للأفراد.
• تنمية مصادر الثقافة والوعى.
• تطوير المحتوى الإعلامى.
• الاهتمام بالأطفال والحد من استخدامهم المفرط للتكنولوجيا الحديثة دون رقيب.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع