كيف فرق القانون بين جريمتى التعذيب وجريمة استعمال القسوة؟.. المشرع فرق بينهما بوجهين تشابه و3 اختلافات.. وعقوبة التعذيب تصل 10 سنوات واستعمال القسوة سنة.. وسببان للإباحة.. والنقض تتصدى للأزمة

تتضمن الأفعال المجرمة من الموظفين العموميين تجاه المواطنين عددًا من العقوبات التي حددها قانون العقوبات على سبيل الحصر توجب المساءلة الجنائية لمن قام بإكراه المواطنين أو أساء معاملتهم بحكم وظيفته العامة، إلا أن العديد لا يستطيع أن يفرق بين جريمتي التعذيب وجريمة استعمال القسوة.

وأفرد القانون عددًا من المواد التي حددت تلك الأفعال وعقوباتها في باب منفصل بعنوان "الإكراه وسوء المعاملة من الموظفين لأفراد الناس"، فقد أشار الباب السادس: الخاص بالإكراه وسوء المعاملة من الموظفين لأفراد الناس وجريمتي التعذيب واستعمال القسوة يوجد بينهما أوجه تشابه واختلاف.   

5973-download-(1)

كيف فرق القانون بين جريمتي التعذيب وجريمة استعمال القسوة؟

في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية التفريق بين جريمتي التعذيب وجريمة استعمال القسوة، وذلك من حيث التعريف والأركان والآثار المترتبة عليهما والعقوبات المنتظرة، وذلك في الوقت الذي يعرف فيه جريمة استعمال القسوة بأنها كل موظف عام أو مكلف بخدمة عامة استعمل القسوة مع أي شخص أثناء تأدية وظيفته، أو أوجب عليه عملا في غير الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك – بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض حسام حسن الجعفرى.

في البداية - معنى القسوة: سلوك يشكل خطرا على الحياة أو على سلامة الجسم، مما يسبب ألما أو ضررا ماديا أو معنويا تستهدف الاعتداء على السلامة البدنية أو الذهنية للأفراد، وأركان جريمة القسوة على ثلاثة أركان – وفقا لـ"الجعفرى":

1280397481615682007

أولا: الركن المفترض،

صفة الجاني وهو صفة الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة ذي سلطة معينة خولها له القانون، أي علاقة تقوم بين الجريمة والوظيفة ذاتها من حيث اعتماد الجاني على سلطته ووظيفته "السلطات العامة ومأمور الضبط القضائي".

 

ثانيا: الركن المعنوي،

القصد الجنائي "أن جريمة استعمال القسوة من الجرائم العمدية التي قد تتطلب من الجاني قصدا إجراميا وعلى ذلك تبطل الجريمة إذا وقعت بطريقه الخطأ".

 

ثالثا: الركن المادي،

يتمثل في استعمال القسوة مع شخص أو أشخاص من الناس أثناء قيامه بمهامه الوظيفية وعمله ويشمل إحداث ألم بأبدان الناس أو أذهانهم أو استعمال القسوة من خلال الإخلال بشرف الناس وهو كل فعل مادي من أفعال العنف يقع على الشخص التضرر "المجني عليه".

download

أولا: أوجه التشابه 

الجريمتان يتشابهان معا في أن الجاني فى كل منهما هو شخص من رجال السلطة العامة، فجريمة تعذيب المتهم لحمله على الاعتراف لا تقع إلا من موظف عام، وبالمثل أيضا جريمة استعمال القسوة، إذ لا تقع هى الأخرى إلا من موظف عام، غير أن المشرع فى المادة 129 عقوبات الخاصة باستعمال القسوة أضاف بجانب صفة الموظف العام صفة أخرى هي صفة المكلف بخدمة عامة، وسواء كان الشخص موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عامة فكلاهما من رجال السلطة العامة.

 

ثانياً: أوجه الاختلاف 

 

الوجه الأول:

لا يشترط فى جريمة استعمال القسوة أن يكون الجاني قد أتاها أثناء قيامه بأعمال وظيفته، وإنما يكفي أن تكون الوظيفة قد هيأت له ارتكابها أو ساعدته على ذلك.

 

أما بالنسبة لجريمة التعذيب - فإنه يشترط أن يقترفها الجاني أثناء أداء وظيفته، فالموظفون من فئة رجال الأمن أو البوليس يعتبرون فى حالة عمل طوال اليوم بحكم طبيعة عملهم، وذلك خلاف الحال بالنسبة لموظفي الجهات الإدارية الأخرى فى الدولة الذين تنقطع صلتهم بالعمل بانتهاء مواعيده الرسمية، وإن بقيت لهم صفتهم الوظيفية التى هى الأساس فى جريمة استعمال القسوة.

2018_9_6_0_46_50_261

الوجه الثاني:

جريمة التعذيب أن يكون الجاني فيها مدفوعا إلى ارتكابها بباعث خاص هو حمل المتهم على الاعتراف بجريمة معينة، ومن ثم فإن الركن المعنوي فى جريمة التعذيب يقوم على قصدين الأول عام، والثاني خاص، فى حين أن المشرع فى المادة 129 عقوبات لم يتطلب ضرورة توافر القصد الجنائي الخاص، لذا فإن القصد الجنائي العام وحده يكفي لقيام الركن المعنوي فى هذه الجريمة.

 

الوجه الثالث:

اشترط المشرع فى المادة 126 من قانون العقوبات الخاصة بالتعذيب أن يكون المجني عليه فى هذه الجريمة متمتعا بصفة خاصة وهي أن يكون المجني عليه "متهما" بارتكاب جريمة معينة، فالحماية الجنائية لنص المادة 126 عقوبات لا تنصرف إلى جميع الأشخاص، وإنما تقتصر فحسب على من يتمتع منهم بصفة "المتهم".

 

أما في جريمة استعمال القسوة - فلم تشترط المادة 129 من قانون العقوبات صفة معينة فى المجني عليه بل إن نصها جاء مجردا من هذا التحديد الوارد بالمادة 126 عقوبات، فالمادة 129 من قانون العقوبات تنصرف بالحماية إلى جموع الأشخاص أيا كانت صفتهم، أي سواء أكانوا متهمين، أم غير ذلك، وسواء أكانوا موظفين أم غير ذلك، لأن نص المادة 129 عقوبات قد جاء عاما محرما استعمال القسوة مع الناس – الكلام لـ"الجعفرى".

الاعتداء

ما تفسير محكمة النقص عبارة "حال تأدية وظيفته أو بسببها"؟

 

وقد فسرت محكمة النقض المصرية عبارة "حال تأدية وظيفته أو بسببها" الواردة بنص المادة 174 من القانون المدني، تفسيرا منطقيا نميل إلى الأخذ به بقولها "القانون المدني إذ نص فى المادة 174 على أن: "يكون المتبوع مسئولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها، قد أقام هذه المسئولية على أساس خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضا لا يقبل إثبات العكس، مرجعه إلى سوء اختياره لتابعيه وتقصيره في رقابتهم.  

 

والقانون إذ حدد نطاق هذه المسئولية بأن يكون العمل غير المشروع واقعا من التابع "حال تأدية الوظيفة أو بسببها" لم يقصد أن تكون المسئولية مقصورة على خطأ التابع وهو يؤدي عملا داخلا فى طبيعة وظيفته، ويمارس شأن من شئونها أو أن تكون الوظيفة هى السبب المباشر لهذا الخطأ، وأن تكون ضرورية لإمكان وقوعه بل تتحقق المسئولية أيضا كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله الضار غير المشروع أو هيئت له بأي طريقة كانت فرصة ارتكابه. 

1-120

ما عقوبة التعذيب؟ 

وفقا للمادة 126 من قانون العقوبات الباب السادس: الخاص بالإكراه وسوء المعاملة من الموظفين لأفراد الناس: "كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم أو فعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالسجن المشدد أو السجن من ثلاث سنوات إلى عشر".

 

ماذا لو مات المجني عليه؟

إذا مات المجني عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل عمداً.
 

ما عقوبة الموظف أو المستخدم العمومي أو كل شخص مكلف بخدمة عمومية استعمل القسوة مع الناس اعتماداً على وظيفته بحيث إنه أخل بشرفهم أو أحدث آلاماً بأبدانهم؟

نصت المادة 129 من قانون العقوبات: "كل موظف أو مستخدم عمومي وكل شخص مكلف بخدمة عمومية استعمل القسوة مع الناس اعتماداً على وظيفته بحيث إنه أخل بشرفهم أو أحدث آلاماً بأبدانهم يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه مصري".

 

هل هناك أسباب للإباحة في تلك الجريمة؟

 

نعم - المادة 63: "لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميري في الأحوال الآتية:

 

أولا:

إذا ارتكب الفعل تنفيذا لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه إطاعته أو اعتقد أنها واجبة عليه.

ثانيا:

إذا حسنت نيته وارتكب فعلا تنفيذا لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه.

وعلى كل حال يجب على الموظف أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري، وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاده كان مبنيا على أسباب معقولة.


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع